ضرب الإعصار هارفي ساحل ولاية تكساس الأميركية أمس (الجمعة) بسرعة رياح تصل إلى 209 كيلومترات في الساعة، وهو أعنف إعصار يضرب البر الرئيس الأميركي منذ أكثر من عشر سنوات. ووصل الإعصار (من الفئة الرابعة) إلى اليابسة في المنطقة الواقعة بين ميناءي آرانساس وأوكونور حوالى العاشرة مساء بتوقيت تكساس (0300 بتوقيت غرينتش)، ويتوقع أن يرتفع منسوب مياه البحر إلى حوالى 3.9 متر، وأن يصل معدل المطر الناتج عنه إلى 90 سنتيمتراً، على طول ساحل تكساس وأجزاء من لويزيانا، ويتوقع أن يستمر لأيام. ويعتبر «هارفي» أول إعصار من الدرجة الرابعة يضرب أميركا منذ «تشارلي» في 2004، والأول من نوعه في تكساس منذ «كارلا» العام 1961. ويوجد الإعصار على بعد حوالى 45 كيلومترا من كوربوس كريستي، وهي مدينة يبلغ تعداد سكانها 320 ألف شخص، وأدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن بعض المنازل في المدينة والبلدات المجاورة. وبينما فر الآلاف من الفيضانات والدمار الذي يتوقع أن يحدثه الإعصار، تحدى الكثيرون أوامر الإخلاء الإلزامية، وخزنوا الطعام والوقود وأكياس الرمل. وذكرت وسائل إعلام محلية أن عمدة بلدة روكبورت قال للصحافيين أمس: «نقترح على الأشخاص الذين يريدون البقاء هنا أن يضعوا علامة بواسطة قلم تلوين على أذرعهم مع كتابة أسمائهم وأرقام ضمانهم الاجتماعي... نكره الحديث في أمور مثل هذه. هذا ليس شيئاً نحب القيام به، ولكنه الواقع. الناس لا يستمعون». ويعيش حوالى 5.8 مليون شخص في مناطق تقع على مسار العاصفة الذي يمر في قلب مناطق عمليات تكرير النفط الأميركية. وأدى تأثير العاصفة على مصافي التكرير إلى زيادة أسعار النفط. وكإعصار من الفئة الرابعة على مقياس سافير-سيمبسون للأعاصير؛ يستطيع هارفي اقتلاع الأشجار من جذورها وتدمير المنازل وتعطيل المنشآت لأيام. وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر «تويتر» قبل وقت قصير من وصول «هارفي» إلى اليابسة، إنه وقع إعلان كوارث «سيطلق العنان للقوة الكاملة للمساعدة الحكومية». وعلى بعد 137 كيلومتراً إلى الشمال في فيكتوريا؛ قال عمدة المدينة بول بولاسيك لمحطة «سي.إن.إن» الإخبارية، إنه يقدر عدد من رفضوا أوامر الإخلاء الإجباري بحوالى 60 إلى 65 في المئة من سكان المدينة البالغ عددهم 65 ألفاً. وقال حاكم تكساس جريج أبوت في كلمة تلفزيونية: «رسالتي العاجلة لأهلي في تكساس هي إن كنت تعيش في منطقة شملها أمر الإخلاء؛ فعليك أن تنصت للنصيحة وتبتعد من طريق الخطر». وأظهر آخر تتبع أجراه المركز الوطني الأميركي للأعاصير استقرار العاصفة جنوب غرب هيوستن لأكثر من 24 ساعة، ما أعطى رابع أكبر مدن البلاد كثافة سكانية جرعة مضاعفة من المطر والرياح الشديدة. وتوقع المركز الوطني الأميركي للأعاصير حدوث «فيضانات ضخمة تهدد الأرواح بالقرب من الشاطئ، بسبب الأمطار الغزيرة والعواصف». وحذرت سلطات مدينة هيوستن مواطنيها من فيضانات ستنجم عن أمطار يصل معدلها إلى 60 سنتيمتراً على مدار أيام. والخطر الأكبر لا يتمثل في الاعصار نفسه، بل في كمية المتساقطات الضخمة التي يتوقع ان يتسبب بها والتي تخشى السلطات ان تؤدي الى فيضانات كارثية. ويتوقع ان يؤدي الاعصار الى هطول كميات ضخمة من الأمطار قد تصل في بعض المناطق الى 1.2 متر، فيما يتوقع ان يتسبب بارتفاع مستوى البحر إلى أكثر من أربعة أمتار في بعض الأماكن، بحسب مراكز الأرصاد الجوية. وسارع دعاة إنقاذ الحيوانات في تكساس أمس إلى حماية أو إجلاء الحيوانات الأليفة والماشية عقب اقتراب الإعصار الذي يهدد أرواح الآلاف من الحيوانات في مساره. ففي مأوى للحيوانات في لا بورت، نقل مسؤولون عشرات الكلاب والقطط إلى مأوى في هيوستن. وكدست حديقة حيوان هيوستن أكياس الرمال وتركت طاقم عمل لرعاية ستة آلاف حيوان. وفي سان أنطونيو وصلت الحيوانات التي تم إجلاؤها للسكن في فنادق صديقة للحيوانات. وكان المركز الوطني الأميركي للأعاصير ذكر أن «هارفي» تحول إلى إعصار قوي من الفئة الرابعة يوم الجمعة مع اقترابه من ساحل تكساس. إلى ذلك، أغلقت شركات أبوابها واصطفت أعداد كبيرة من السيارات للخروج من المناطق الساحلية في تكساس مع دعوة السلطات للسكان بإخلاء المنطقة قبل وصول «هارفي». فيما أدت الأحوال الجوية السيئة إلى إلغاء أو تأخر 40 رحلة على الأقل من وإلى المطارات الرئيسة في تكساس أمس وفقاً لموقع «فلايتاوير.كوم» الذي يتابع الحركة الجوية. وقالت الولاياتالمتحدة إن الإعصار تسبب حتى ظهر الجمعة في تعطيل إنتاج 22 في المئة من النفط (377 ألف برميل في اليوم) في خليج المكسيك، وإنه أوقف إنتاج 4.4 في المئة من المصافي. وأوقفت بعض شركات النفط الصخري البرية عملياتها في إجراء احترازي تحسباً لسيول متوقعة. وكانت محطات الوقود والسلع الغذائية في المنطقة مزدحمة مع إقدام السكان على ملء سياراتهم وخزاناتهم بالمؤن، تحسباً لأي نقص عقب العاصفة. وأغلق ميناء هيوستن، وهو أكثر موانئ البتروكيماويات زحاماً في أميركا، أرصفته عند الظهر وكان أوقف في وقت سابق حركة دخول وخروج السفن. وارتفعت أسعار النفط حوالى واحد في المئة أمس، مع تراجع الدولار وتأهب منطقة الساحل الأميركي على خليج المكسيك. وأغلقت المصافي والمرافئ ومنشآت الإنتاج البرية والبحرية وبنى تحتية أخرى أو بدأت استعدادتها للعاصفة. وارتفعت العقود الآجلة للخام الأميركي 44 سنتاً بما يعادل 0.9 في المئة ليتحدد سعر التسوية عند 47.87 دولار للبرميل، لكنها ختمت الأسبوع منخفضة 1.3 في المئة. وأغلق خام برنت مرتفعاً 37 سنتاً أو 0.7 في المئة عند 52.41 دولار، لكنه فقد 0.6 في المئة على مدار الأسبوع.