تعكس المشاركة الواسعة من جانب شخصيات سياسية ومجموعات مدنية ومنظمات غير حكومية من أميركا اللاتينية في مؤتمر التحالف الأميركي اللاتيني للسلام في الشرق الأوسط، الرغبة المتزايدة لدى هذه الدول في تعزيز حضورها في عملية السلام انطلاقاً من احتضانها مبادئ القانون الدولي في قراءتها للنزاع، وهو ما يطمح الجانب الفلسطيني الى توظيفه لزيادة الضغط على اسرائيل وعزلها على الساحة الدولية. وقال منظم المؤتمر، السفير الفلسطيني السابق لدى واشنطن حسن عبدالرحمن ل «الحياة» ان التوقعات كانت ان يحضر نحو مئة شخص في مؤتمر كوستاريكا الذي يختتم أعماله اليوم، والرقم وصل الى 200 شخص جاؤوا من السلفادور ونيكاراغوا وجمهورية الدومينيكان والأرجنتين وغيرها للمشاركة في خطوة هي الثانية من نوعها للتحالف. وفسر السفير السابق هذا الحضور الذي ضم وزراء خارجية كوستاريكا والدومينيكان ورؤساء حاليين وسابقين، برغبة قوية لدى دول أميركا اللاتينية بأن يكون لها دور أكبر في ملفات شرق أوسطية على رأسها عملية السلام. وضم الحضور أيضاً مجموعات يهودية في أميركا اللاتينية والتي لها نفوذ قوي ساعد في حصد الدعم لإسرائيل على مدى سنوات اذ كانت كوستاريكا والسلفادور بين الدول التي اقامت سفارات في القدس. غير أن التطورات في السنوات الأخيرة تعكس التحول في موقع أميركا اللاتينية من النزاع، اذ أقفلت كوستاريكا والسلفادور سفارتيهما في القدس، واعترفتا أخيراً بالدولة الفلسطينية. ويرى عبدالرحمن أن اعتراف 15 دولة من هذا القطب بدولة فلسطين هو تعبير عن احتضانها للقانون الدولي وتطلعها لدور أكبر في ملفات المنطقة. ويستخدم الجانب الفلسطيني القانون الدولي ومبررات الشرعية الدولية لحصد هذا الدعم، وهو السبيل الذي تسعى السلطة الفلسطينية الى المضي به لكسب شرعية أكبر في الأممالمتحدة. وأشار عبدالرحمن الى أن لدول هذه المنطقة صوتاً فاعلاً في الأممالمتحدة (34 عضواً)، وأن التوجه الفلسطيني اليوم هو في الاستفادة من هذا الحضور لتقوية بنية المجتمع المدني في الأراضي الفلسطينية وزيادة التعاون بين النقابات العمالية، وفي شكل أكبر حصد دعمهم للمواقف الفلسطينية على الساحة الدولية، و «هو الأمر الذي يخيف إسرائيل ويساهم في زيادة عزلتها». وأضاف عبدالرحمن أن الجانب الفلسطيني «ليس وراء وساطة من أميركا اللاتينية في عملية السلام، بل إرساء تعاون أكبر واستخدام نفوذها الاقتصادي والسياسي للضغط على اسرائيل». وتعكس المشاركة على مستوى الرؤساء، بينهم الرئيس السابق لكوستاريكا أرياس سانشيز ورئيس جمهورية الدومينيكان ليونيل فرنانديز، القفزة التي حققتها مجموعة التحالف في حصد دعم النخبة السياسية لهذه البلدان. ورأى عبدالرحمن نقاط تقارب كبيرة بين أميركا اللاتينية ودول المنطقة إن لجهة الوجود الكبير للجاليات العربية فيها، أو لجهة معايشتها ثورات تحولية توازي التطورات في العالم العربي اليوم. وتمثل كوستاريكا الدولة التي لا تملك جيشاً وتحتضن جامعة السلام التابعة للأمم المتحدة، نموذجاً فريداً في أميركا اللاتينية قابلاً للتطبيق، برأي عبدالرحمن، في الأراضي الفلسطينية.