يبدو أن قضية التحكيم الأزلية في الملاعب السعودية ستواصل حضورها الساخن على خشبة مسرح الأحداث المحلية في كل جولة من الجولات الكروية، وستأخذ نصيب الأسد من الاهتمام والتفاعل والتصريحات النارية من مسيّري الأندية الذين مارسوا كل وسائل الهجوم والانتقاد والتجريح والتقليل من شأن الحكام، وعزاؤهم في ذلك ما تتعرّض له فرقهم من أخطاء تحكيمية فادحة أو ظلم تحكيمي أو على حد قولهم وزعمهم «مذابح ومجازر» وغيرها من الألفاظ القاسية الرنّانة التي باتت حاضرة بقوة في سماء الاستحقاقات الكروية السعودية، لتنتقل العدوى من الحكام المحليين إلى الحكام الأجانب الذين لم يأتِ أكثرهم بجديد في ظل الأخطاء البدائية والكوارث التحكيمية التي منحت الشارع الرياضي المزيد من التعصّب المنبوذ والاحتقان الممقوت. ولم تنجح محاولات الاتحاد السعودي المتواصلة وخططه المستمرة في تطوير أداء الحكام، على رغم الاستعانة ببعض الخبراء من الدول العالمية المتقدمة، ولم تنفع سياسة التجديد المتكررة وتغيير رؤساء لجنة الحكام في الأعوام الماضية، بعدما ظل الوضع مكانك سر، والأخطاء تتزايد في شكل لافت للنظر، حتى من بعض الحكام الشبان الذين كانوا يُشكلون بارقة أمل مضيئة للحكم المحلي السعودي، ما زاد الوضع التحكيمي تعقيداً، وأصبحت الأندية في حال خوف كبير وذعر شديد قبل النزالات الكروية ليس من قوة المنافسين ولكن من قضاة الملاعب وأخطائهم المؤثرة التي تنسف كل الجهود وتتحكم في النتائج وتجيّر النقاط من فريق إلى فريق آخر بصافرة غير منصفة في أقل جزء من الثانية. وحظيت الجولات الكروية الأخيرة الفائتة بانتقادات لاذعة وتصريحات ساخنة من مسيّري الأندية السعودية بسبب الأخطاء التحكيمية الفادحة، وكانت مواجهة نجران والتعاون في نجران نقطة الشرارة الكبيرة التي فجّرت الأوضاع بين الناديين، إذ تسبب الحكم الشاب فهد المرداسي في خسارة أصحاب الضيافة بقراراته التحكيمية غير الموفقة، وفي مقدمها ركلة الجزاء التي جاء منها الهدف الأول، وحالتا الطرد اللتان نالهما محترفا الفريق البرازيلي جوليانو والأردني أنس بن ياسين، ليأتي رد الفعل العكسي من النجرانيين الذين تطرقوا لأمور بعيدة عن أرض الميدان، وتحدثوا عن سكن المرداسي في القصيم وعمله في مدرسة هناك مع أحد لاعبي التعاون المشاركين في اللقاء، وكأنهم يُلمحون إلى مؤامرة وتعاطف بين المرداسي والتعاونيين. ولم يسلم فريق النصر من أخطاء التحكيم أول من أمس أمام القادسية، إذ حرم مساعد الحكم عبدالعزيز الكثيري المهاجم سعود حمود من هدف صحيح بعدما تجاوزت الكرة الخط بكامل محيطها، ليخسر النصر نقطتين ثمينتين ويخرج متعادلاً مع ضيفه من دون أهداف، وتبادل منسوبو الأهلي والهلال الاتهامات تجاه طاقم التحكيم النمساوي بقيادة الحكم أوليفر دراشتا، إذ أكد الأهلاويون أن الحكم تغاضى عن طرد السويدي ويلهامسون وحرمهم من الكثير من الأخطاء، فيما هاجم الهلاليون الحكم وأكدوا عدم صحة الهدف الأهلاوي، مشددين على أن الحوسني دفع ماجد المرشدي، كما أكدوا أن الحكم لم يشهر البطاقة الحمراء للحوسني بعد ضربه الزوري. وتحدث أخطاء التحكيم في كل ملاعب الكرة المنتشرة في العالم ولكنها تتزايد بكثرة في السعودية كما يشير إلى ذلك عدد من رجال القانون، على رغم الجهود المتواصلة التي يبذلها رئيس اللجنة عمر المهنا لتطوير أداء الحكام، وقد يكون للهجوم المستمر من رؤساء الأندية دور كبير في ذلك، إذ تتأثر مشاعر الحكام في كل مكان من سيل الانتقادات والتصريحات النارية، ولذا لم تقدم الساحة السعودية في السنوات العشر الأخيرة إلا الحكم الدولي خليل جلال والشاب فهد المرداسي اللذين تأثرا من الوضع الحالي لبقية الحكام وبدأت أخطاؤهما وهفواتهما تظهر بوضوح في بعض مباريات دوري زين السعودي.