توقعت المعارضة القطرية أمس (الثلثاء) أن «تمتد المقاطعة التي تفرضها المملكة العربية السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر للنظام في قطر إلى 2018»، مؤكدة في بيان لها (حصلت «الحياة» على نسخة منه) أن «آثار هذه المقاطعة ستؤدي إلى شح في المواد الغذائية والتذمر الشعبي». وأوضحت الهيئة المنظمة لمؤتمر «قطر في منظور الأمن والاستقرار الدولي» الذي سيعقد في 14 أيلول (سبتمبر) الجاري في العاصمة البريطانية لندن، في تقرير لها أنه «ليس من المتوقع أن تسفر الأزمة التي دخلت شهرها الرابع عن نهاية قريبة، مما سيجعل قطر تتقارب أكثر مع إيران إن لم تضطلع إحدى الشخصيات القطرية المعتدلة ببناء جسور من الثقة مع مجموعة الدول الأربع، والتي طرحت في وقت سابق قائمة تتألف من 13 مطلباً لقطر، شملت التوقف عن دعم الجماعات الإسلامية الراديكالية، وحماية الهاربين ممن تتهمهم أميركا بالإرهاب، إضافة إلى الالتزام بمقررات اتفاقي الرياض 2013، 2014». وأكدت الهيئة في تقريرها أن «المقاطعة أدت إلى تأثيرات اقتصادية بالغة، وإلى تناقص في الطعام والمواد الغذائية في الأسواق، والمزيد من التبرم الشعبي، واستخدام القوات الأمنية للعنف المبالغ». واستعرض التقرير احتمالات ما وصفه ب«احتمالات التحول النهائية» لأزمة قطر، مشيراً إلى أنه توجد ثلاثة احتمالات رئيسة هي: الاحتمال الأول: المصالحة، وهذا يعني أن «استمرار المقاطعة في المستقبل القريب، مع حدوث آثار اقتصادية وسياسية بالغة على الحكومة القطرية، سيؤدي في نهاية المطاف إلى سعي قطر للتصالح بعد عملية تفاوضية مطولة، ومن المرجح أن تضطلع بدور الوسيط فيها أميركا، والكويت». والاحتمال الثاني: كشف التقرير أن «الاحتمال الثاني هو الانقلاب السياسي: وهذا يعني أن تؤدي الآثار الاقتصادية إلى خلق حال من التبرم الشعبي في قطر، مما قد يؤدي إلى لجوء القوات الأمنية القطرية إلى القمع المبالغ فيه، وإلى اصطفاف عدد من أعضاء الأسرة الحاكمة بدعم من الجيش القطري ضد أمير قطر تميم بن حمد، لمصلحة حكومة معتدلة وأكثر استقراراً، وهذا بدوره قد يؤدي إلى محاولة انقلابية ضد الأمير الحاكم، وبالتالي إلى تغيير سلمي في السلطة الحاكمة». أما الاحتمال الثالث: فأشار إليه تقرير المعارضة القطرية بأنه يتعلق ب«التدخل الأجنبي». وأوضح التقرير أنه «في هذا السيناريو الأقل ترجيحاً، فإن الغضب الشعبي، والتدهور الاقتصادي الذي يحدثه اعتماد قطر على الاحتياطات والأصول في الخارج قد يؤدي إلى أزمة في السيولة وفي القطاع المصرفي مما يفاقم من ضيق المواطنين القطريين، بينما سيزيد التقارب مع إيرانوتركيا من الاستياء في أوساط الجيش القطري، وهذا بدوره قد يؤدي إلى اضطرابات عنيفة، وإلى احتمال مطالبة الحكومة القطرية، القوات التركية المتمركزة في البلاد بمساعدتها في قهر الشعب، وفي ذلك الحين قد تتدخل قوات إقليمية للحيلولة دون سفك المزيد من الدماء، مما سيؤدي إلى نزاع قصير للغاية، ومحسوم مسبقاً، تهزم فيه القوات القطرية التي قد يتبقى بعضها موالياً لتميم بن حمد». سيناريو المصالحة أوضح التقرير أن «السيناريو الأهم والأقرب إلى الترجيح هو استمرار عزلة قطر، والمرجح هو استمرار الضغط الاقتصادي والجيوسياسي - غير