لا أدري متى ستتغير النظرة القاصرة لنا، والعبث بمشاعرنا تحت ستار الظروف العائلية، ثم حمل الأمتعة والمغادرة، وكأن شيئاً لم يكن، ونحن نضرب كفاً بكف... فجأة تظلل غيمة الظروف، وفجأة تنقشع ليس في الرياضة وحدها، بل في شتى مناحي حياتنا (وعمالة المنازل أنموذج يتكرر بشكل يومي انتقل للرياضة واستشرى ربما بسبب المُشَاع عنَّا من أننا شعب غنيٌ مترفٌ لا يشكل المال هاجساً لديه وإن ضاع)، والنتيجة استنزاف جيوبنا وكثير من الوقت والجهد في البحث عن البديل. ميلوفان الصربي والاتحاد القطري لكرة القدم مثال بشع على استغفالنا. المدرب يرحل مدّعياً الظروف العائلية، ويرفض البقاء لمباراة واحدة، والآخر يطبق احترافية من نوع آخر لا تمتُّ للأخلاق بصفة عندما يتفاوض من تحت الطاولة مع المدرب الآمن المستقر، ويغريه ويسيل لعابه بالمال بعد أن رفضه غوارديولا ولم يلقِ بالاً لكل المغريات القطرية ونهر المال الذي أسيل له، وأصر على الالتزام بعقده مع البرشا. النفوس الضعيفة تنكشف في المواقف وهي تخالف المواثيق والعهود، وميلوفان أنموذج قبيح... ويشاركه القبح الاتحاد القطري الذي ضاقت عليه الأرض بما رحبت، والملاعب بما حوت من مدربين، ولم يجد غير مدرب الأهلي وقبله فارياس الذي هرب بتلك الحجج الواهية، ورأيناه يحط رحاله في الإمارات ومثلهم غيريتس الذي تجرأ المغرب على التفاوض معه وعقده كان لا يزال سارياً مع الهلال. ويمكن تقبل فكرة أن يفاوض نادٍ مدربَ نادٍ آخر رغم عدم القناعة بالأسباب، وإن عظمت لأنه يفترض أنها مبادئ سامية لا تدرس بل أصيلة في النفوس، لكن أن يقوم بتلك الحركة اتحاد يصنف نفسه أنه محترف، ويطبل له الإعلام بعد فوز بلاده بتنظيم كأس العالم فتلك نقطة سوداء في وجهه... وسقطة لا تغتفر حتى لو خدعونا ببيانات مضللة تدعي موافقة الأهلي على التفاوض معه، أو أن ما حدث كان بعد مغادرته جده لأن ذلك غير صحيح وكذب صريح. فأمر التعاقد لم يستغرق أكثر من أن يغادر ميلوفان جده، ويبدل ملابسه الرياضية ويخرج ببدلة رسمية في الدوحة، ويوقع العقد في استفزاز صريح لا علاقة له دلالة بأي ظروف عائلية. أعرف أن ما سيفعله الأهلي من ملاحقة المدرب قد لا يجدي قانونياً، لكنّي أجزم أنه فعل خيراً بكشفه الأقنعة، وسجل موقفاً ضد كل من يدّعون الاحترافية، وأن ما يفعلونه لن ينطلي علينا فلسنا الجدار القصير الذي يتسلقه من أراد بل نحن خط أحمر ينبغي عدم المساس به مستقبلاً. و«الله يهني سعيد بسعيدة»، لأني أثق أن مصيره كغيره، فما أُخذ بالحيلة سيغادر بها والأيام بيننا أيها الاتحاد القطري. [email protected]