بعد نحو أسبوع من إقرار مناطق «خفض التوتر»، شنت طائرات حربية روسية وسورية غارات جوية على قرى وبلدات جنوب محافظة إدلب وفي الريف الشمالي لمحافظة حماة، رداً على هجمات شنتها «هيئة تحرير الشام»، التي تضم «جبهة النصرة». وتأتي الهجمات استباقاً لتوغل تركي متوقع في إدلب، ووسط تعزيزات عسكرية أرسلتها أنقرة أمس إلى ولاية كليس (جنوب) الحدودية مع سورية. وحذرت فصائل معارضة من أن التصعيد العسكري المفاجئ في إدلب وحماة يفتح الباب أمام تكرار «سيناريو حلب». واتهمت وزارة الدفاع الروسية «سورية الديموقراطية»، المدعومة من «التحالف الدولي» بفتح سدود على نهر الفرات لمنع القوات النظامية من التقدم في دير الزور. وتحت عنوان «يا عبادَ الله اثْبُتوا»، بدأت «هيئة تحرير الشام» هجوماً على القوات النظامية وحلفائها في حماة وإدلب. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الهجوم استهدف مواقع القوات النظامية في ريف حماة الشمالي الشرقي بعد تمهيد مدفعي، لافتاً إلى سيطرة قوات الهيئة على عدد من القرى. وتحدث «المرصد» عن «معارك طاحنة تدور رحاها على الحدود الإدارية بين محافظتي حماة وإدلب». وأوضح أن «الغارات مستمرة في كل من ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي وهي الأعنف منذ إعلان مناطق خفض التوتر». وأعرب معارضون سوريون عن مخاوفهم من تكرار «سيناريو حلب» في إدلب، محذرين من انهيار الهدنة قبل أن تطبق فعلياً. وقال عضو وفد المعارضة في آستانة يحيى العريضي، إن «إطلاق جبهة النصرة غزواتها اليوم في المنطقة التي شملها اتفاق التهدئة لإدلب مطلوب من النظام وإيران، لأنهما لا يريدان لهذا الاتفاق أن يتم». وزاد: «أردنا للاتفاق أن ينقذ إدلب من عين العاصفة... وها هي النصرة توفر الذريعة»، متسائلاً: «هل نحن أمام تكرار سيناريو حلب؟». واعتبر القيادي في «الجيش الحر» مصطفى سيجري، أن زعيم «النصرة» أبو محمد الجولاني «يسعى إلى إعطاء إيران مبرراً لنقض الاتفاق، ويريد تسليم إدلب كما حلب والموصل والرقة». في موازاة ذلك، دعت وزارة الدفاع الروسية أميركا وحلفاءها في المعارضة السورية إلى «عدم عرقلة» عمليات القوات النظامية في حربها ضد «داعش» في دير الزور. وقال الناطق باسم الوزارة إيغور كوناشينكوف في بيان أمس: «كلما اقتربت نهاية داعش في سورية، كلما ظهرت حقيقة من يقاتلهم على الأرض، وكذلك حقيقة من يلعب دوراً تمثيلياً فقط، ولذلك إذا كان التحالف الدولي بقيادة واشنطن لا يرغب في قتال الإرهابيين في سورية، فعلى الأقل عليهم ألّا يعرقلوا عمل من يحارب الإرهاب في شكل متواصل وفعال». وتحدث كوناشينكوف عن قيام «قوات سورية الديموقراطية» بفتح المياه من السدود على نهر الفرات، بما يؤدي إلى إعاقة تقدم القوات النظامية في دير الزور. وزاد «خلال أربع وعشرين ساعة ظهرت مشكلات في مستوى المياه بنهر الفرات... فعندما بدأت قوات الجيش السوري بمحاولة عبور النهر، ارتفع منسوب المياه وفي شكل مفاجئ، كما زادت سرعة التيار إلى الضعف ولغاية مترين بالثانية». إلى ذلك، نفت أوساط روسية صحة تقارير تحدثت عن سعي الرئيس فلاديمير بوتين إلى بلورة اتفاق في سورية يرضي كلاً من إسرائيل وإيران. وقال مصدر قريب من الخارجية الروسية ل «الحياة» إن «الاستراتيجية الروسية في سورية واضحة وتلتزم قواعد القانون الدولي وتسعى إلى مراعاة مصالح كل بلدان المنطقة مع احترام سيادة الأراضي السورية ووحدتها». وكانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية نقلت عن مصادر في موسكو أن بوتين ينوي اقتراح صيغة على تل أبيب وطهران، لا تسمح لأي بلد أجنبي بتحويل سورية إلى منصة للهجوم على الدول المجاورة. وزادت أن اقتراح بوتين لن يلبي إصرار تل أبيب على منع إيران من ضمان وجود دائم لها في سورية، لكنه سيمنعها من تأسيس قواعد جوية وصاورخية هناك. ولم يصدر تعليق روسي رسمي على التسريبات.