لدى مقارنة إغلاق مؤشرات الأسواق المالية الإقليمية والعالمية نهاية حزيران (يونيو) 2008، أي قبل بداية التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية وإغلاقات أول من أمس، يلاحَظ في الولاياتالمتحدة ارتفاع المؤشر «داو جونز» بنسبة ثمانية في المئة، والمؤشر «ستاندارد أند بورز» بنسبة أربعة في المئة، والمؤشر «ناسداك» بنسبة 23 في المئة، فيما صعد المؤشر الألماني «داكس» بنسبة 15 في المئة، والمؤشر البريطاني «فاينانشيال تايمز» بنسبة ثمانية في المئة. ويتبين من ذلك أن هذه المؤشرات غطت كل الخسائر التي تعرضت لها في خلال فترة الأزمة وحققت مكاسب إضافية. في المقابل، تراجع خلال فترة المقارنة ذاتها مؤشر سوق دبي بنسبة 70 في المئة، ومؤشر سوق أبو ظبي بنسبة 45 في المئة، ومؤشر سوق الكويت بنسبة 57 في المئة، ومؤشر سوق البحرين بنسبة 49 في المئة، ومؤشر سوق مسقط بنسبة 38 في المئة، ومؤشر سوق الدوحة بنسبة 25 في المئة، ومؤشر السوق المصرية بنسبة 43 في المئة، ومؤشر سوق الأردن بنسبة 51 في المئة، ومؤشر السوق السعودية، وهي أكبر سوق مالية في المنطقة، بنسبة 29 في المئة. ويلفت الانتباه ارتباط حركة مؤشرات أسواق المنطقة بحركة مؤشرات الأسواق الأميركية عند بداية الأزمة، أي الارتباط عند انخفاض المؤشرات فقط، وليس عند الارتفاع، على رغم أن مصدر الأزمة ومعقلها كان الولاياتالمتحدة، وليس دول المنطقة. وفُك هذا الارتباط في ما بين مؤشرات معظم أسواق المنطقة بمؤشرات الأسواق الأميركية عند بداية تعافي هذه الأخيرة بفضل عوامل مرتبطة بالسياسة النقدية والسياسة المالية الأميركية، على رغم توافر عوامل قوة في اقتصادات المنطقة. وتعود الخسائر الكبيرة التي لا يزال يتعرض لها مؤشر سوق دبي، مثلاً، إلى عوامل تأتي في مقدمها أزمة الديون المستحقة على بعض شركات دبي والعمل على إعادة هيكلة هذه الديون، إذ نتجت عن ذلك تأثيرات سلبية في حركة الاستثمار الأجنبي والاستثمار المحلي منذ بداية الربع الأخير من عام 2009. ويبرز أيضاً التراجع الكبير في أداء القطاع العقاري في إمارة دبي خصوصاً والإمارات عموماً، وهو تراجع أدى إلى انخفاض ربحية معظم شركات قطاع العقارات المدرجة في الأسواق المالية الإماراتية بنسبة كبيرة، وكان لذلك تأثير سلبي في أسعار أسهم هذه الشركات التي تستحوذ على حصة الأسد من تداولات الأسواق الإماراتية، كما كان له تأثير سلبي في أداء قطاع المصارف نتيجة للانكشاف الكبير للمصارف على القطاع. ومع تراجع القروض المقدمة إلى المستثمرين في العقارات والأسهم وقطاعات أخرى كثيرة، ضعفت سيولة الأسواق المالية الإماراتية وتراجعت مؤشراتها. وفي ظل سيطرة سيولة الاستثمار الفردي وضعف الاستثمار المؤسسي، لم تعكس حركة مؤشرات الأسواق الإماراتية التحسن الكبير في أداء العديد من القطاعات الاقتصادية. * مستشار للأسواق المالية في «بنك أبو ظبي الوطني»