تواجه أوساط اقتصادية في البحرين حالاً من القلق نتيجة الأحداث وتداعياتها على الحركة التجارية اليومية، في ظل اعتصام مفتوح تنفذه المعارضة في دوار اللؤلؤة. ويأتي ذلك بعد استثمارات راكمتها الحكومة ومجتمع رجال الأعمال خلال العقد الماضي بهدف رسم صورة للبحرين كمركز مالي للشرق الأوسط، ومدخل لأسواق الخليج واقتصاده المتنامي. وبعد خفض وكالة «ستاندرد اند بورز» تصنيف البحرين من A+ إلى A- وارتفاع التأمين على ديونها السيادية، سارع محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج، إلى التأكيد أن هذه الخطوة متوقعة في ظل الظروف الحالية. وفي تصريح الى وكالة «رويترز» طمأن المعراج الى أن لا تأثير يذكر حتى الآن على رؤوس الأموال الموجودة في المملكة والبالغة نحو 10 بلايين دولار، بل يتوقع لها أن تزداد. وللمحافظة على وفرة السيولة، سيبقي المصرف على نسبة شراء أذونات الحكومة بمستوى 2.25 في المئة والمعتمدة منذ أيلول (سبتمبر) 2009. وعلى رغم هذه التطمينات، لا تبدو الأوساط التجارية متفائلة. ويرى رجل الأعمال نبيل كانو أن المملكة ستتأثر سلباً بالأحداث السياسية الجارية، بدءاً بالسياحة. ففي وقت كانت البحرين تستعد لاستقبال سياح غيروا وجهة رحلاتهم من تونس ومصر، تلاشت الفرصة وقرروا الذهاب بعيداً من المملكة. تضاف إلى ذلك الآثار السلبية لإلغاء سباق الفورمولا 1، الذي يستمر 4-7 أيام، تنتعش خلالها الفنادق والمجمعات والمطاعم وسيارات الأجرة. ويضيف كانو: «تترافق مع السباق أيام ثقافية وأنشطة للكبار والصغار، والنساء والرجال، كل هذا اصبح في مهب الريح». وأبدى امتعاضه من بعض وسائل الإعلام الأجنبية التي صورت أن البحرين تواجه حرباً. وشكرت سيدة الأعمال أفنان الزياني، اتحاد النقابات على التراجع عن دعوة وجهها سابقاً للإضراب العام، مؤكدة أن هذه مبادرة وطنية، استجاب فيها الاتحاد لمبادرة الأمير سلمان بن حمد ولي العهد بالدعوة الى الحوار الوطني. وأكدت أن الوقت ليس مناسباً لتقدير الأضرار المالية، «فالضرر الأكبر هو ضياع البلد برمته، والأولوية هي إعادة الأمن والاستقرار وبدء الحوار الوطني». وأعلنت أن رجال الأعمال وسيداته شكلوا لجنة من القطاع الخاص للاتصال بالمحتجين، ويقومون بدور فعال في تقريب وجهات النظر، تشديداً على أن القطاع التجاري يمثل كل البحرين وليس فئة معينة. وأوضح رئيس مجلس إدارة حلبة البحرين الدولية زايد الزياني، أن إلغاء سباق «الفورمولا 1»، الذي كان مقرراً إجراؤه في آذار (مارس) المقبل، لا يتمثل فقط في خسائر مالية، إنما الخسارة الكبرى هي المساحة الإعلامية الضخمة التي تُفسح للبحرين خلال السباق. وقدر مجلس التنمية الاقتصادي العام الماضي الآثار الإيجابية المرافقة لإقامة السباق بنحو 150- 200 مليون دولار، تتدفق على مختلف مرافق الاقتصاد البحريني. ويروي الزياني أن قرار التأجيل اتخذ لأسباب وطنية، حيث باتت الأولويات تتعلق «بلم الشمل وتوحيد البلاد والإتيان بمنهجية جديدة للبحرين». وأعلن أن حلبة البحرين الدولية اتصلت بصاحب امتياز «الفورمولا 1» برني إيكلستون، لإبلاغه القرار، فأعلن عن إعادة المبلغ الذي دفعته حكومة البحرين بالكامل. وبدورها، أكدت إدارة الحلبة الرغبة باستضافة السباق في نهاية العام الجاري. وألغيت مناسبات وأحداث أخرى محركة للاقتصاد البحريني، منها المعرض السنوي للحدائق الذي يشكل مهرجاناً خليجياً وعربياً في البحرين، وكان مقرراً انعقاده في نهاية الشهر الجاري، كما تهدد الأوضاع مهرجان ربيع الثقافة الذي يقام في آذار. وسط كل هذه المصاعب، يظهر رجال الأعمال في المملكة تصميمهم على عدم الرضوخ للضغوط، والاستمرار في بناء اقتصاد حديث.