حرص رئيس حكومة التوافق الوطني الفلسطينية رامي الحمدالله على زيارة مستشفى الشفاء غرب مدينة غزة، وعيادة المرضى في أقسام العناية المكثفة، لإعطاء إشارة إيجابية على اهتمامه بالوضع الصحي المتدهور جداً في قطاع غزة، قبل أن يغادر عائداً إلى رام الله أمس، في وقت تعهدت «حماس» بدعم حكومته وتعزيزها، فيما أكد الرئيس محمود عباس أن «لقاء مهماً» سيعقد مع «حماس» في مصر الأسبوع المقبل لتحقيق المصالحة الفلسطينية وتمكين الحكومة من استلام مهماتها في غزة. وتوجه الحمدالله صباح أمس إلى المستشفى برفقة وزراء الصحة جواد عواد، والعمل مأمون أبو شهلا، والأشغال العامة والإسكان مفيد الحساينة، وجال في قسم العناية الفائقة لمرضى القلب. واطلع الحمدالله على أوضاع المرضى الصعبة في ظل الإمكانات الشحيحة، التي تواجهها وزارة الصحة والقطاع الصحي في القطاع غزة بفعل الحصار الإسرائيلي، وإغلاق المعابر. واستمع إلى شرح حول الصعوبات، التي تواجهها أقسام ودوائر وزارة الصحة في القطاع. كما زار الحمدالله منزل الرئيس الراحل ياسر عرفات في مدينة غزة، ومحطة تحلية المياه في مدينة دير البلح وسط القطاع، ثم غادر عبر معبر بيت حانون «إيرز» عائداً إلى مدينة رام الله وسط الضفة الغربية. والتقى الحمدالله في رام الله الرئيس عباس بعد عودته ونقل له رسالة من الفصائل الفلسطينية في القطاع، ومطالبته باتخاذ قرارات في شأن حسم رواتب الموظفين العموميين، وأزمة الكهرباء، كخطوات لبناء الثقة وتعزيز المصالحة. ووضع الحمدالله عباس في صورة زيارته غزة وتفاصيلها، وتسلم الوزراء مهماتهم والأجواء الإيجابية، التي سادت خلال الأيام الأربعة الماضية. وكان الحمدالله التقى عشرات الشباب والناشطين ليل الأربعاء الخميس في لقاء كثر فيه كيل المديح والمجاملات له من ناحية، وغضب عبر عنه أحد الشباب الذي تحدث بانفعال وصوت مرتفع. ولاقى اللقاء مع الحمدالله استحسان الشباب، إلا أنهم طالبوه بترجمة وعوده وأقواله إلى أفعال على أرض الوقع، وحل المشاكل، التي يعاني منها الشباب، وعدم ربط معاناتهم ومعاناة الناس بأي خلافات سياسية أو شخصية. كما حضوا الحمدالله والوزراء على وضع قضايا واهتمامات الشباب على رأس سلم أولوياتهم كي يأخذوا دورهم في تعزيز المصالحة. إلى ذلك، أكدت حركة «حماس» أنها «ستعمل على دعم» الحكومة و «تعزيز دورها للقيام بمهماتها». وقال الناطق باسم الحركة عبداللطيف القانوع في تصريح صحافي أمس، إن «حماس ستقدم مصلحة شعبنا العامة على أي مصلحة حزبية في حوارات القاهرة، وستتعامل بإيجابية تامة ومرونة كاملة لإنجاحها». وشدد القانوع على أن «حماس ملتزمة بالاتفاقات السابقة مع حركة فتح، وجاهزة للبدء بتنفيذها من دون حوارات وفق اتفاق القاهرة 2011». وأكدت «حماس» في بيان، أن «قطاع غزة مع وزاراته أصبح تحت إدارة حكومة الوفاق الوطني، وحماس ستعمل على دعمها وتعزيز دورها». ومن المرجح أن تلتقي حركتا «فتح» و «حماس» في القاهرة الثلثاء المقبل لاستئناف الحوار واستكمال تطبيق اتفاق المصالحة الموقع في العاصمة المصرية في الرابع من أيار (مايو) 2011. وشهدت رام الله اجتماعات مكثفة أمس، فبالإضافة إلى اجتماع الحمدالله وعباس، كان من المقرر أن يعقد المجلس الثوري لحركة «فتح»، التي تسيطر على السلطة الفلسطينية، اجتماعاً مساء الخميس. وقال (أ ف ب) الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد ظهر الخميس، في بداية اجتماع اللجنة المركزية لحركة «فتح» نشرته وكالة «وفا» الرسمية للأنباء إن «الوحدة الوطنية هدف سام بالنسبة إلينا، ونعلق عليها آمالا كبيرة وعريضة، لأنه من دونها لا توجد دولة فلسطينية». وقال عباس إن «هناك اجتماعاً مهماً في القاهرة بين حركتي فتح وحماس لوضع الأسس، والبحث في التفاصيل الخاصة بتمكين الحكومة، والخطوات المقبلة، وهذا يحتاج إلى جهد وتعب ونوايا طيبة، ونرجو أن تتوافر هذه النوايا عند الجميع». وكانت «حماس» أعلنت الشهر الماضي من القاهرة حل اللجنة الإدارية (حكومة الأمر الواقع)، التي شكلتها في آذار (مارس) الماضي، التي كانت تقوم مقام الحكومة في قطاع غزة، ما مهد لقدوم الحكومة إلى القطاع واستلام الوزرات والهيئات الحكومية الإثنين الماضي. كما تعهدت «حماس» بتنظيم انتخابات عامة في كي يتسنى للشعب الفلسطيني انتخاب مجلس تشريعي ورئيس جديدين. والثلثاء عقدت الحكومة الفلسطينية برئاسة رامي الحمدالله أول اجتماع لها منذ العام 2014 في قطاع غزة، في خطوة اولى على طريق إرساء المصالحة الفلسطينية التي سارعت إسرائيل إلى وضع شروط للقبول بها. ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أي مصالحة فلسطينية من دون اعتراف «حماس» بإسرائيل وحل الجناح العسكري للحركة التي تسيطر على قطاع غزة، وقطع علاقاتها مع إيران، العدو اللدود للدولة العبرية. وخطوات المصالحة الجارية ثمرة لجهود مصر التي أرسلت وفداً أمنياً للإشراف على سير خطوات المصالحة وتسليم الوزارات، كما أرسلت وزير جهاز المخابرات فيها وعقد لقاء مع رئيس المكتب السياسي ل «حماس» لإسماعيل هنية بعد اجتماعه مع عباس في رام الله. وتأتي هذه المحاولة الجدية لإرساء مصالحة فلسطينية بعد حوالى عقد من القطيعة بين حركتي «فتح» برئاسة محمود عباس و «حماس» التي تسيطر على القطاع منذ 2007 بعد أن طردت حركة «فتح» منه إثر اشتباكات دامية. وتحاصر إسرائيل القطاع منذ عشر سنوات وتغلق مصر معبر رفح، منفذه الوحيد إلى الخارج، ما فاقم المشكلات الاجتماعية والبطالة التي يعاني منها القطاع حيث يتجاوز عدد السكان المليونين. وخلال الأشهر الماضية، اتخذت السلطة الفلسطينية عدة إجراءات ضد قطاع غزة للضغط على «حماس» أبرزها خفض رواتب موظفي السلطة فيه، والتوقف عن دفع فاتورة الكهرباء التي تزود بها إسرائيل القطاع.