أكد مسؤول في البيت الأبيض ل «الحياة» تكليف الرئيس الأميركي باراك أوباما «مجموعة» في إدارته «لمراجعة» سياسة واشنطن في الشرق الأوسط، في ضوء التحولات التي تشهدها المنطقة، «بهدف حماية مصالح الولاياتالمتحدة واستقرار المنطقة وضمان مرحلة انتقالية ناجحة نحو الإصلاح والديموقراطية». وفي وقت فاجأت حركة الشارع البيت الأبيض في الأسابيع الأولى، خصوصاً مع فشل الاستخبارات الأميركية رصد انطلاقتها في تونس، تحاول واشنطن اليوم مواكبة الموجة أو استباقها باستراتيجية تأخذ في الاعتبار المتغيرات على الأرض. وقال المسؤول في البيت الأبيض ل «الحياة» أن المجموعة المكلفة مراجعة السياسة الأميركية في الشرق الأوسط تضم في صلبها مستشاري الرئيس للأمن القومي سامانتا باور ومايك ماكفول، «كونهما عاصرا مراحل انتقالية تاريخية في البلقان وأوروبا الشرقية». وتهدف المراجعة في إطارها الأعرض إلى «تبني مبادئ القيام بإصلاحات ديموقراطية وتقوية بنية المجتمع المدني كجزء من الاستراتيجية الأميركية في المنطقة التي استندت تاريخياً إلى حماية المصالح الحيوية والأمن الإقليمي». ويشير المسؤول السابق في إدارة جورج بوش الخبير في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» سكوت كاربنتر إلى أن «هناك تحديات شتى أمام وضع وتطبيق استراتيجية كهذه، فهناك وجهات نظر متباينة داخل الإدارة، وبين البيت الأبيض من جهة ووزارتي الدفاع (البنتاغون) والخارجية الأميركية من جهة أخرى». ويوضح كاربنتر ل «الحياة» أن البيت الأبيض «أكثر اندفاعاً لاحتضان موجة التغيير والأسس الديموقراطية، فيما تجلس النخبة الدفاعية والخارجية في خانة أكثر بيروقراطية وحذراً، ولا تبدي الحماسة نفسها لتحول كهذا». وما يزيد من التعقيدات الداخلية «انغماس الرئيس في هموم الاقتصاد والموازنة التي أخذت بعداً أكثر إشكالية مع تولي الجمهوريين أكثرية مجلس النواب وتهديدهم اليوم بموازنة قد توصد العديد من الأبواب الحكومية». أما خارجياً، فيتمثل أبرز العوائق في تراجع النفوذ الأميركي واصطدام دعوات الإصلاح الآتية من واشنطن برفض من قيادات المنطقة، حتى من حلفاء الولاياتالمتحدة الذين تختلف قراءتهم السياسية لهذه الملفات عن الإدارة الأميركية، رغم التقائهم معها في ملفات أخرى مثل مكافحة الإرهاب وضمان استقرار المنطقة وأمنها. ويرى كاربنتر أن «هذا التباعد سيفرض مزيداً من التعقيدات أمام إدارة أوباما التي وصلت إلى البيت الأبيض بأجندة شرق أوسطية طموحة أبرز أهدافها تحقيق حل الدولتين وإصلاح العلاقات مع شعوب المنطقة وردع طموحات إيران النووية». ويشير إلى أن «التطورات الأخيرة أعادت خلط الأولويات الأميركية». ففي ظل الظروف الراهنة، «تراجع التركيز إلى حد كبير على عملية السلام. ومع غياب اللاعب المصري وانتظار إسرائيل ما سيتبلور عن التحولات في الشارع العربي وإيران، وتضاؤل احتمالات تقديم السلطة الفلسطينية أي تنازلات في المدى المنظور للعودة إلى المفاوضات، تعطي واشنطن أهمية قصوى اليوم لضمان نجاح المرحلة الانتقالية في مصر». وفي الملف الإيراني، تعكس لهجة الإدارة محاولة لتوظيف التظاهرات والتحركات والضغط على طهران ومنعها من الاستفادة من أي فراغ إقليمي. ويشير كاربنتر إلى أن «التطورات الأخيرة ومواقف واشنطن الداعمة لحقوق التعبير، تعطيها ورقة إضافية للضغط على طهران في موضوع حقوق الإنسان وفي دعم المعارضة هناك في شكل لم تقم به إدارة أوباما بعد الانتخابات الرئاسية هناك في حزيران (يونيو) 2009».