معبر إيال (الضفة الغربية) - أ ف ب - عند آخر طريق متعرجة في شمال الضفة الغربية تقف شاحنة صغيرة حولت الى عيادة ميدانية تابعة لجمعية المدافعة عن الحمير قرب معبر إيال العسكري. يقول الطبيب جابر قعوار: «لدينا أدوية ومعدات ومضادات حيوية وضمادات ومباضع ومقصات لإجراء عمليات جراحية وتوفير العناية للحمير والجياد المصابة والمرضى أو ضحية سوء معاملة». يقوم هذا الطبيب وهو يضع السماعة حول عنقه، بجس عرقوب حمار أسود كبير يعاني من الورم ويقول «يحتاج الى تصوير» قبل أن يقترب من حمار صغير رمادي اللون هزيل يشرب بشراهة جرعات مضادة للدود بواسطة حقنة. على مقربة من العيادة يصدح صوت مولد كهربائي ويجلس بيطار فلسطيني مرتدياً وزرة جلدية وبيده المطرقة والمبرد وهو يزرع مسماراً في حافر بغل نحيل جداً. في محيط هذه العيادة الميدانية التي تهب فيها الرياح والأمطار ننتشر عشرات الحمير والجياد بعضها مربوط الى عربة وبعضها مستلق على الأرض أو داخل شاحنات بانتظار التشخيص والعناية، وأتى أصحابها الذين سمعوا عن العيادة من منطقة قلقيلية. وتعمل العيادة مجاناً مرتين في الشهر حتى المساء. ويركن أحياناً أكثر من 150 «مريضاً» في وسط جوقة من الصهيل والنهيق. يقول آدي زاهور (46 سنة) منشط المشروع: «فريقنا يضم ستة أشخاص بينهم طبيبان بيطريان ويعمل قرب مدن طولكرم وبيت لحم والخليل الفلسطينية فضلاً عن بلدة الطيبة العربية الإسرائيلية». بدأت الفكرة قبل 20 عاماً عندما أصرت لوسي ينسوم زوجة آدي زاهور البريطانية على أن ينقل «دونك» وهو حمار جريح يملكه أحد البدو بالطائرة لكي يعالج في كامبريدجشير (إنكلترا). وتصدر هذا الخبر عنوانين الصحف بعدما ساهمت مؤسسة بريجيت باردو وجمعيات أخرى للرفق بالحيوانات بالحملة. وتقول فينسوم «أردت أن أساعد الحمير. أرى أنه من غير المقبول أن يتم تفخيخ أحد هذه الحيوانات ليشكل قنبلة حية كما حصل في غزة». وهي سعيدة لأنها أسست «ملاذاً» يتعاون في إطاره الإسرائيليون والفليطينيون. في مقر جمعية «سيف هايفن فور دانكيز ان ذا هولي لاند» (ملجأ الحمير في الأرض المقدسة) على بعد حوالى 12 كيلومتراً من هذا الموقع في نتانيا (إسرائيل) جمع 148 حماراً تخلى عنها أصحابها في مزرعة. وفي حظيرة يطلق عليها اسم «المستشفى» يجد المرء «بورني» (المحروق) الذي أطلق عليه هذا الاسم بعدما أضرم مراهق النار في وبره و «بيندي» الذي يحمل آثار جروح خلفتها حبال شدت بقسوة و «سلام» ضحية حادث سير الذي بترت إحدى قوائمه فضلاً عن حمار أعمى وآخر قطع ذنبه وأذناه. وتقول لوسي فينسوم: «هنا يمكن للحمير أن تمضي بقية حياتها بطمأنينة في سن الخمسين في شكل عام».