العسكري - من دول المجموعة الأربع على الحكومة القطرية، وقد يؤدي استمرار الضغط الاقتصادي على الحكومة القطرية إلى دفع قطر للتوصل إلى اتفاق مع مجموعة الدول الأربع وقطر عبر المفاوضات، وذلك بدعم من أميركا، عوضاً عن أن يتحول الضغط الاقتصادي المتزايد إلى عنف داخل البلاد، نتيجة للاضطرابات التي تنشأ نتيجة لآثار المقاطعة على المواطنين القطريين، وربما عبر التدخل العسكري الأجنبي وهذه نتيجة ليست محبذة بالنسبة لمجموعة الدول الأربع أو قطر أو المجتمع الدولي». وأضاف التقرير أنه «من المرجح أن تؤدي قيود المقاطعة على التجارة القطرية إلى التزايد في اعتماد الحكومة على قطاع الطاقة لتعويض الفاقد قي الدخل التجاري، وشرعت قطر بالفعل في تعزيز احتياطاتها المالية من الدخل المستخلص من موارد الطاقة، إذ أعلنت قطر غاز في نهاية شهر حزيران (يونيو) الماضي أنها ستصدر 1,1 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال إلى شركة شل لمدة خمسة أعوام». وكشف التقرير أنه «على نحو مماثل أعلنت قطر للبترول في مطلع تموز (يوليو) الماضي أنها ستزيد إنتاجها من حقل غاز الشمال بنسبة 30 في المئة ليصبح 100 مليون طن متري في السنة، وذلك عبر مضاعفة حجم مشروع الغاز الجديد في القطاع الجنوبي من حقل الشمال، وفي دلالة على توقع الحكومة القطرية لاستمرار الأزمة، فإن إعلانها سيستغرق أشهراً عدة ليحدث تأثيراً، ومن المتوقع أن تعدل الدول الأربع من القيود الاقتصادية بالتوازن مع الزيادة في الدخل المستخلص من قطاع الطاقة القطري». ولفت التقرير إلى أنه «بالنظر إلى استمرار اعتماد قطر على إيرانوتركيا في الطعام والبضائع التموينية، فإن المتوقع حدوث المزيد من التقارب بين قطر وهاتين الدولتين في المستقبل المنظور، ومن الدلائل على ذلك إعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع إيران في 24 آب (أغسطس) الماضي، ومن المرجح أن تستمر تلك العلاقة باعتبار حدوث تقارب متزايد مع طهران بخلاف ما تريده الدول الأربع». سيناريو «القصر» تطرق تقرير المعارضة القطرية إلى احتمال حدوث انقلاب سلمي في الداخل القطري. وأوضح التقرير «أن تزايد العقوبات القائمة ووجود احتمالات في استمرارها على قطر، سيشكلان ضغطاً على تميم بن حمد، مع تزايد في التبرم الشعبي، وإمكان حدوث تدخل عسكري خارجي، ليس بوسع القوات المسلحة القطرية، التي يصل تعداد أفرادها إلى 11 ألف جندي دحره، أما النتيجة المرتقبة للتصعيد فهي أن الأمير تميم سيلجأ إلى زيادة الوجود العسكري الإيراني في قطر، وينشئ قواعد برية وجوية لقواتها في البلاد، ويسعى للحصول على التدريب والمعدات منها لمصلحة القوات المسلحة القطرية، وحينها ستسعى إيران بدورها للحصول على دعم قطري لسياستها، علاوة على الدعم لحلفائها في العراق وسورية واليمن». وأشار التقرير إلى أن «هذا سيؤدي بدوره لأعداء دول مجموعة الأربع السعودية، ومصر، والبحرين، والإمارات، إلى تزايد ضخم في التوتر في المنطقة التي تعد ملتهبة بالفعل، وفي مقابل العقوبات المتزايدة قد تسعى قطر إلى استخدام مركزها باعتبارها أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، وتغلق أنابيب مشروع دولفين إلى كل من عمانوالإمارات». وكشف أن «خط