يخسر الإنسان كل سباقات السباحة لكل المسافات، لأنّه ضعيف في الماء وبطيء. لا يجدي الحديث عن كبر قدمي السبّاح الأميركي الهائل مايكل فيلبس وعرضهما، وأنهما تساعدانه على دفع جسمه في الماء بقوة. ولا يستفيد فيلبس أيضاً من البذلة التي صُمّمت كي ينساب الماء حولها فتزيد سرعته. ولا يستطيع السبّاح التونسي الشهير أسامة الملولي حتى الاقتراب من الفوز بميدالية ما، على رغم تشبيه البعض له بالحوت. يكفي القول إنّ سمك «باركودا» مثلاً، يسبح بسرعة 45 كيلومتراً في الساعة. وثمة مفاجأة فعليّاً في الملاكمة لأنّ مزيج المشي على الرجلين والاستعمال الذكي للقبضات، مع التذكير بفرادة يد البشر وتركيبها، يجعل الإنسان ملاكماً لا يقهر في الأوزان كلّها. ويتكرّر الفوز مع المصارعة الرومانيّة ورمي القرص والرمح والقوس والمطرقة، وكل ما يعتمد على مزيج الدماغ واليد. ولنتذكر أن معظم تلك الألعاب مارسه قدماء اليونان في أولمبياداتهم، وجسدوه رسماً ونحتاً. ولأسباب مُشابهة، تذهب ميداليات الجمباز إلى الإنسان. ولكن، تنتزع قردة الغابون منه ميدالية العارضتين غير المتساويتين بفضل قدرتها على إنجاز دورانات كاملة أثناء إمساكها العارضة. وإذا أُخذ طول الجسم في الاعتبار، يصبح البرغوث سيد الوثب العالي من دون منازع. إذ يقفز ثلاثمئة ضعف طول جسمه. وإذا ما أراد الإنسان بلوغ هذا المستوى، توجب عليه القفز فوق برج «ايفل»! وفي مقارنة مشابهة، يكون هرقل «الأولمبياد الحيواني الشامل» في رفع الأثقال هو...النملة! تلك الصبورة الدؤوبة ترفع من خمس إلى سبع أضعاف وزن جسمها. ولم يستطع الرباع التركي هليل موتلو( وزن ما دون 58 كيلوغراماً), وهو من أساطين رفع الأثقال في تاريخ اللعبة، سوى رفع ثلاثة أضعاف جسمه، وقد نظر إلى ذلك باعتباره انجازاً كبيراً. ويتمكن الأبطال من ربّاعي الأوزان الثقيلة من رفع 2.5 ضعف وزن أجسادهم. وإذا لم يؤخذ الحساب النسبي للجسد مع الوزن، فإن الفيل هو سيد الاثقال من دون منازع. وإذا عاد الروسي سيرغي بوبكا إلى التباري، فلربما تفوٌق على كل منافسيه من الحيوانات في القفز بالزانة. وبالاختصار، لا يبدو الجسد الإنساني هشّاً بالطريقة التي يتصورها الكثيرون. وتتفوق الحيوانات في بعض الحركات المحدّدة، لكن اي منها لا يملك التعددية والمطواعية التي يملكها الإنسان. وأخيراً، وقبل العلم والتكنولوجيا، ارتكز البشر إلى ما هم عليه من مزيج العقل والجسد، وإلى أنسهم ببعضهم بعضاً وتألفهم في مجتمعات متعاضدة، فسادوا في أرض ليسوا فيها لا الأقوى ولا الأعلى ولا الأسرع!