أكد إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس أن المواطنة الصالحة ليست هتافات تردد ولا شعارات تعدد، بل هي إخلاص وإيجابيات وشفافية ومصداقيات وقيم ومبادئ عصية على المساومات، أبية عن الإملاءات والتدخلات مع الوعي بعواقب الأمور وألا يعرض الأمن والاستقرار والمصالح العليا في الأوطان للفوضى والفساد والاضطراب، ولا المقدرات والمكتسبات للنهب والسلب والاحتراق. وشدّد إمام الحرم في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام أمس، على تضافر الجهود، واتحاد المواقف على حماية الأوطان، ومعالجة قضاياها بكل تعقل وحكمة وتفطن ويقظة لمكائد الأعداء، داعياً إلى السعي لتحقيق مصالح الوطن والوحدة ودرء المفاسد عنه. ودعا الدكتور السديس حملة الأقلام ورجال الفكر والإعلام إلى تأصيل ثقافة الحب روحاً ووجداناً وتعاملاً وتخاطباً وتبياناً، وقال: «أما السماسرة الإمَّعات فهم الذين يفسدون الأفئدة، ويلوثون رقراق الأشواق من شباب الأمة وفتياتها بجراثيم الغرائز والفجور وقصص الإفساد والتزييف والزور المطوحة في الأوحال والشرور، وقد تجسرت خائنة الأعين وما تخفي الصدور من الكيد والبهتان وسلب الحياء والامتهان، ويخدعون الأغرار مختلسين منهم نفيس الأوقات والأعمار بوجد محرم صفيق خداع بريق لا بهاء له ولا رحيق بل مآله الويل والحريق، إن هؤلاء لدمار الجيل ودائه وشقوته وبلائه ولكن ها هو الجيل الواعد بحمد الله شبَّ عن الأطواق، ولاحت مخائل ينعه وشموخه في الآفاق. وأكد أن الحب الزاخر بأزكى العواطف وأنبل المشاعر خير مهاد للتراحم بين الآباء والأبناء والزوجين الكريمين، وسعادة الأسرة ومشاعر الرضا والوداد لا تنمو إلا في رياض الحب ورباه ينأى بها عن الإجداب العاطفي الذي تسعرت به كثير من البيوتات جراء ويلات الفضائيات ورسائل الاتصالات التي بثت كثيراً من الزعازع والفتن والتحديات. وفي المدينةالمنورة، شدّد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ في خطبة الجمعة أمس على أن من أصول الشريعة في باب الولاية أن الإسلام حرّم أشد التحريم أن يستغل صاحب الولاية أياً كانت مرتبته هذا المنصب لتحقيق مصالحه الشخصية ومنافعه الذاتية، قال صلى الله عليه وسلم: «إن رجالاً يتخوطون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة»، مشيراً إلى أنه من أخذ مالاً من الأموال العامة مستغلاً منصبه متوسلاً بولايته إلى ما لا يحل له فليستمع إلى الزجر الشديد والوعيد الأكيد من سيد الثقلين صلى الله عليه وسلم حينما قال: «من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطاً - أي إبرة - فما فوقه كان غلولاً يأتي به يوم القيامة». ولفت إلى أنه من أصول التشريع في هذا الجانب أن صاحب الولاية يجب عليه أن يسمع لصوت الحوار الصادق المخلص الحوار الهادف المنبثق من ثوابت الشريعة ومنابع الإصلاح». وأضاف أن من التوجيهات الإسلامية لمن تولى للمسلمين ولاية أنه يجب عليه أن يسمع لحاجاتهم وأن يحرص للبحث عن شؤونهم والتحري عن كل ما يصلح أوضاعهم، وألا يجعل بينه وبينهم ما يحجبه عن أحوالهم ومعرفة أوضاعهم. وقال الشيخ آل الشيخ إن من التوجيهات في الإسلام لأهل الولايات أنه أوجب عليهم أن يحرصوا على تقريب أهل الخير والهدى وعلى ذوي الصلاح والتقوى وأن يبعدوا عن أهل الشر والفساد والهوى. وأكد أن من الأصول العظمى في هذا الدين وجوب أداء الأمانة بشتى صورها، ومن القواعد الكبرى تحريم الخيانة بمختلف أشكالها، قال سبحانه وتعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون»، ويقول صلى الله عليه وسلم: « كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والإمام راع ومسؤول عن رعيته»، ومن هنا فأعظم أسباب كوارث الأمة وفساد أوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها الإخلال بهذه الأصول العظمى والقواعد الكبرى، فكم وقع من المصائب في الأبدان والآلام في البلدان والكوارث في المقدرات بسبب تضييع الأمانة والوقوع في الخيانة. وبيَّن أن أعظم الأمانات أمانة الولاية بمختلف مستوياتها وتنوع مراتبها من الولاية العظمى إلى الولايات الصغرى، ولهذا جاء التشديد على أهمية الولاية والعناية بها في الإسلام.