على رغم تصريح وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة، الذي أدلى به أخيراً، بخصوص أن من له شكوى أو مقترح عليه التوجه به إلى الجهات المعنية داخل المعرض، وعلى رغم الهدوء الذي ساد المعرض يوم أمس، إلا أن جماعات المحتسبين لا تزال موجودة، ولم تتوقف تماماً عن مضايقة الزوار، من الرجال والنساء لكن بطريقة مختلفة وبعيداً عن رجال الأمن أو لفت الانتباه، وبدورهم رفض بعض الزوار، من مثقفين وغيرهم، ممارسة الوصاية على مرتادي المعرض، وقمع اختياراتهم، لكنهم في الوقت نفسه، أبدوا تأييدهم للاحتساب، انطلاقاً من مبدأ حرية الرأي. وقال هؤلاء في استطلاع ل «الحياة» حول السماح بالاحتساب في معرض الرياض، إنهم يؤيدون توجه وزارة الثقافة في إعطاء الحرية للجميع للتعبير عن آرائهم، لكن من دون قمع فكري. وأوضح الدكتور عبدالله الغذامي أن من حق أي إنسان أن «يمثل رأيه ونفسه بالطريقة التي يريدها، بشرط ألا يحول رأيه إلى حكم على غيره. فالاحتساب إذا كان نصحاً وتوجيهاً فهو ما نريده وندعو له، لكن إذا تحول إلى حكم وإصدار قرار قضائي في اللحظة نفسها، وفي الموقف ذاته، فهنا خرج الاحتساب من مفهومه وتحول إلى وصاية وقمع وهو لا يليق بآداب الاحتساب والحسبة».br / فيما قال الدكتور سعد البازعي إنه يؤيد وزارة الثقافة والإعلام في إعطاء الحرية للجميع، سواء كانوا محتسبين أو غير ذلك، «لكن من المهم أن يكتفي بالتعبير عن رأيه، ولا يمارس وصاية على أحد، وأن تكون حرية التعبير مكفولة للجميع، لكن حرية التنفيذ ليست مكفولة لأحد، وتكون بأيدي جهات مسؤولة، بيدها التنفيذ وإصدار الأحكام». ولفت الشاعر إبراهيم الوافي إلى أن تدخل جهات غير ثقافية في فعل ثقافي، «أمر مسيء ويدعو للتداخل والفوضى»، موضحاً أنه ليس ضد الاحتساب «لكن مع ضبطه واحترام حريات الآخرين وقناعتهم، وهو مبدأ الحرية المكفولة للجميع بشرط ألا تتعارض مع حريات الآخرين، وأن تكون هناك جهات رسمية تنظم مثل هذه الأمور، وتكفل حرية الآخرين وعدم التعدي عليها من فئات اتخذت الاحتساب ذريعة لهوى في نفسها، وقناعات شخصية من دون وعي ومعرفة شرعية أو ثقافية». وقال الدكتور مسفر القحطاني إن الاحتساب داخل معرض الرياض، «يجعل لكل واحد من الزائرين وعياً ذاتياً يحترم فيه خصوصيات الآخرين، ويقدر ويحترم اختيار المثقفين لآرائهم ونتائج أعمالهم. وقد تكون هناك نماذج مخالفة لا تستقيم إلا بالردع والزجر للحد من تصرفاتهم السيئة، ولكن قطعاً هؤلاء خلاف السياق العام وليسوا أغلب الزوار. لذلك لا نحتاج سن أنظمة. ولمعرض الكتاب دور في الحد من هذه الظاهرة، بما فيها من معارف وعلوم تكون دافعاً للتهذيب وحافزاً للتغير الإيجابي». ويرى الروائي محمد المزيني أن لكل جهة رقابية في المعرض، «دوراً وهي المسؤولة عنه بشكل مباشر، فما لم تنظم هذه الأدوار بين هذه الجهات المختصة، فسيكون هذا عبئاً كبيراً على الأطراف. والحسبة، كما أعلم، لها جهات تستقل بها وهي هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهي المسؤولة المباشرة عن أي تدخل رقابي ديني خارجي، وحتى توضع الأمور في مكانها الصحيح، فلا يجب أن تطلق أيدي كل من هب ودب للرقابة والاحتساب والوصاية، وإلا أصبحت المسألة من التعقيد مالا نستطيع معه تقييده ولا وضعه في إطار المسؤولية التي ينشدها الجميع».