قالت مصادر سياسية مواكبة للاتصالات الجارية في شأن تشكيل الحكومة اللبنانية انه لم يعد هناك من ذرائع أمام الأكثرية الجديدة لتبرير تأخير ولادتها، خصوصاً بعدما تأخر صدور القرار الظني في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري واجتازت البلاد الاحتفال الذي أقامته قوى 14 آذار لمناسبة الذكرى السادسة لانطلاقة «ثورة الأرز». واعتبرت ان عدم التسريع في تظهير التركيبة الوزارية يوحي بأن هناك «قطبة مخفية» لا قدرة للقوى المحلية المعنية بتأليفها على كشفها وحلها. لكن المصادر نفسها لفتت الى ان لا صحة لما يتردد عن قطبة مخفية غير مرئية تضغط باتجاه تأخير تشكيل الحكومة، وقالت إذا كان المقصود من هذا الكلام عدم وضوح الموقف السوري، فهذا يتعارض مع توجه القيادة السورية الرامي الى الإسراع في الإعلان عن التركيبة الوزارية على رغم انها تفضل عدم التدخل المباشر وتدعم الجهود المحلية للتغلب على عقدة رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون. وكشفت المصادر أن الاتصالات لتأليف الحكومة استعادت زخمها منذ أول من أمس، وأن لقاء رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط مع كل من رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد ومسؤول الاتصالات السياسية في «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل يأتي في إطار تضافر الجهود لتقليص رقعة الاختلاف بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي والعماد عون وبين الأخير ورئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. وقالت ان تحرك جنبلاط يلتقي مع تحرك المعاون السياسي للأمين العام ل «حزب الله» حسين خليل باتجاه ميقاتي وعون، إضافة الى تحرك المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي النائب في حركة «أمل» علي حسن خليل. واعتبرت المصادر ان مشروع اللقاء بين ميقاتي وعون قائم في أي لحظة، لكن عقده لن يتم إلا بعد ضمان التوصل الى قواسم مشتركة ليأتي هذا اللقاء تتويجاً لكل الجهود ووضع اللمسات الأخيرة على التركيبة الوزارية تمهيداً لإصدارها، بدلاً من ان يشكل مناسبة لتكريس الاختلاف. وأوضحت ان «حزب الله» اتخذ قراره بتسهيل ولادة الحكومة ولا صحة لما يشاع عن انه يشترط على ميقاتي إدراج بند في البيان الوزاري ينص على إلغاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وقالت ان الرئيس المكلف أصبح في صورة موقف الحزب الذي ارتأى التعامل مع المحكمة من خلال القرار الاتهامي على اساس كل حالة بحالتها وأن الموقف منها يتقرر في حينه، وعزت السبب الى ان الحكومة العتيدة ستتبع سياسة تجنّب الصدام من أول الطريق مع المجتمع الدولي بتجنب الموافقة الفورية على إلغاء المحكمة. ومع ان هذه المصادر لم توضح ما تقصده بقولها ان التعامل مع المحكمة سيتم على اساس دراسة كل حالة بحالتها لتقرير الرد المناسب، فإن مصادر أخرى استبعدت ان تبادر الحكومة الجديدة الى الطعن بالقرار الاتهامي وأن يكون البديل استيعاب تداعياته على قاعدة ان لا وجود للمتهمين الذين قد ترد أسماؤهم في صلب هذا القرار. وإذ أكدت المصادر ان تأخير الإعلان عن التركيبة الوزارية بدأ يستنزف قوى الأكثرية الجديدة، وبالتالي يحرجها بذريعة عدم قدرتها على حلحلة العقد التي تؤخر ولادتها على رغم ان الحكومة ستتألف من اهل البيت الواحد بالمعنى السياسي للكلمة، قالت في المقابل ان هناك فرصة لتشكيلها نهاية الأسبوع وإلا مطلع الأسبوع المقبل، لما سيترتب عن اي تأخير من تداعيات تصيب مباشرة الفريق الواحد الداعم لهذه الحكومة. ولم تستبعد المصادر احتمال التوصل الى صيغة للتركيبة الوزارية تضم 26 وزيراً بدلاً من 30 باعتبار ان اي صيغة لا ترضي شهية المستوزرين وأن تقليص العدد يمكن ان يحد من الفائض الذي لن يكون له مردود إيجابي على التركيبة. وأكدت أن موافقة الجميع على حكومة من 26 وزيراً ستخفف عدد وزراء الدولة من 8 وزراء الى أربعة يتوزعون على السنّة والموارنة والشيعة والأرثوذكس، على ان توزع الحقائب الوزارية وعددها 22 حقيبة على المسيحيين والمسلمين مناصفة إنما انطلاقاً من البحث عن وزير للداخلية يرضى عنه رئيس الجمهورية ولا يستفز العماد عون ما يفسر تسليط الضوء على الوزير السابق ناجي البستاني ليتولى الداخلية، وهو يتولى حالياً التواصل بين بعبدا والقيادة السورية. ولا يزال عون كما تقول المصادر، يطمح لأن يكون له الثلث الضامن في الحكومة رغبة منه في تحقيق انتصار معنوي وإعلامي لا قيمة سياسية له، لأنه يعلم قبل غيره أن شركاءه في هذا الثلث لن يدخلوا في صدام الى جانب «الجنرال» في حال اختلف مع الرئيس ميقاتي، وتعتبر هذه المصادر ان علاقة ميقاتي - عون يجب ان تبقى موضع رعاية خاصة واهتمام مباشر من قبل أهل البيت لتوفير أجواء تؤسس لقيام كيمياء سياسية بينهما، باعتبار انها ليست على ما يرام في الوقت الحاضر.