تستعد زعيمة ميانمار (بورما) اونغ سان سوتشي لإلقاء خطاب هو الأول لها حول ازمة الروهينغا سعياً منها الى تهدئة الانتقادات الغاضبة في العالم، من دون الطعن في جيش بلادها. وتولت سان سوتشي منصبها العام الماضي زعيمة مدنية لبورما بعد 50 سنة من حكم المجلس العسكري. وتركز منذ ذلك الوقت على التوازن السياسي الحساس بين حكومتها المدنية والجنرالات الذين لا يزالون يتحكمون بالعديد من اجهزة السلطة. واستبق قائد الجيش البورمي الجنرال مين اونغ هلاينغ خطاب اونغ سان سوتشي بالعوة البلاد الى موقف وطني موحد حول «قضية» الروهينغا، الاقلية المسلمة التي اعتبر ان لا جذور لها في ميانمار، والتي يواجه جيشه اتهامات بممارسة التطهير الممنهج ضدها. ويقول الجيش ان العمليات التي يقوم بها في شمال ولاية راخين تهدف الى القضاء على متمردي الروهينغا الذين هاجموا مراكز الشرطة في 25 آب (أغسطس) الماضي. وكرر الجنرال مين اونغ هلاينغ هذه النظرية في تعليقات نشرها على صفحته في موقع «فايسبوك». وكتب: «يطالبون بالاعتراف بهم كروهينغا، الجماعة التي لم تكن يوما مجموعة اتنية في ميانمار. قضية البنغاليين قضية وطنية ونحتاج الى الوحدة لجلاء الحقيقة». ويأتي دفاع الجنرال اونغ هلاينغ عن العمليات التي يخوضها جيشه، وسط ادانات دولية لاعمال العنف التي ألقت على بنغلادش مهمة شاقة بإيواء واطعام اللاجئين الذين يتدفقون اليها. وستلقي اونغ سان سوتشي الحائزة على جائزة نوبل للسلام الثلثاء، الخطاب الاهم منذ توليها مسؤولياتها. وسيكسر الخطاب المتلفز صمتاً مطبقاً التزمته منذ اندلاع أعمال العنف العرقية والدينية في ولاية راخين والتي أدت إلى فرار حوالى 400 الف من الروهينغا الى بنغلادش. وفي مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) قال الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش ان الرهانات مرتفعة حيال خطاب الثلثاء ووصفه بأنه «الفرصة الاخيرة» لوقف الكارثة الانسانية. واضاف: «اذا لم تقم بتغيير الوضع الآن، فأعتقد ان المأساة ستكون رهيبة تماماً، ولسوء الحظ لا أرى كيف تمكن العودة عن ذلك في المستقبل». واندلعت اعمال العنف الاخيرة إثر شن مسلحين من الروهينغا هجمات شملت 30 مركزا للشرطة فى ولاية راخين في غرب بورما. ووصفت الأممالمتحدة العملية التي اطلقها الجيش في اعقاب الهجمات بأنها «مثال للتطهير العرقي» مع احراق القرى لدفع المدنيين الروهينغا الى النزوح. ومن المتوقع ان يكون خطاب سوتشي بالإنكليزية جزئياً على الأقل لانه يسبق اجتماعاً في الجمعية العامة للأمم المتحدة سيتضمن انتقادات الى ميانمار بسبب الأزمة. لكن المحللين يعربون عن اعتقادهم بأن قوتها على ايقاف الجيش محدودة، كما ان ردها حتى الآن يشير إلى أنها ستختار أهون الشرين. يذكر ان «الرابطة الوطنية للديموقراطية» بزعامة اونغ سان سوتشي حققت فوزاً كاسحاً عندما سمح الجيش بإجراء انتخابات عام 2015. وقبل أن يتخلى الجنرالات عن بعض الصلاحيات، وضعوا أنفسهم في صلب الدستور، وضمنوا مستقبلهم السياسي بواسطة كتلة برلمانية والسيطرة الكاملة على الشؤون الامنية. وتتقاسم غالبية السكان وجهة نظر الجيش بأن مسلمي الروهينغا الذين يطلق عليهم تسمية «البنغاليين»، هم متآمرون عازمون على أخذ الأراضي والموارد من البوذيين. وفي ظل ابراز الجيش عضلاته، فان أي خطوة لسوتشي في اتجاه مختلف قد ينظر إليها العسكريون على أنها خيانة او غدر. وادت دوامة معقدة من التوتر العرقي والديني، في خمسة عقود من الحكم العسكري، الى توتير اي نقاش حول الروهينغا. ويعتبر العديد من البوذيين ان هجمات 25 آب (أغسطس) الماضي، كانت بمثابة تأكيد للمخاوف المزمنة بأن إسلاميين مقيمين في الخارج يعتزمون الاستيلاء على ولاية راخين، البوابة الغربية لميانمار. وفيما تواجه سوتشي انتقادات دولية، ما زالت تحظى بثقل في بلدها. وهي نالت بسبب امتناعها عن الدفاع علنا عن الروهينغا، ثناء حتى من قبل الرهبان القوميين البوذيين. في غضون ذلك، حذرت وكالة إغاثة امس، من ان الموت يتهدد لاجئين من الروهينغا بسبب نقص الغذاء والماء والمأوى لأعداد الكبيرة منهم التي هربت إلى بنغلادش من العنف في ميانمار. وقال مارك بيرس مدير وكالة «أنقذوا الأطفال» للإغاثة في بنغلادش في بيان: «يصل العديد من الناس جوعى ومرهقين بلا غذاء ولا ماء. أنا قلق لأن الطلب بالأخص على الغذاء والماء والمأوى والمتطلبات الصحية الأساسية لا يلبى بسبب الأعداد الكبيرة من المعوزين. إن لم تتوافر للأسر احتياجاتها الأساسية فسيسوء الوضع الذي يعانون منه وقد يلقى البعض حتفه». وتواجه بنغلادش منذ عقود موجات من الروهينغا الهاربين من الاضطهاد في ميانمار. وكانت تستقبل 400 ألف لاجئ من الروهينغا قبل أن تنفجر الأزمة الأخيرة في 25 آب. وقال بيرس إنه ينبغي رفع درجة الاستجابة الإنسانية للوضع. مضيفاً أنه «لن يتحقق ذلك إلا إذا قام المجتمع الدولي بزيادة التمويل». وقال حراس الحدود في بنغلادش أمس، إن أعداد اللاجئين الروهينغا تراجعت خلال الساعات ال24 الماضية بسبب الطقس السيئ على ما يبدو الذي يثني الناس عن ركوب القوارب إلى بنغلادش.