في ظل تأكيد المجلس العسكري في مصر انه يعمل في شكل نشط من أجل ضمان انتقال السلطة في شكل سلس وخلال ستة شهور فقط إلى خليفة الرئيس المتنحي حسني مبارك، بدأت الأوساط السياسية تتداول في أسماء الشخصيات الممكن أن تترشح وتفوز في الانتخابات المقبلة. ولكن في حين أبدى الجيش مرونة واضحة حول مسألة «مدنية الدولة»، فإن كثيرين يقولون إن الرئيس المقبل لا بد أن يمر عبر «بوابة» رضا القوات المسلحة المصرية القوية. وكان لافتاً أن رئيس حكومة تصريف الأعمال الفريق أحمد شفيق قال أول من أمس إن الجيش سيحدد الدور المقبل لنائب الرئيس السابق عمر سليمان. وجاء هذا التصريح متزامناً مع معلومات متواترة أشارت إلى أن الجيش ربما يُحضّر سليمان لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة. لكن هذا الطرح سيبقى أمامه «عقبة الشارع» الذي انقلب على سليمان، قبل أيام من تنحي مبارك، باعتبار أنه «جزء من النظام السابق». وهذا العائق يقف أيضاً أمام تحركات الأحزاب السياسية التي ورثت مساوئ النظام السابق وتفرغت طول السنوات الماضية لصراعاتها الداخلية، لتفقد بذلك قدرتها على التطوير واستقطاب كتلة الشباب. بل، على العكس، شارك بعض هذه الأحزاب مع نظام مبارك في انتقاد «الحراك الذي أحدثه الشباب»، وظلّ يردد أن أي تغيير يجب أن يأتي من داخل الأحزاب السياسية حتى فاجأته «انتفاضة الشباب» ووضعته أمام موقف لا يحسد عليه. وعلى رغم أن «الانتفاضة الشبابية» تبدو بلا قيادة واضحة، إلا أن هناك جهوداً واضحة تُبذل كي يلعب ممثلون لها دوراً في المرحلة المقبلة. وبدأت هذه الجهود من خلال إعلان تشكيل حزب سياسي أطلق عليه «شباب 25 يناير» نسبة إلى اليوم الذي انطلقت فيه ثورة الشباب والتي انتهت بإطاحة مبارك ونظامه. أما الدكتور محمد البرادعي الذي كان يُنظر إليه على أنه من أبرز المرشحين للرئاسة، فإن من غير الواضح بعد مدى تمكنه من نيل ثقة الجماهير في حال قرر خوض المنافسة على منصب الرئاسة في الانتخابات المقبلة. وبالنسبة إلى عمرو موسى الذي أعلن أنه سيقدم استقالته من منصب الأمين العام للجامعة العربية، فقراره في شأن خوض الانتخابات الرئاسية لا يزال غير محسوم. وموسى على ما يبدو لم يتمكن من نيل «ثقة الشباب الثائر»، وإن كان يحظى بتقدير واسع النطاق على المستوى الشعبي والنخبوي في مصر. أما جماعة «الإخوان المسلمين» فقد سارعت إلى إعلان عدم ترشيح أحد من أعضائها في الانتخابات الرئاسية المقبلة، كما أنها أكدت عدم رغبتها في نيل الغالبية النيابية، في محاولة واضحة من الجماعة لطمأنة الرأي العام داخلياً وخارجياً. لكن بلا شك فإن تأييد الجماعة لأحد المتنافسين على المقعد الرئاسي سيكون له دور كبير في حسم المعركة، وإن كان هذا لن يحدث قبل حصول «الإخوان» على وعود تطوي «سنوات الحظر». وفي استطلاع للرأي في شأن مستقبل الحكم في مصر أجراه شباب على موقع «فايسبوك» للتواصل الاجتماعي لاختيار خليفة مبارك من بين عمرو موسى والبرادعي وزعيم حزب الغد أيمن نور، جاء موسى في صدارة الترتيب بفارق كبير، فيما حل البرادعي ثانياً ولكن بفارق كبير، وبعدهما جاء نور. وأبدى كثيرون ممن رفضوا حصر المنافسة بين الثلاثة رغبتهم في قيادة الجيش مرحلة انتقالية.