دولفين يوفر ما يزيد على 26 في المئة من حاجات الإمارات للغاز الطبيعي، ويعد مهماً لضمان تصدير الإمارات لإنتاجها من الغاز الطبيعي المسال، والذي يذهب معظمه إلى اليابان التي ترتبط معها بعقد تصدير». ولفت إلى أنه «في الوقت الذي تسعى فيه الإمارات، للحصول على إمدادات جديدة، فإن بوسع قطر إغراق السوق بالتعاون مع إيران في محاولة لخفض الأسعار، وبالتالي التقليل من التأثير والحصص السوقية لكل من روسيا وأميركا والسعودية». وفي إطار استعداد قطر للمقاطعة طويلة الأجل، قال التقرير ان «الدوحة اتخذت خطوات بالفعل لتعزيز دخلها من قطاع الطاقة، وشمل ذلك إعلان قطر للبترول عن زيادة إنتاجها بنسبة 30 في المئة في العام، عبر مضاعفة الإنتاج في مشاريع حقل غاز الشمال، وعلى خلفية هذه التطورات، فإن التبرم الشعبي مصحوب بحال من الغضب والقلق والتي تتزايد في أوساط الأسرة الحاكمة وقادة الجيش القطري، وفي حال اندلاع مظاهرات، وانتقال مظاهر التعبير عن غضب الشعب إلى الشارع، من المرجح أن يصدر النظام في قطر الخائف على مصيره الأوامر باستخدام القمع المسلح، ما سيؤدي إلى مصادمات بين المدنيين وأفراد الأمن». وقال: «في ظل تزايد حال عدم الاستقرار السياسي، فإن أميركا ستكثف من الضغط على تركيا لسحب قواتها قليلة العدد المنتشرة في قطر لحماية القصر، وستدعوها للتوقف عن دعمها للأمير تميم، وفي حال غياب هذا الدعم، فإن إمكانات نجاح انقلاب قصر سلمي تزيد بشكل كبير، من قوى داخل الجيش القطري، أو من داخل أفراد السرة الحاكمة، أو على يد إحدى القوى القطرية المعارضة، وذلك بموافقة أو غض الطرف من اميركا». وأضاف ان «انقلاب قصر سلمي يؤدي إلى وضع الشيخ تميم قيد الإقامة الجبرية، بينما يعتلي أحد أفراد السرة الحاكمة سدة الحكم، وسيطرح هذا المشهد السياسي على المنطقة والعالم، قيادة معتدلة وأكثر حنكة، وتحظى بالدعم من أميركا وتركيا ما سيؤدي إلى موقف تفاوضي قوي يدفع دول مجموعة الأربع إلى رفع العقوبات، ويؤسس إلى علاقات جيدة في المستقبل». احتمالات «التدخل الأجنبي» أوضح تقرير الهيئة المنظمة لمؤتمر «قطر في منظور الأمن والاستقرار الدولي» الصادر أمس (الثلثاء) أن «سيناريو التدخل الأجنبي وارد في حال استمرار قطر في استفزاز جيرانها، وتجاهل مطالبهم ما سيقود إلى فترة مطولة من العقوبات المالية والاقتصادية، وسيزيد من اعتماد قطر على احتياطاتها من النقد الأجنبي والأصول المملوكة بالخارج وغيرها، وبالتالي إلى عدم استقرار على الصعيد الاقتصادي وتصاعد في الحركة الشعبية، إذ ستزيد أزمة السيولة أو عدم الاستقرار في القطاع المصرفي الذي تسببت فيه الخطوات الاقتصادية الصارمة مثل سحب الأصول الدولية التي تمتلكها المصارف القطرية، أو تجميد الاحتياطات القطرية في الخارج من الضغط الذي يشعر به المواطنون القطريون». وأضاف: «سيؤدي تزايد التقارب بين الحكومة القطرية مع إيرانوتركيا إلى حال من الاستياء والتمرد في أوساط كبار الضباط في الجيش القطري، علاوة على بعض الأفراد من الأسرة الحاكمة، وستلاقي أية محاولة انقلابية تنشأ عن ذلك الاستياء مقاومة بسبب وجود القوات التركية لحماية القصر، وعلى رغم ذلك فإن حال التبرم الشعبية ستتفاقم بسبب الخلافات في اوساط الأسرة