أحدث الإعصار «هارفي» الذي ضرب أبرز منطقة لإنتاج النفط في الولاياتالمتحدة، اضطراباً في قطاع الصناعة النفطية الأميركية، ولو أن المخزون الحالي مرتفع بما يكفي للحد من وطأته، وفقاً للخبراء. وتشهد سواحل تكساس، التي تحوي حوالى ثلث قدرات تكرير النفط في الولاياتالمتحدة، منذ الجمعة أقوى إعصار يطاول هذه الولاية منذ 1961. وتم من باب الحيطة إخلاء 98 منصة نفطية من أصل 737 (مقابل 105 منصات أعلن عن إخلائها سابقا) في خليج المكسيك، أي 13.3 في المئة من منشآت المنطقة، بحسب تقديرات جديدة اصدرها مكتب السلامة وإنفاذ القوانين البيئية أمس (الإثنين). ويؤمن خليج المكسيك وحده 20 في المئة من إنتاج النفط الأميركي. وأوضح مكتب السلامة وإنفاذ القوانين البيئية أمس (الاثنين)، استناداً إلى آخر بيانات شركات تكرير النفط «تم وقف حوالى 18.94 في المئة (مقابل 21.64 في المئة بحسب تقديرات الأحد) من الإنتاج الحالي (للنفط) في خليج المكسيك»، فيما علق حوالى 18.12 في المئة (مقابل 25.71 في المئة وفق تقديرات الأحد) من إنتاج الغاز الطبيعي. ولم يكن بمقدور شركة «إكسون موبيل» العملاقة للنفط الإثنين تقدير التأثير المالي لهذا التجميد، واضطرت الأحد إلى وقف الإنتاج في مجمعها في بايتون. وأعلنت المجموعة في بيان «إن إكسون موبيل تعطي الأولوية للتركيز على سلامة موظفيها ومتعاقديها والمجتمعات في المناطق التي طاولتها» العاصفة «هارفي». وقال محللو مصرف «غولدمان ساكس» إن «المعلومات حول جسامة الأضرار التي لحقت في البنى التحتية للنفط والغاز تبقى حاليا محدودة»، مشددين على أن «المشكلات أكبر في قطاع التكرير منها في قطاع الإنتاج». وبحسب تقديراتهم، فإن حجم الأضرار نتيجة الإعصار على مستوى قدرات التكرير بلغت الأحد مستوى ثلاثة ملايين برميل في اليوم أي 16.5 في المئة من قدرات التكرير الإجمالية في الولاياتالمتحدة. وأوضحوا أن الأمر يقتصر حالياً على الوقاية إذ «لم يتم الإبلاغ سوى عن بعض المشكلات البسيطة المتعلقة في الفيضانات». ومن المحتمل إغلاق المزيد من المصافي خلال الأيام المقبلة، بسبب انتقال العاصفة التي تتقدم ببطء، على ما أفاد جيمس ويليامز من مكتب «وست تكساس ريسيرتش غروب إيكونوميكس» للدراسات، ما ينذر بمزيد من الأضرار. غير أن انعكاس الإعصار والفيضانات على الإنتاج أقل حجماً، إذ يطاول حوالى مليون برميل في اليوم، أي حوالى 11 في المئة من الإنتاج الإجمالي للولايات المتحدة، وفق بيانات محللي «غولدمان ساكس». لكنهم أضافوا أن «الفيضانات الجارية قد يكون لها تأثير أكبر على الإنتاج على اليابسة، في حوض إيغل فورد». ولفت جيمس ويليامز إلى أنه على رغم أن مخزون المنتجات النفطية في الولاياتالمتحدة في مستوى مرتفع «قد يحصل انقطاع في البنزين والفيول على المدى القريب». فإن كانت معظم المصافي ستتمكن من استئناف نشاطها بعد أسبوع أو أسبوعين على توقف الأمطار، فأن «بعضها قد يؤخر معاودة العمل ويقرر القيام بأعمال الصيانة التي تجري عادة في الخريف، قبل موعدها ببضعة أسابيع». وكان مكتب السلامة وإنفاذ القوانين البيئية حذر منذ الأحد بأنه بعد زوال العاصفة سيتم تفقد البنى التحتية قبل إعادة تشغيلها. من جهتها، أصدرت الهيئة الأميركية لمراقبة الصناعات الكيماوية أمس (الإثنين) إنذاراً أمنياً يحض المصافي النفطية والبتروكيماوية على توخي المزيد من الحذر عند معاودة نشاطاتها، موضحة أنها عملية دقيقة قد تستغرق أطول ما هو متوقع. وأدت هذه الظروف إلى ارتفاع أسعار البنزين في بورصة شيكاغو التجارية لتبلغ 1.7248 دولار للغالون (3.79 ليتر) الثلثاء حوالى 7.30 بتوقيت غرينتش، مقابل 1.7123 دولار للغالون الإثنين حوالى 19.30 بتوقيت غرينش. وبلغت الأسعار مساء الأحد 1.7799 دولار للغالون في المبادلات الإلكترونية، مسجلة أعلى مستوياتها منذ حزيران (يونيو) 2015. وتراجع برميل نفط الخام الخفيف، النفط المرجعي الأميركي، تسليم تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، بمقدار 1.30 دولار إلى 46.57 دولاراً عند إغلاق التداولات أمس في بورصة نيويورك التجارية (نايمكس)، على ضوء مخاوف الأسواق من أن تؤثر العاصفة على الطلب على النفط. وعاد سعر البرميل المرجعي الأميركي وارتفع حوالى 7.30 بتوقيت غرينتش الثلثاء بمقدار 16 سنتاً إلى 46.73 دولاراً في المبادلات الإلكترونية متأثراً في عمليات شراء. وانخفضت أسعار النفط اليوم (الثلثاء)، في الوقت الذي تتأثر فيه الأسواق بإغلاق حوالى 13 في المئة من الطاقة التكريرية للخام في الولاياتالمتحدة أكبر مستهلك في العالم للنفط، بعد أن ضرب إعصار مداري قلب صناعتها النفطية. وساعد إغلاق مصافي النفط أسعار العقود الآجلة للبنزين الأميركي على الصعود إلى أعلى مستوى في عامين عند 1.7799 للغالون أمس (الإثنين). وبحلول 09.57 بتوقيت غرينتش سجل البنزين 1.7078 دولار. وانخفضت أسعار العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 42 سنتاً إلى 51.47 دولار للبرميل بعد أن جرى تداولها مرتفعة عند 52.19 دولار للبرميل في وقت سابق من الجلسة. وانخفضت أسعار العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي عشرة سنتات إلى 46.67 دولار للبرميل، بعد أن هبطت أكثر من اثنين في المئة في الجلسة السابقة. وقد يؤدي تقييم الأضرار الناجمة عن الإعصار إلى المزيد من التقلبات. وفيما يستعد عدد من مصافي النفط لاستئناف العمل، يتوقع أن يستمر هطول الأمطار الغزيرة حتى غداً (الأربعاء)، ليتفاقم تأثير الفيضانات الكارثية في هيوستون. وقال العضو المنتدب لتحليلات النفط لدي شركة «بتروماتريكس» أوليفر جاكوب: «يجب أن تعمل مصافي النفط في آسيا بمعدلات أعلى كي تعوض (إغلاق المصافي الأميركي)، وهو ما يدعم برنت». لكن جاكوب حذر من أن حجم الأعمال المتوقفة في قطاع أنشطة المصب في الولاياتالمتحدة لم يتضح بعد، وأن الأضرار الكبيرة في حقول النفط أو خطوط الأنابيب قد تدعم أسعار خام غرب تكساس الوسيط. وألحقت العاصفة المدارية «هارفي»، التي انخفضت من إعصار، في مصافي النفط ضرراً أكبر ما أصاب منتجي الخام. وتتابع أسواق الخام أيضاً تعطل الإمدادات في ليبيا وكولومبيا.