أكد مساعد رئيس دائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي رئيس بعثة لبنان كريس جارفيس، أن الأوضاع الاقتصادية في لبنان «لا تزال محفوفة بالتحديات»، مشدداً على ضرورة «تركيز التصحيح المالي على تدابير لزيادة الإيرادات». واعتبر في ختام زيارة لبيروت على رأس فريق من الصندوق، أن «نظام ربط سعر الصرف لا يزال يشكل ركيزة اسمية ملائمة». وهدفت الزيارة التي استغرقت ستة أيام، إلى عرض التطورات الاقتصادية والمالية في لبنان، وتقويم الآفاق الاقتصادية ومناقشة أولويات السياسات. والتقى جارفيس رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري وحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة ووزيري الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي ولمكافحة الفساد نقولا تويني والمدير العام لوزارة المال آلان بيفاني. وقال: «استفدنا أيضاً من الاجتماعات التي عُقِدت مع أعضاء مجلس النواب ومسؤولين في وزارة المال ومصرف لبنان، وممثلين من القطاع الخاص والمجتمع الدولي». ولم يخفِ جارفيس أن الأوضاع الاقتصادية في لبنان «لا تزال محفوفة بالتحديات، كما تظل التداعيات الإقليمية مهيمنة على الآفاق في المدى القريب». ولم يغفل أن لبنان «وفّر ملاذاً آمناً لما يزيد على مليون لاجئ سوري»، موضحاً أن التقديرات تشير إلى أنهم «يشكلون نحو ربع السكان، وتلقى لبنان مساعدة دولية على جهوده، وهو جدير بالحصول على الدعم المستمر». وعن تطور الوضع السياسي، أكد أن لبنان «حقق تقدماً على الصعيد السياسي في الأشهر الأخيرة، إذ صادق مجلس النواب على القانون الانتخابي الجديد، ممهّداً الطريق لإجراء الانتخابات النيابية الأولى منذ ثماني سنوات». لكن على رغم هذه التطورات، توقع أن «يظل النمو الحقيقي ضعيفاً هذه السنة، فيما لا تزال الاختلالات الخارجية كبيرة جداً، كما يظل العجز الكبير في الموازنة مصدراً للتعرض للأخطار، فأدى إلى بلوغ الدين العام 148 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2016». وأعلن أن «نفقات المالية العامة ستزيد كثيراً في ظل الزيادات في سلسلة رواتب القطاع العام التي صدرت الموافقة في شأنها أخيراً، وأقر مجلس النواب تدابير لزيادة الإيرادات مصممة لموازنة تأثير الزيادات في سلسلة الرواتب على المالية العامة، لكنها معلقة حالياً». وأكد جارفيس أن «اقتصاد لبنان معروف بصلابته، وتمكّن مراراً من تجاوز صدمات كبيرة». وحفاظاً على الثقة، شدد على وجود «حاجة ملحة إلى وضع الاقتصاد على مسار قابل للاستمرار، ووقف ارتفاع الدين العام». وحضّ على «ضرورة تصحيح أوضاع المالية العامة في البداية بالارتكاز على تدابير زيادة الإيرادات، وتحسين مستوى الامتثال الضريبي، ورفع الضرائب على الوقود واستعادة توازن الإنفاق بوسائل، منها الحد من التحويلات المكلِفة إلى شركة الكهرباء». ورأى أن السلطات «تستطيع تعزيز النمو القابل للاستمرار أيضاً من خلال تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، بوسائل منها اتخاذ خطوات نحو تحسين بيئة الأعمال». ولفت إلى «الحاجة لتحسين الإطار المؤسسي قبل تنفيذ مشاريع استثمارية كبيرة، وتقويم الأخطار والتكاليف المحتملة على المالية العامة، من أي مشاريع تُبنى على علاقة شراكة بين القطاعين العام والخاص، وصدور قانون الموازنة العامة وهو الأول منذ ما يزيد على عشر سنوات، مع اتخاذ تدابير فعالة لتصحيح أوضاع المالية العامة، التي من شأنها إرسال إشارة قوية إلى التزام خفض الدين العام فضلاً عن تعزيز الثقة». وفي شأن السياسة النقدية، أكد جارفيس أن «نظام ربط سعر الصرف لا يزال يشكل ركيزة اسمية ملائمة، ويجب أن يكون مصرف لبنان المركزي على استعداد لزيادة أسعار الفائدة في حال تباطؤ وتيرة تدفقات الودائع الداخلة، بعد انتهاء جولات عمليات الهندسة المالية الأخيرة». ولفت أيضاً إلى «ضرورة أن يواصل مصرف لبنان رصد الأخطار وتخفيفها في القطاع المصرفي». وختم قائلاً: «نتطلع إلى مواصلة الحوار مع السلطات».