الحاكمة، وستكون دلائل واضحة على العالم بأن النظام في قطر فقد شرعيته». ولفت إلى أنه «إذا ما تصاعد العنف إلى مرحلة الصراع المسلح بين جماعات متحاربة أو حدوث محاولات انقلابية فإن وقوع تدخل أجنبي عسكري قد يصبح احتمالاً ممكناً بغرض إيقاف العنف واستعادة أمن المواطنين القطريين، وقد يصحب ذلك تسنم فرد آخر من أسرة الحاكمة يحظى بعلاقات وثيقة مع مجموعة الدول الأربع سدة الحكم، عقب التدخل». وتوقع التقرير أن «وجود القوات الأميركية في قاعدة العديد الجوية في قلب قطر سيثني الأطراف الاقليمية عن التدخل من دون الحصول على تأييد صريح من أميركا، وفي حال حدوث تدخل من هذا النوع، سيمنح الأطراف الاقليمية أفضلية على حساب المؤسسة العسكرية القطرية، وفي الوقت الذي يعد فيه توازن القوى في المنطقة الأهم في هذا التحليل، فإن التقارب بين القبائل القطرية في جنوب البلاد التي تزود الجيش بالأفراد مع امتدادها الخليجي سيؤدي إلى انشقاق عميق في أوساط المؤسسة العسكرية القطرية الهشة وقليلة العدد». وقال التقرير: «علاوة على ما تقدم فإن القواعد العسكرية القطرية، موزعة في الجزء الشمالي من البلاد، ما يخلق زمن استجابة بطيئاً جداً في حال حدوث تدخل بري من الجنوب، وبصفة خاصة فإن شارع سلوى الذي يمتد من جنوب غربي البلاد إلى الدوحة لا تمتد قواعد عسكرية بموازاته، وهذا يعني أنه من المرجح أن تؤدي عملية برية إلى السيطرة على قطر بسرعة، وعلى نحو مماثل، فإن الطريق بين قطروالإمارات في جنوب البلاد لا يحظى بأي حماية، ونتيجة لذلك فإنه في حال حدوث عملية برية ضد قطر ستستمر في أيام قلائل وحسب». وقلل التقرير من إمكان حدوث مثل هذا السيناريو، وقال: «في الوقت الذي يعد فيه هذا السيناريو غير مرجح، فإنه على رغم ذلك واجب البحث نتيجة للصعوبة البالغة في التنبؤ بتصرفات الحكومة القطرية، واستفزازها لدول العالم وجيرانها عبر تعزيزها لعلاقاتها مع إيران، ورفضها للتقيد بالتزاماتها بالتوقف عن دعم التنظيمات الإرهابية». مستقبل قطر المجهول وخلص التقرير إلى أن «تصرفات الحكومة القطرية أدت إلى الأزمة الديبلوماسية الحالية، وأدت القرارات التي اتخذتها منذ حزيران (يونيو) الماضي إلى حال من الجمود لا يتوقع أن تتراجع في سياقها دول مجموعة الأربع أو قطر عن مواقفها في المستقبل المنظور، إذ لا تسعى دول مجموعة الأربع إلى تصعيد الأزمة الحالية إلى حال عنيفة، ولن تلجأ إلى التدخل العسكري، وعلى رغم ذلك، فإن هذا السيناريو ما زال يفرض نفسه على طاولة البحث من الناحية النظرية بسبب قرارات قطر المثيرة للجدل، وتحالفها المتصاعد مع إيران، إذ تحاول الحكومة القطرية تعويض خسارتها على حساب جيرانها». وأضاف: «في الوقت الذي تشكل فيه الأزمة تطوراً خطراً على استقرار الحكومة القطرية وخصوصاً بالنظر إلى خطابها وتصرفاتها فإن الاستقرار الاقتصادي الذي توفره الاحتياطات المالية الضخمة الذي يعتمد عليه النظام القطري في تعنته الحالي، عرضة للتغير، عندما تتقلص الاحتياطات النقدية، ما سيؤدي إلى احتجاجات شعبية، وربما حدوث انتفاضة شعبية، وبصرف النظر عن النتيجة التي ستنتهي إليها الأزمة الحالية، فإن السيناريوات الثلاثة المطروحة تمثل خطراً على بقاء الحكومة القطرية الحالية».