أثناء حملته لإستعادة موقع رئاسة نادي ريال مدريد، أكد فلورنتينو بيريز أن مشروعه رياضي «مذهل». وينصب هدفه على توليفة هي «تشكيلة فريق من المهرة»، حاضاً على بذل جهد مضاعف «لتعويض الوقت المهدور واحتلال الصدارة مجدداً». بيريز (62 سنة) الفائز بالتزكية يرفع «لواء» الإنفاق المناسب لضمان التفوق، و»من أجل تحقيق أرباح مجزية عليك بالاستثمار الذكي». ويدرك بيريز، الذي ادار ريال مدريد بين عامي 2000 و2006، جيداً أسرار ناديه وكوامنه، وهذا ما أكدّ عليه أمام حوالى 250 صحافياً، معلناً «برنامج إنقاذ من إخفاقات مسؤولين سابقين، عماده الشفافية وأخلاقيات العمل»، غامزاً بالطبع من قناة إدارة الرئيس السابق رامون كالديرون «الكارثية»، وخصوصاً اتهامه بتزوير مستندات خاصة بانتخابات النادي في 7 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، الى تزوير التصويت عبر البريد، وخضوعه للمحاكمة. وبثقة مطلقة، يعتبر بيريز أن الأيام المقبلة زاهية ووردية، معولاّ على نصح النجم الفرنسي السابق زين الدين زيدان والأرجنتيني خورخي فالدانو. علماً أن أول قرار إجرائي إتخذه الرئيس العائد كان تعيين زيدان، صانع ألعاب منتخب فرنسا السابق وريال مدريد من 2001 الى 2006، مستشاراً له, واللاعب والمدرب في صفوف الفريق ومديره الرياضي السابق فالدانو مديراً عاماًَ للنادي ومساعداً للرئيس. وعودة فالدانو كانت محسومة، كما أن عائلة زيدان تقيم في العاصمة الإسبانية وابنه إنزو يلعب في صفوف النادي الملكي. اذاً «ورشة الترميم» إنطلقت والآمال المعقودة على الولاية الجديدة كبيرة. وكان إعلان ترشّح بيريز أثار موجة تفاؤل في النادي. أما نجاح منافسه الكاتالوني وغريمه المباشر لا يخيفه بل يحفّزه أكثر، خصوصاً أن نهائي دوري أبطال أوروربا العام المقبل مقرر في أحضان «سانتياغو برنابيه» وأعلن بيريز مضاعفة الإنفاق ثلاث مرات من أجل المشروع المذهل لإنتشال النادي من «الحفرة»، وُوصف بأنه إنتاج سينمائي ضخم. وكانت حملة بيريز الإنتخابية حملت شعار «الأمل عائد مرة أخرى»، والهدف إستعادة تقليد استقطاب نجوم العالم «الغالاكتيكوس»، على غرار ما هو معتمد منذ حقبة الرئيس التاريخي سانتياغو برنابيه، الذي يحمل ملعب النادي اسمه. وسريعاً أيضاً، أبرم ريال التعاقد مع مدرّب فياريال التشيلياني مانويل بيلليغريني. والعالمون بخفايا أروقة النادي العريق يؤكدون أن ذلك اختيار فالدانو. كما يأمل المشجعون أن يكون بيريز تعلّم من أخطائه بحق، وأن الفريق في حاجة الى مدرّب فعلي قادر على ضبط الأسماء الكبيرة. وهم يريدون رئيساً يثير رعب النادي الكاتالوني وليس شخصية كاريكاتورية. أما ورشة التغيير فقد تطاول قائد الفريق «العميد» راوول غونزاليس، اذ يبدو أن أسمه في مقدمة لائحة المرشحين للاستغناء عنهم، وعدد كبير من المشجعين بات يؤيد رحيله ويتقبّل هذه الفكرة. ولم يكن بيريز يوماً من أنصار راوول، وهو يسعى الى ضمّ نجم فالنسيا دافيد فيلا، وارث القميص الرقم 7 في المنتخب، واستقدامه يسهّل من دون شك مهمة بيلليغريني في إجلاس راوول على مقاعد الاحتياط. تكفير عن ذنوب بيريز رئيس مجلس ادارة المجموعة الإسبانية للبناء والخدمات «اي سي اس» كبرى شركات المقاولات في إسبانيا والثانية في العالم، يحتل المركز ال397 في لائحة أغنى أثرياء العالم وتبلغ ثروته 1.8 بليون دولار. كان حالماً وحقق إنجازات ضخمة لريال مدريد أهمها إنقاذ النادي من الإفلاس واستعادته الهالة الأسطورية التي افتقدها منذ حقبة برنابيه. لكنه ارتكب أيضاً أخطاء قاتلة بتحديه قواعد كرة القدم وبعدم ثقته بالمدربين. تخلّى بيريز عام 2003 عن خدمات ساعد الدفاع الفرنسي كلود ماكيليلي، الذي كان «ميزان» الفريق المتخم بالنجوم آنذاك، أمثال زيدان والبرتغالي لويس فيغو والبرازيلي رونالدو والإنكليزي ديفيد بيكهام، ما أدى لاحقاً الى إنهيار الفريق. ولم يتردد في بيع المهاجم الكاميروني سامويل ايتو الى برشلونة، ورقض التعاقد مع البرازيلي كاكا بسبب اسمه، ومواطنه رونالدينيو لأنه «بشع». وعلى رغم أن ولايته الأولى حفلت بحصد ألقاب مهمة (دوري الأبطال وكأس القارات والسوبر الأوروبية والدوري الإسباني)، لم يفز الفريق بأي لقب بين 2003 و2006، ما يشكّل أسوأ حقبة منذ 50 عاماً في تاريخ النادي. وهناك أنصار كثر لم يهضموا بعد استقالة بيريز المفاجئة في 27 شباط (فبراير) 2006 واعتبروها خيانة. وفي إطار حملته الانتخابية أقر بأن رحيله كان خطأ والعودة أفضل تعويض. ويدور همس حول «فضائح» إرتكبها المدير الرياضي السابق الصربي بريداغ مياتوفيتش، وهو ترك إرثاً ثقيلاً بعدما أنفق خلال 30 شهراً فقط، نحو 300 مليون يورو، أي بمعدل 10 ملايين يورو شهرياً، وسط اتهامات بحصوله على عمولات من صفقات التعاقد مع اللاعبين. وصحيح أن الفريق أحرز لقب الدوري المحلي في الموسمين الماضيين، لكن ذلك تزامن مع تراجع برشلونة، والذي ما أن استعاد مستواه المعهود هذا الموسم، حتى ظهر الفارق جلياً في مصلحته. أنصار ريال يطالبون بقهر ماكينة التهديف واللعب الجميل في برشلونة، وإنهاء حال الفوضى العارمة التي تعصف بناديهم. وترسيخ هوية كروية ومؤسساتية واضحة ونهائية، على غرار تلك التي أوجدها الهولندي يوهان كرويف في النادي الكاتالوني.