قررت «لجنة الدفاع عن حقوق البطالين» في الجزائر تنظيم تظاهرة وطنية في العاصمة في العشرين من الشهر الجاري، رافعة شعار «عمل لائق لكل جزائري وجزائرية» تطالب فيها الحكومة بمنحة بطالة تساوي نصف الأجر الوطني المضمون، وفتح فرص عمل دائمة وإعفاء الشباب من الخدمة الوطنية ابتداء من سن ال25. أما الطلبة الذين شكلوا تنظيماً حراً أطلقوا عليه اسم «التنسيقية الوطنية لطلبة الكليات والمدارس» فقد حولوا الجامعات الجزائرية إلى منابر مطلبية وقرروا تنظيم لقاء وطني في جامعة بوزريعة في العاصمة هذا الأسبوع لمناقشة المطالب المطروحة وتوحيدها. وينظر الشباب العاطل من العمل من خلال لجنة الدفاع إلى الإجراءات الأخيرة التي اتخذها مجلس الوزراء على أنها «ذر للرماد» و «لا تلبي طموحات البطالين». أما أجهزة التشغيل التي تعتمدها الدولة مثل الوكالة الوطنية لتسيير القروض المصغرة (أونجيم) والوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب (أونسيج) فقد اعتبرتها المنظمة المذكورة «دمقرطة للسرقة والنهب وإهدار للمال العام»، وفق البيان الذي أصدرته. ويطالب ممثلو العاطلين من العمل بالحصول على منحة تساوي نصف الأجر الوطني الأدنى المضمون (سميك)، وتثبيت أصحاب عقود العمل الموقتة والعاملين في الشبكة الاجتماعية في مناصبهم. ودعا المحتجون الحكومة إلى اقامة تعاونيات فلاحية عمومية كبرى تشغل عدداً كبيراً من الشباب وتساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء وكذلك فتح المصانع المغلقة لعودة العمال وتوظيف الشباب بدلاً من إعطاء الأموال والأراضي من دون رقابة ولا محاسبة. وعرفت مطالب الشباب دعماً حتى من الخارج، وتحديداً من الكونفيديرالية العامة للشغل الفرنسية التي شجعت الشباب على المضي في مطالبهم من أجل رفع الغبن الاجتماعي، معتبرة أن الحق يحتاج إلى مطالبة. العاطلون من العمل الذين لم يكتفوا بإعلان رئيس الجمهورية إعفاء الشباب من الخدمة الوطنية ابتداء من سن الثلاثين طالبوه بتعديل القرار ليشمل البالغين 25 سنة. وفي المقابل أعرب بعض الشباب عن تخوفهم من أن تكون هذه اللجنة المدافعة عن مطالبهم مفتعلة من السلطة ولعبة لتهدئة النفوس كما قال سليم البالغ 27 سنةً، وزاد: «أخشى ألا تكون هذه اللجنة أكثر من مجرد طرف في لعبة النظام وطريقة لإسكاتنا». أما فريدة، وكانت عاملة بموجب آلية عقود ما قبل التشغيل قبل أن تسرح، فذكرت بأن المطالب التي تقدمت بها اللجنة تمثل مطالب الفئة العاطلة من العمل كلها، مضيفة أنها تتفق مع اللجنة في رفضها قرار مجلس الوزراء تمديد العمل بعقود ما قبل التشغيل لمدة ثلاث سنوات معتبرة إياه إطالة لعمر الهشاشة والرداءة الاجتماعية، ومؤكدة أن المطلوب هو إيجاد فرص عمل دائمة. أما محمد وهو متخرج في قسم اللغة الفرنسية منذ سنتين من دون أن يجد فرصة عمل فقال: «بالنسبة لي أهم المطالبات هي تلك المتعلقة بتخفيض سن الإعفاء من الخدمة الوطنية إلى 25 سنة، وإن كنت أرى أن أفضل حل هو إلغاؤها وتعويضها بالنظام الاختياري للخدمة أو تقليص مدتها إلى 24 ساعة كما هو معمول به فرنسا». وينظم الطلبة الجزائريون الخاضعون لنظام (ليسانس - ماستر - دكتوراه أو كما يطلق عليه في الجزائر، أل.أم.دي) سواء المنتمون إلى الكليات أم المدارس العليا من بداية الأسبوع المنصرم احتجاجات وتظاهرات ومسيرات، وقد أنشأوا تنظيماً طالبياً حراً اسمه «التنسيقية الوطنية لطلبة الكليات والمدارس» للتميز عن التنظيمات الطالبية النظامية المعروفة والتي اتهموها بخدمة مصالح الإدارة والسعي إلى إجهاض احتجاجاتهم. ومن المحتجين من يطالب الوزارة بمنحهم الحق في الحصول على شهادة مزدوجة هي مهندس دولة وماستر مع التسجيل في الدكتوراه من خلال تنظيم مسابقات بدل الترتيب بحسب المعدلات. ومنهم من يطالب بإلغاء نظام «أل.أم.دي» جملة وتفصيلاً حيث وصفوه «بمقبرة الطلبة» ذلك أنه لم يرافق بوسائل نجاحه عند إنشائه عام 2004 ما أدخل الطلبة في متاهة كبيرة لم تهتم لها الإدارة على رغم كثرة الشكاوى. كما ينظرون إليه بعين الريبة ويقولون انه من إملاءات الخارج لضرورة تفرضها السوق معتبرين الفصل بين العلم والسوق ضرورة حاسمة من أجل الرفع من مستوى الجامعة والقيمة العلمية للشهادة، لذلك تتعالى المطالبات اليوم بالعودة إلى النظام الكلاسيكي الذي يعرف طريقة تكوين واضحة وتقبل شهاداته في التوظيف. ونظمت التنسيقية العاشر من الشهر الجاري لقاء للاتفاق على أرضية مطالب مشتركة في انتظار تجمع متوقع في العشرين من الشهر نفسه أمام وزارة التعليم العالي التي باتت مكان الاحتجاجات الأول في الجزائر حيث تجمع أمامها ما لا يقل عن 4000 طالب الأربعاء الماضي رفعوا لافتات احتجاج مطالبين الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بالتدخل لإنهاء الأزمة. وتعد الجزائر حوالى مليون ونصف مليون طالب يتخرج منهم سنوياً أكثر من 100 ألف. وهي الأرقام التي اعتمدتها رئيسة حزب العمال لويزة حنون عندما ناشدت الرئيس التدخل وحسم الأمر لمصلحة الطلبة لأن تحركهم لن يكون مجانياً. كما جاء التأييد من بعض الأحزاب، مثل حزب «التجمع من اجل الثقافة والديموقراطية» وحزب «جبهة القوى الاشتراكية»، التي وقفت بوضوح إلى جانب مطالبات المحتجين الشباب. وهو ما جعل الطلبة يتبرأون من كل تلك الأحزاب ويؤكدون ان مطالبهم بلا لون سياسي وأن الهدف الوحيد هو تحقيق أهداف أكاديمية وخدماتية ليس إلا.