اعتبرت الحكومة السورية اتفاق «خفض التوتر» في إدلب، الذي تم التوصل إليه خلال محادثات آستانة «موقتاً... لا يضفي الشرعية على أي وجود تركي على الأراضي السورية». في موازاة ذلك، ظهرت ملامح صدام وشيك بين القوات النظامية السورية و «قوات سورية الديموقراطية» التي يشكل الأكراد عمودها الفقري حول مدينة دير الزور. وبعد «غارات» أعتبرت تحذيراً لأكراد سورية من تخطّي حدوداً مرسومة، اتهمت «سورية الديموقراطية» الطيران الروسي والسوري بقصف قواتها في المحافظة. وحذّرت دمشق على لسان بثينة شعبان، مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد، من أن الحكومة السورية ستقاتل أي قوة، بما في ذلك قوات تدعمها الولاياتالمتحدة، كما تقاتل «داعش» من أجل استعادة السيطرة على كامل البلاد. وأضافت: «لاحظنا أن قوات سورية الديموقراطية بمحاولاتها السيطرة على أراض في الأيام الأخيرة، حلّت محلّ داعش في كثير من الأماكن من دون أي قتال». كما اتهمت شعبان «سورية الديموقراطية» بمحاولة السيطرة على مناطق تضمّ حقولاً نفطية، وحذّرت من أنها لن تتمكّن من نيل ما تريده. وبعد مرور 48 ساعة على الاتفاق بين «التحالف الدولي» وروسيا على إنشاء «خطّ فضّ اشتباك» يمتد من محافظة الرقّة على طول نهر الفرات باتجاه دير الزور لضمان عدم نشوب أي مواجهات بين القوات النظامية و «سورية الديموقراطية» اللذين يتقدمان ضد «داعش»، أفادت «سورية الديموقراطية» في بيان أمس بتعرض قواتها في شرق الفرات لهجوم من جانب الطيران الروسي وقوات النظام السوري، استهدف وحداتها في المنطقة الصناعية في ريف دير الزور الشرقي، أسفر وفق البيان، عن «إصابة ستة من مقاتلينا بجروح مختلفة». وقالت «سورية الديموقراطية» إنه في وقت نحقّق «انتصارات عظيمة ضد داعش في الرقة ودير الزور ومع اقتراب الإرهاب من نهايته المحتومة يحاول بعض الأطراف خلق العراقيل أمام تقدم قواتنا». غير أن إيغور كوناشينكوف الناطق العسكري باسم الجيش الروسي نفى قصف الطيران الحربي الروسي مواقع «سورية الديموقراطية» في دير الزور. وقال كوناشينكوف: «هذا غير ممكن، لماذا نقصفهم؟». وجاء التصعيد بينما قالت ماريا زخاروفا الناطقة باسم الخارجية الروسية إن وحدات طليعية من قوات الحكومة السورية عبرت نهر الفرات واتخذت مواقعها على الضفة الشرقية للنهر. وكانت «سورية الديموقراطية» حدّدت نهر الفرات ك «خط أحمر» للفصل بين قواتها والقوات النظامية، قائلة إنها لن تسمح للقوات الحكومية بالعبور إلى الضفة الشرقية. إلا أن موسكو أفادت بأن القوات النظامية عبرت بالفعل إلى الضفة الشرقية. وقالت زخاروفا: «بعد انتصار كبير قرب دير الزور يواصل جيش الحكومة السورية طرد إرهابيي تنظيم داعش من المناطق الشرقية من البلاد». وزادت «تمّ تحرير ضواحي هذا المركز الإقليمي، ونجحت وحدات طليعية في عبور الفرات وتتخذ مواقع على الضفة الشرقية». وتشكل محافظة دير الزور في الوقت الراهن مسرحاً لعمليتين عسكريتين. الأولى تقودها القوات النظامية السورية، بدعم روسي في مدينة دير الزور وريفها الغربي. والثانية تشنها «سورية الديموقراطية»، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد «داعش» في الريف الشرقي. وتدور حالياً اشتباكات بين «سورية الديموقراطية» وعناصر «داعش» في محيط المنطقة الصناعية التي تبعد نحو سبعة كيلومترات عن الضفة الشرقية لنهر الفرات مقابل مدينة دير الزور. ويسعى الجيش السوري إلى استعادة السيطرة على كامل مدينة دير الزور بعدما تمكّن من كسر حصار فرضه «داعش» نحو ثلاث سنوات على أحياء تسيطر عليها القوات الحكومية. وكان أحمد أبو خولة رئيس «المجلس العسكري في دير الزور»، الذي يقاتل تحت راية «سورية الديموقراطية» قال إن المجلس لن يسمح للقوات النظامية بعبور نهر الفرات، مؤكداً أن تقارير عبور القوات النظامية نهر الفرات مجرّد دعاية. وقال أبو خولة إن إدارة مدنية ستتشكل لإدارة المناطق التي ستتم السيطرة عليها في دير الزور «بما يشمل حقولاً نفطية في المنطقة. وأضاف أن الحكومة السورية «نظام لا يصلح لقيادة شعب وإدارة شعب». وقال «التحالف الدولي» إن «سورية الديموقراطية» لا تخطّط لدخول مدينة دير الزور، غير أن أبو خولة لم يستبعد احتمال أن تصبح هدفاً بعد ذلك، وقال: «لدينا مناشدات من مدنيين في دير الزور بتخليصهم من (النظام) ومن داعش في الوقت ذاته». وزاد: «الآن نحن ننشئ مجلساً مدنياً موازياً للمجلس العسكري لمدينة دير الزور. والمجلس المدني هذا سيدير كل المناطق المحرّرة من داعش». في موازاة ذلك، اعتبر النظام السوري اتفاق «خفض التوتّر» في إدلب «موقت». ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) أمس عن مصدر في الخارجية السورية قوله، إن الاتفاق هدفه الأساسي هو «إعادة الحياة إلى طريق دمشق - حماة – حلب القديم، والذي من شأنه تخفيف معاناة المواطنين».