لندن، نيويورك - رويترز، أ ف ب - يُنتظر أن تتراجع شحنات النفط الخام الليبية في الأيام المقبلة مع تأثر ثالث أكبر منتج في أفريقيا بتصاعد العنف وتراجع إنتاج النفط وفرض عقوبات وارتفاع تكاليف الشحن. ومع استمرار القتال في أنحاء ليبيا تحاول صناعة النفط تقويم الإنتاج الضائع. وتشير معظم التقديرات إلى توقف نحو نصف إنتاج البلاد البالغ 1.6 مليون برميل يومياً. لكن وكالة الطاقة الدولية تؤكد أن الإنتاج المتوقف حالياً يبلغ مليون برميل يومياً مع إجلاء شركات نفط أجنبية عامليها. وقال سامويل سيزوك، كبير المحللين في «آي اتش اس إنرجي»: «حدث نزوح كبير للعمال الماهرين. لديك الآن وضع ينبئ كل ما فيه بتوقف كامل تقريباً للإنتاج الليبي». وأبحرت من الموانئ الليبية الأسبوع الماضي ناقلات محملة بما لا يقل عن 4.4 مليون برميل من الخام. لكن مصادر ملاحية شددت على أن قوة دفع الصادرات تتلاشى، مضيفة أن عدداً من الشحنات أُلغي في الأيام القليلة الماضية. وقال وكيل للشحن: «يُلاحظ بلا ريب تباطؤ في النشاط... في نهاية الأسبوع الماضي كانت الصفقات أقل بكثير... الأمر مزيج من الخوف وأخذ للعقوبات في الحسبان». وفرضت دول غربية والاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة عقوبات على ليبيا وجمدت أصولاً حكومية بعدما أطلقت قوات موالية للزعيم معمر القذافي النار على محتجين. وأبلغ الفرع السويسري لشركة النفط الليبية «تام أويل» وكالة «رويترز» الأسبوع الماضي أن عقوبات الأممالمتحدة قد تؤثر في قدرة المجموعة على تدبير شحنات الخام وأن ارتفاع أسعار النفط أجبرها على خفض نشاطات التكرير. وثمة مؤشرات أيضاً على أن ناقلات تغادر ليبيا غير محملة بالخام. وقال ناطق باسم شركة الناقلات الإيرانية «إن آي تي سي» إن ناقلة للشركة غادرت ميناء ليبيا من دون شحنة. وأعلنت شركة «تورم» الدنماركية أن إحدى ناقلاتها غادرت ليبيا من دون شحنة أيضاً. وفي الأسبوع الماضي قدّر أبرز مسؤول في قطاع النفط الليبي تراجع إنتاج البلاد إلى ما بين 700 و750 ألف برميل يومياً. وتحتل ليبيا المرتبة ال 12 عالمياً على صعيد حجم صادرات النفط الخام. ورجح وسطاء شحن ومحللون أن تكون الصادرات المنقولة على متن ناقلات هي من ناقلات تخزين أو من إمدادات قائمة لخطوط أنابيب. ولفتت مصادر إلى أن تنامي تكاليف شحن النفط الليبي تنال أيضاً من جاذبية الصفقات إذ يبحث مزيد من المشترين عن مصادر بديلة للنفط الخام مثل المخزونات النيجيرية أو السعودية. وقال وسيط للسفن: «عندما يسعر مالكو السفن الشحنات الليبية، يرفعون سعر الاستئجار إلى ضعفيه أو ثلاثة أضعافه بسبب عدم التيقن». وتظهر بيانات لبورصة البلطيق ارتفاع أسعار الناقلات على خط عبر المتوسط القياسي إلى أعلى مستوياتها في أكثر من تسعة أشهر أواخر الأسبوع الماضي لتقترب من 50 ألف دولار يومياً قبل أن تتراجع إلى 41 ألفاً و197 دولاراً أول من أمس. وأشارت مصادر ملاحية إلى أن توقع ارتفاع تكاليف التأمين هو عامل متنامٍ أيضاً. وأضافت سوق لندت للتأمين البحري، ليبيا إلى قائمة للمناطق التي تعتبر عالية الأخطار. وقال وسيط للشحن: «الشيء المهم الآن هو التأمين وهو باهظ التكلفة بالنسبة إلى مستخدمي الموانئ الليبية... من المحتم أن يكون لقرار سوق لويدز للتأمين أثره». وحذر وزير التنمية الدولية البريطاني الخبير في عالم النفط آلان دانكان، في تصريحات أدلى بها إلى صحيفة «تايمز»، من تضاعف سعر برميل النفط، ليصل إلى 200 دولاراً أو أكثر، في حال تواصل الثورات في العالم العربي. وقال: «أبلغت الحكومة منذ شهرين أن سعر برميل النفط قد يصل إلى 200 دولار». وبلغ سعر النفط الخام في سوق نيويورك أول من أمس 104.42 دولار. وبذلك يكون سعر برميل الخام الخفيف تسليم نيسان (أبريل) أقفل بزيادة 2.51 دولار عن سعر الخميس. وارتفع سعر برميل النفط نحو 18 دولاراً، أي أكثر من 21 في المئة، خلال الأسبوعين الماضيين، ووصل سعر البرميل خلال التداولات أول من أمس إلى 104.60 دولار، وهو أعلى مستوى منذ أيلول (سبتمبر) 2008. وفي لندن ارتفع سعر برميل بحر الشمال (برنت) تسليم نيسان 1.17 دولار، ليصل إلى 115.96 دولار. وتوقع محللون أن يرتفع سعر النفط إلى 110 دولارات مطلع الأسبوع المقبل، نتيجة للحال النفسية للمتعاملين، لا بسبب العرض والطلب.