توصلت الحكومة المغربية، وفقاً لمصادر مأذونة، الى اتفاق مبدئي مع «جمعيات الشباب الخريجين» العاطلين من العمل، يقضي بتوظيفهم تباعاً في الإدارات العامة خلال الأسابيع والشهور المقبلة، في مقابل تخليهم عن الاحتجاج أمام البرلمان وسط العاصمة، في محاولة لامتصاص غضب الشباب المطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة، في وقت تشهد دول عربية قلاقل اجتماعية مختلفة. وأوضحت المصادر ان الحكومة وعدت بإنفاق نحو 10 في المئة من موازنة التسيير لعام 2011 لتوفير وظائف في القطاع العام لبضعة آلاف من الجامعيين الشباب، والاستفادة من خبراتهم. ويُقدر أن تبلغ تلك النفقات نحو 8.6 بليون درهم (بليون دولار)، تستخدم لفتح باب التوظيف مجدداً بأعداد كبيرة في القطاع العام، وهي الصيغة التي تخلت عنها الرباط طيلة السنوات ال 30 الماضية بنصيحة من البنك الدولي وصندوق النقد، اللذين نصحا بتوفير العمل في القطاع الخاص، وتحرير الاقتصاد، وتقليص العاملين في القطاع العام المقدر عددهم ب840 ألف شخص. وأضافت ان الحكومة قررت الاستجابة لمطالب حاملي الشهادات العليا الباحثين عن عمل، وأن عدد الموظفين الجدد سيفوق عددهم خلال السنوات الثلاث الأخيرة. وكشفت المصادر أن ما قد تنفقه الحكومة على المطالب الاجتماعية هذه السنة سيتجاوز 5 بلايين دولار، منها نحو 4 بلايين لتغطية مصاريف «صندوق المقاصة» المخصص لدعم السلع الاستهلاكية الأساسية، ومنع الأسعار من الارتفاع في السوق المحلية، على رغم ارتفاعها في السوق الدولية، بخاصة مواد الطاقة والمحروقات والقمح والزيوت الغذائية والسكر والألبان. واضطرت الحكومة الى زيادة 15 بليون درهم (1.8 بليون دولار) الأسبوع الماضي على مخصصات الصندوق، في محاولة للجم ارتفاع الأسعار والحؤول دون اتساع المطالب الاجتماعية للعمال والمستخدمين والفقراء، الذين لا يستطيعون مجاراة ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية. وتنتقد جمعيات حماية المستهلك طريقة صرف موارد صندوق المقاصة، وتتهمه بتمويل مشتريات الأغنياء على حساب شريحة واسعة من الفقراء ومحدودي الدخل، الذين يقل إنفاقهم 12 مرة عن إنفاق الأثرياء. وتطالب تلك الجمعيات بإصلاح الصندوق، وتوجيه نفقاته الى الفئات المحتاجة وسكان الأرياف، وتحسين الخدمات الصحية وجودة التعليم وتعميمه خصوصاً بالنسبة الى فتيات الارياف. وأعلنت مصادر حكومية عن اتخاذ بعض الإجراءات لتعميم التغطية الصحية لجميع الفئات قبل نهاية العام الجاري، وتتعرض وزارة الصحة الى انتقادات حادة من المواطنين بسبب تدني الخدمات، وتشجيع المستشفيات الخاصة على حساب المستشفيات العامة، ما يحرم ملايين الأشخاص من حقهم في الوقاية والعلاج المطلوب. واعتبرت مصادر مستقلة «ان الحكومة لا تملك الموارد المالية الضرورية لتنفيذ وعودها الاجتماعية، وهي بذلك تسعى الى كسب الوقت تحت تزايد الاحتجاجات المستمدة مما يجري في بعض الدول العربية، على رغم الاستثناء المغربي». وأضافت ان الحكومة لم تكشف عن مصادر التمويل، ما يرجح إمكان ارتفاع عجز الموازنة المقدر ب 3.6 في المئة من الناتج المحلي. وكانت مجموعات شبابية دعت عبر «فايسبوك» الى تغيير الحكومة، واعتماد انتخابات نزيهة والقيام بإصلاحات اقتصادية واجتماعية عميقة تضمن توزيعاً عادلاً للثروات، والاستفادة من ثمار النمو الاقتصادي المقدر ب 5 في المئة.