طرابلس، بنغازي - رويترز، أ ف ب - تعهد الزعيم الليبي معمر القذافي أمس الانتصار على أعدائه وحض أنصاره في الساحة الخضراء في طرابلس على حماية ليبيا ومصالحها النفطية، مع زيادة حدة الاشتباكات بين القوات الموالية له والمعارضين المطالبين بإنهاء حكمه في أحياء متفرقة من العاصمة، ما أدى إلى سقوط قتلى برصاص الأمن. وخاطب القذافي مؤيدين مبتهجين من فوق سور حصن قديم في المدينة يطل على الساحة الخضراء مرتدياً معطفاً شتوياً وطاقية غطت أذنيه. وقال: «استعدوا للدفاع عن ليبيا. استعدوا للدفاع عن الكرامة. استعدوا للدفاع عن البترول». وأضاف: «ردوا عليهم. خليهم يخجلوا. نحن نستطيع أن نحطم أي عدوان». وتابع: «نحن العزة والكرامة والمجد والكفاح. هذا الشعب الذي ركع إيطاليا... عليكم أن تغنوا وترقصوا وتستعدوا. غنوا وارقصوا واستعدوا. هذه الروح المعنوية العالية هي أقوى من أبواق العرب. العرب العملاء الأذلاء الأخساء. سنهزم أي محاولة خارجية كما هزمنا الغزو الإيطالي والغارات الأميركية. ها هو معمر القذافي وسط الجماهير وسط الشعب وسط الشباب. هذا هو الشعب الليبي، أنا في وسط الجماهير وسنقاتل وسنهزمهم إذا أرادوا أن يمسوا أي جزء من تراب ليبيا. أيها الشباب خذوا راحتكم في الشوارع والميادين. ارقصوا غنوا اسهروا عيشوا حياة العز». وأكد أن الشعب الليبي «يحبه»، مهدداً في الوقت نفسه بتسليح القبائل لمحاربة المتظاهرين الذين يسعون إلى إسقاط نظامه. وقال: «الشعب يحب معمر القذافي ويراه رمز العز والكرامة والتاريخ والتراث. إذا لم يكن الشعب الليبي يحبني فلا أستحق الحياة يوماً واحداً». وهدد بتسليح القبائل لمحاربة المتظاهرين. وقال: «عند اللزوم سنفتح المخازن لنسلح كل القبائل الليبية وتصبح ليبيا ناراً حمراء». وقال: «سنقاتلهم وسننتصر... سنهزم أي محاولة خارجية كما هزمنا المحاولات السابقة». وطلب من أنصاره «الرد على العملاء وعلى الشاذين وعلى وكالات وإذاعات الكذب». وجاء خطاب القذافي في وقت ترددت تقارير عن سيطرة المحتجين على أحياء في طرابلس ومحيطها. وقال أحد سكان العاصمة إن بعض مناطق طرابلس «تحت سيطرة المعارضين ومناطق أخرى حول باب العزيزية بالأساس تحت سيطرة مؤيدي القذافي وسيطرة الجيش. نحن نلزم بيوتنا. من الخطر الخروج في طرابلس». وأشار شاهد إلى أن خمسة أشخاص على الأقل قتلوا عندما فتحت قوات أمن ليبية النار على محتجين مناهضين للحكومة في حي جنزور في غرب طرابلس. وقال إن معارضي القذافي كانوا يرددون هتافات مناهضة للقذافي في حي فشلوم في شرق طرابلس، حيث قتل محتجان آخران برصاص الأمن. وأفاد شهود آخرون من أحياء في الضاحية الشرقية مثل بن عاشور وفشلوم، عن «إطلاق نار غزير على جميع الموجودين في الشارع». وأصبحت بلدة بريقة الشرقية ومرفأها النفطي تحت سيطرة المحتجين الذين يساعدهم جنود فارون من الجيش على تأمين الميناء. وقال مبروك المغربي، وهو محام من بنغازي مشارك الآن في اللجان المحلية التي تدافع عن بريقة، إن المنطقة تحت سيطرة الأهالي. ولفت شاهد عاد لتوه من منطقة الجبال الغربية في ليبيا إلى أن ثلاث بلدات في المنطقة التي تقع على بعد نحو 150 كيلومتراً جنوب غربي العاصمة الليبية هي يفرن والزنتان وجادو لم تعد تحت السيطرة المركزية. وفي السياق نفسه، قال شهود أمس إن قوات الأمن الليبية فشلت في استعادة السيطرة على بلدة الزاوية الساحلية (50 كلم غربي العاصمة). وأصبحت البلدة الاستراتيجية التي يوجد فيها مرفأ نفط على الطريق السريع الرئيس المؤدي إلى طرابلس، مركزاً للمواجهة بين القوات الموالية للقذافي والمدنيين الذين يحمل بعضهم السلاح. وأكدت عقيلة جماع التي عبرت الحدود التونسية أمس قادمة من البلدة أن «الجثث في كل مكان... إنها حرب بكل معنى الكلمة... نحتاج إلى مساعدة إنسانية عاجلة من كل الدول. يجب ألا يتركونا وحدنا». وقال شهود عيان آخرون وصلوا إلى تونس إن القوات الحكومية قامت بمحاولات عدة لاستعادة السيطرة على البلدة خلال ليال متعاقبة من القتال. وفي بنغازي، تمكن ائتلاف يدير المدينة التي يسيطر عليها المحتجون من ملء الفراغ السياسي ويقوم بتنظيف المدينة وتوفير الطعام والدفاع عن المباني وطمأنة شركات النفط الأجنبية ويعبر لأبناء طرابلس عن إيمانه بأن الليبيين شعب واحد. وبعد صلاة الجمعة، أعلن نحو ستة آلاف شخص يقطنون بنغازي تضامنهم مع المحتجين في طرابلس ورفضهم تقسيم البلاد، قائلين انهم يريدون الحفاظ على وحدة ليبيا. ورددوا هتافات تدعو بالنصر لإخوتهم في طرابلس. ويحاول المهنيون في ثاني أقدم مدينة ليبية إعادة حياة المواطنين إلى طبيعتها بعد أن فرت القوات الموالية للقذافي في ما قد يصبح نموذجاً لمدن وبلدات أخرى في ليبيا تواجه الفوضى. وقال جمال بن نور، وهو قاض وعضو في «ائتلاف 17 فبراير» الموقت الذي يقول إنه يدير موقتاً شؤون بنغازي، إن الائتلاف سيبقي على العقود النفطية القانونية التي في مصلحة الشعب الليبي مع شركات أجنبية، «وسيحتفظ بحقه في إعادة التفاوض على العقود إذا لم تكن منصفة». وجمعت أسلحة استخدمت في الاشتباكات الدامية مع القوات المؤيدة للقذافي والمرتزقة الأفارقة. وأغلق المطار لأن السكان خشوا احتمال نقل مرتزقة آخرين جواً، ويجرى تجهيز الدفاعات تحسباً لوقوع هجوم مضاد ما. وقال عمر محمد عضو الائتلاف إن الجيش يدعم مساعي الإدارة في بنغازي لاستعادة القانون والنظام، وإن لديه أصدقاء في الجيش هم ضباط كبار يعرفون أن مهمتهم هي الدفاع عن الشعب ضد القذافي في هذا الجزء من ليبيا. وتعهد سيف الإسلام القذافي أمس شن هجوم على شرق البلاد، محذراً من أن الحكومة لن تسمح لبعض «الإرهابيين» بالتحكم في جزء من ليبيا. وقال: «يعيش اكثر من مليوني ليبي في هذه المنطقة فيما لا يزيد عدد الإرهابيين عن 200 أو 300 في أقصى تقدير. لا نستطيع السماح لبعض الإرهابيين بالتحكم في جزء من ليبيا وفي شعبها». ورداً على سؤال لقناة «سي ان ان» الناطقة بالتركية عن «الخطة ب» للفرار مع عائلته في حال انتصار المعارضين، أجاب سيف الإسلام: «خطتنا أ: العيش في ليبيا والموت فيها، وخطتنا ب: العيش في ليبيا والموت فيها، وخطتنا ج: العيش في ليبيا والموت فيها». وأكد أن الحكومة لن تلجأ قط إلى تدمير الثروة النفطية الليبية. br / وفي مؤشر إلى سعي السلطة لاحتواء موجة الاحتجاجات، اعلن التلفزيون الليبي مساعدة بقيمة 400 دولار للعائلات الليبية وزيادة أجور بعض الموظفين بنسبة 150 في المئة. وأعلن النائب العام الليبي عبدالرحمن العبار أمس أنه استقال من منصبه وانضم إلى المعارضة. وقال لقناة «العربية»: «أعلن التأكيد على تقديم استقالتي من منصب النائب العام في ليبيا وإنني اعلن انضمامي لإرادة الشعب الليبي في ثورة الشباب في 17 فبراير». وانضمت قوات الجيش والشرطة في مدينة أجدابيا شرق البلاد أمس إلى المعارضة. وقال النقيب حافظ عبدالرحيم لقناة «الجزيرة» إن «قوة الشرطة تعلن انضمامها إلى الشعب في شكل كامل في ثورة 17 فبراير شباط السلمية». وأضاف أن «القوة تعلن أنها ستضحي بأرواحها من أجل هذه المنطقة وتضع كل إمكاناتها من أجل ليبيا حرة».