ارتفعت أسعار النفط أثناء التعاملات أمس مع استمرار التوترات في شمال العراق، في أعقاب استفتاء في المنطقة الكردية جاءت نتيجته لمصلحة الانفصال. وصعدت عقود خام القياس العالمي مزيج «برنت 55 سنتاً أو ما يعادل 0.95 في المئة إلى 58.45 دولار للبرميل، وكان سجل أعلى مستوياته في أكثر من سنتين عندما بلغ 59.49 دولار الثلاثاء بعد أن دفع الاستفتاء الذي أجري يوم الاثنين تركيا إلى التهديد بغلق خط الأنابيب الذي ينقل النفط من إقليم كردستان العراق. وصعدت عقود الخام الأميركي الخفيف 25 سنتاً إلى 52.39 دولار للبرميل بعد أن ارتفعت 26 سنتاً في الجلسة السابقة ولتبقى قريبة من أعلى مستوياتها في خمسة أشهر. في سياق متصل، أكدت مصادر في «منظمة الدول المصدرة للنفط» (أوبك) والقطاع، أن منتجي النفط في الشرق الأوسط الأعضاء في المنظمة قلقون من أن ضعف الطلب وفائض الإمدادات في الربع الأول من 2018 قد يقوّضان ارتفاع أسعار النفط الذي قاد «برنت» إلى الصعود نحو 30 في المئة منذ حزيران (يونيو). وأشارت مصادر في قطاع النفط الخليجي إلى أن «السعودية، أكبر منتج للخام في أوبك، ترغب في الوصول قرب 60 دولاراً للبرميل هذه السنة». واستبعد مصدر في القطاع الخليجي أن يكون الوضع هذا «قابلاً للاستمرار»، مستنداً إلى فائض محتمل في المعروض من منتجي النفط الصخري في الولاياتالمتحدة في الأشهر القليلة الأولى من عام 2018 بفعل الأسعار المرتفعة حالياً. ولفت مصدر آخر من القطاع في الشرق الأوسط، إلى أن ارتفاع الأسعار «قد يكون قصير الأمد»، مضيفاً: «أعتقد أن نطاقاً بين 50 و55 دولاراً للبرميل جيد. لا تريد أن ترى الأسعار ترتفع إلى 60 دولاراً أو أكثر لأنها بعد ذلك ستجلب مزيداً من النفط الصخري». وأشار مصدر في «أوبك» إلى أن «أكثر ما أخشاه هو كيف سيتفاعل الطلب في الربع الأخير وأوائل الربع الأول من العام المقبل. قد ينخفض بشدة». وقال مصدر ثالث في القطاع من أحد منتجي الشرق الأوسط إن «الخفوضات ستمدد لكن المسألة هي متى سيتم الإعلان عن ذلك؟ هل سيكون في تشرين الثاني (نوفمبر)؟ أم من الأفضل الانتظار لفترة أطول قليلاً وإعلانه في كانون الثاني (يناير)؟»، مضيفاً أن «السوق آخذة في التحسن... من ثم يمكنك أن ترى أثر الخفوضات»، لافتاً إلى أن «السوق تحركت الآن صوب الوضع الذي تزيد فيه أسعار التسليمات الفورية عن الأسعار الآجلة». إلى ذلك، قال نائب العضو المنتدب للتسويق في مؤسسة البترول الكويتية وليد البدر في تصريح لوكالة «رويترز» إن بلده يتوقع إبرام صفقات جديدة لتزويد مشترين صينيين بالخام وسط طلب قوي على صادراتها في آسيا. ويعتزم البلد الخليجي أيضاً تصدير صنف جديد من الخام الخفيف بحلول كانون الثاني (يناير) وإنفاق 120 بليون دولار على مدى الأعوام الخمسة المقبلة للتوسع في أنشطة المنبع والمصب وفقاً لما أكده. وأشار في مقابلة بمقر المؤسسة في سنغافورة إلى «أننا أصبحنا نلحظ هوامش تكرير صحية للغاية (...) يرجع هذا بالأساس إلى خفوضات أوبك في الأشهر الأخيرة» لافتاً إلى مساعي المنظمة لكبح معروض الخام العالمي. وأضاف: «نلحظ طلباً جيداً جداً على الخام المتوسط العالي الكبريت وتلقينا طلبات من زبائن للحصول على شحنات إضافية أو بخصوص عقود جديدة في الصين». ومن بين المشترين بعض شركات التكرير الصينية المستقلة الصغيرة، المعروفة باسم «أباريق الشاي»، وفقاً للبدر الذي كان في الصين الأسبوع الماضي. وأضاف أن هناك بعض الاستفسارات «المؤكدة» من المشترين تعلقت بشكل أساس بشحنات أولية منفردة بمقدار مليوني برميل مع إمكان مناقشة عقود محددة المدة للعام المقبل. وقال البدر إن «الكويت تخطط أيضاً للبدء في بيع صنف جديد من الخام يطلق عليه خام الكويت الخفيف الممتاز اعتباراً من كانون الثاني (يناير)، مشيراً إلى أن «إنتاج النوع الجديد من النفط قد يصل إلى 120 ألف برميل يومياً لكن الشركة لا تزال تدرس آلية تسعيره». واعتبر أن خطة الإنفاق الرأسمالي للبلد الخليجي المنتج للنفط بدءاً من السنة الحالية وحتى 2022-2023 هي 120 بليون دولار، ومن المتوقع أن يكون معظم الإنفاق لعمليات المنبع. وتبلغ الطاقة الإنتاجية للكويت حالياً 3.2 مليون برميل يومياً وتسعى المؤسسة لرفعها إلى نحو 3.3 مليون برميل بنهاية السنة المالية المقبلة. وقال البدر إن الكويت تضخ نحو 2.7 مليون برميل يومياً ملتزمة بهدفها الإنتاجي في إطار اتفاق «أوبك». وأشار إلى أنه يتوقع أن تمدد «أوبك» خفوضات الإنتاج إلى ما بعد آذار (مارس) 2018، إذ ترى مؤسسة البترول الكويتية أن أسعار النفط ستكون في نطاق بين 50 و60 دولاراً للعام المقبل.