قبل أيام من بطولة أوروبا داخل قاعة مقفلة التي إنطلقت الجامعة في باريس، تمكّن الفرنسي تيدي تامغو من تعزيز رقمه العالمي في الوثبة الثلاثية داخل قاعة بزيادة سنتيمتر واحد (17.91م). كما صادف ذلك قبل إنقضاء عام على تحطيمه الرقم العالمي خلال بطولة العالم في الدوحة (14 آذار 2010). وعدّ الرقم الجديد خطوة ناجحة نحو بلوغ تامغو (21 سنة) مسافة ال18 متراً، التي يطمح لتحقيقها قريباً. وسجل تامغو رقمه الجديد في مدينة لييفان الفرنسية أمام حوالى 3 آلاف متفرج، خلال البطولة الوطنية الشتوية المؤهلة نتائجها لبطولة أوروبا. وقبل تسجيله 17.91م، تمكن تامغو من تجاوز 17.36م فطلب منه مدربه الكوبي ايفان بدروزو، بطل العالم السابق في الوثب الطويل، التحفّز والجري بوتيرة أسرع لبلوغ مراده، فقطف فوزاً صريحاً على رغم بقائه على بُعد 7 سنتيمترات من رقمه "المطلق" في الهواء الطلق (17.98م)، الذي سجله العام الماضي في نيويورك. وعموماً، لم يكن بدروزو راضياً باعتبار أن وثبة لاعبه "غير مثالية" على حدّ تعبيره، "لكنها فتحت نافذة نحو مزيد متوقع"، وعلى طريق بطولة العالم في دايجو 2011 (كوريا الجنوبية) ودورة لندن الأولمبية 2012. ويصف بدروزو تامغو ب"الاستثنائي" القادر أن يصبح بطلاً لأوروبا وأن يهيّمن على هذه المسابقة "في ضوء نتائجه السابقة. ونجاحه يسرني كثيراً". في المقابل، يعترف تامغو أنه لم يبلغ بعد قمة مستواه، "ولن أحتفل قبل بطولة أوروبا، لدي مخزون يجب تفجيره بوثبي سنتيمترات إضافية، أشعر أنني أقوى من العام الماضي". لكن ماذا وفّر بدروزو لتامغو منذ أن تسلّم مهامه أواخر الصيف الماضي؟ الصفاء والهدوء أكثر خلال المنافسة كما يوضح البطل الفرنسي. ويضيف: "أفهمني أنه يجب عليّ أن أثب مسافة أبعد. نقل اليّ خبرته وشعوره عندما كان ينافس. لكننا لا نزال في مرحلة إنتقالية. هو لم يهمل العمل المثمر الذي قمت به مع مدربي السابق جان هيرفيه ستيفينار". ويشير تامغو إلى أن بدروزو وضع لمساته "وفي ضوء الإنسجام القائم بيننا النتائج تتكلّم عن نفسها، وبالتالي أصبح اجتياز 17.50م سهلاً بمقدار اجتيازي 17متراً العام الماضي". من الجودو إلى الوثب العام الماضي، حصد تامغو ذهبية بطولة العالم داخل قاعة في الدوحة بعد إخفافات عدة غير متوقعة، وتفاعل الجمهور في مدرجات قاعة "أكاديمية أسباير" طويلاً مع والدته أليس، التي دارت لفة كاملة حول المضمار من جهة المدرجات حاملة العلم الفرنسي وهي تصرخ "إنه بطل العالم"، بينما كان نجلها جاثياً يصلي. عام 2008 أحرز تامغو بطولة العالم للناشئين في بولندا، وحطّم في العام التالي الرقم القياسي الفرنسي مسجلاً 17.58م، قبل أن "يتعثر" في بطولة أوروبا للقاعات في تورينو، ويكتفي بالمركز ال11 في مونديال "أم الالعاب" في برلين (17.11م). تفوّق تامغو على نفسه وعلى الآخرين، فنسخ الرقم السابق البالغ 17.38م الذي كان بحوزة كل من السويدي كريستيان أولسون (2004) والكوبي أليسير اوريتيا (2007). وتحوّل تامغو في صغره من الجودو، التي زاولها مع شقيقته، إلى الوثب الطويل. لكن المدرب الخبير ستيفينار نصحه بالتخصص في الوثبة الثلاثية، بعدما آمن بقدراته وإمكاناته البدنية. ومنذ مطلع الموسم الماضي وعلى رغم البداية المتعثرة في استوكهولم ( 15.66م)، بدا تامغو عطشاناً إلى الانتصارات وإثبات الذات. ويشبّه ستيفينار، الذي سبق أن اشرف على بيار كامارا بطل العالم عام 1993 وسرج هيلان ثالث بطولة العالم عام 1995، تامغو ب"سيارة فورمولا واحد عليها التأقلم على الحلبة"، مؤكداً حينها أنه لم يبلغ الا نحو 60 في المئة من طاقته خصوصاً في مجال الإرتقاء وتنفيذ الوثبة. وهذا ما يجمع عليه اختصاصيون وخبراء من بلدان عدة. ويختصر تامغو ما تحقق في الدوحة انه ببساطة تعلّم كيف يثب! ويُذكر أن تامغو إلتقى مطلع صيف 2009 في باريس بحامل الرقم القياسي العالمي البريطاني جوناثان ادواردز (18.29م) وأصغى إلى نصائحه وأسرار التطور المبنية على جملة "تفاصيل" لا تتبلور الا بالصبر والمثابرة. وقال إدواردز له: "أنت وثّاب – عداء، يمكنك أن تضيف متراً إلى رقمك" الذي كان يومها 17.58م. وكلام إدواردز لم يفارق ذهن تامغو، وهو وصف إنجازه في الدوحة ب"إنفجار القنبلة في الوقت والمكان المناسبين"، وفي لييفان ب" إنفجار بركان". ويقصد طبعاً تحقيق الأداء الأفضل في المكان الصحيح. ولفت إلى أنه حين سجل (17.58م) في قصر الرياضة في بيرسي مسرح بطولة أوروبا 2011، "كانت قدراتي بحدود 17.90م، لكني إفتقدت إلى إنفجار مثالي وهو لا يتحقق دائماً فضلاً عن إفتقاري إلى نضوج بلغته أخيراً وتعزز منذ تعاوني مع بدروزو". ويتمنى البطل الفرنسي أن يكون ثالث رجل يبلغ ال18م ويتخطاها بعد إدواردز والأميركي كيني هاريسون (18.09م)، مبدياً استعداده لمواجهة الصعوبات التي تنتظره والضغط الملقى على عاتقه. ويدرك أن عليه بذل الكثير لضمان معادلة وثبة ناجحة مكررة مرات عدة متتالية. ويعتبر تامغو إدواردز "مرجعاً"، ويضيف: "أنا أحترمه كثيراً، رقمه القياسي العالمي وثبة سوبر، رقم لا يصدق وبلوغه يتطلب ثباتاً وتطوراً مضطرداً في الأداء والمحافظة على التوازن، والا لما نجح في تجاوز ال18 م 4 مرات على الأقل".