انخفضت قيمة الأسهم المتداولة في أسواق المال الخليجية العام الماضي بنسبة 42 في المئة، لتبلغ 296 بليون دولار، في مقابل 510 بلايين عام 2009، في وقت شهدت البورصات تذبذباً عكس حالة القلق لدى المستثمرين في دول المجلس بسبب استمرار بعض تداعيات الأزمة المالية العالمية من جهة، والضبابية التي تشهدها هذه الأسواق من جهة أخرى. وأشار مصرف الامارات الصناعي في تقرير الى أن أحجام التداول مالت كلها نحو الانخفاض بسبب شح السيولة وعزوف المحافظ الاستثمارية وتردد صغار المستثمرين عن الاستثمار في البورصة، على رغم ارتفاع مؤشرات ثلاث أسواق خليجية وانخفاض اثنين واستقرار آخر. وجاء هذا الانخفاض، على رغم تعافي الاقتصادات الخليجية من معظم تداعيات الأزمة وارتفاع أسعار النفط بنسبة كبيرة، الا ان استمرار معاناة بعض القطاعات في مجالي العقارات والبنوك والتي تهيمن على أسواق المال الخليجية، انعكس سلباً على اداء هذه الأسواق في شكل عام. واعتبر التقرير أن «اداء البورصات الخليجية خلال العام الماضي لم يعكس حقيقة الأوضاع الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي والتي حققت اقتصاداتها معدلات نمو جيدة عام 2010»، متوقعاً ان تستمر حالة الانتعاش الاقتصادي خلال العام الحالي. وعلى رغم التراجع في معدلات التداول في البورصات الخليجية خلال العام الماضي، لاحظ التقرير ان أسواقاً في المنطقة، استعادت بعض خسائرها الكبيرة التي تكبدتها بين عامي 2006 و 2009، الا انها لا زالت بعيدة جداً عن مستويات القمة التي بلغتها في عام 2005. ولفت التقرير الى ان بورصتي الامارات، تراجعتا العام الماضي بنسبة 4.8 في المئة، نتيجة استمرار تراجع أسهم قطاعي العقارات والمصارف التي اقتطعت مبالغ كبيرة، كمخصصات لديونها المتعثرة، ما انعكس سلباً على حجم ارباحها في عام 2009، وتدني أسعار اسهمها، والذي انتج انعكاسات سلبية على المؤشر العام لسوق الإمارات للأوراق المالية، حيث تمثل أسهم العقارات والبنوك الثقل الأساسي. وطالب بضرورة إعادة النظر في الكثير من الجوانب التي تحيط بأوضاع سوق الاوراق المالية، منها هيكلية السوق والتي لا تعكس التقدم الهيكلي الذي حققه اقتصاد الدولة في العقدين الماضيين. كما طالب بفك ارتباط اداء سوق الأوراق المالية بأسهم قطاع العقارات والذي تعتبر مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي، متواضعة اذا قورنت بمساهمة بعض القطاعات غير النفطية الاخرى، كقطاع الصناعات التحويلية والذي تعتبر شركاته شبه غائبة عن سوق الامارات للأوراق المالية. وتوقع التقرير أن تستعيد سوق الأوراق المالية المحلية، جزءاً من خسائرها خلال العام الحالي، تزامناً مع التوقعات الخاصة بإمكان استقرار القطاع العقاري وارتفاع ارباح البنوك بعد انخفاض حجم مخصصات الديون المتعثرة في العام الحالي، مقارنة بعام 2010. وأشار الى بعض العوامل المساعدة التي تمنح مثل هذه التوقعات صدقية كبيرة، والتي تتمثل في استمرار بقاء أسعار النفط عند مستويات مرتفعة وتحقيق الاقتصاد المحلي نمواً ايجابياً هذا العام، ما يوفر مزيداً من السيولة، ويتيح تحقيق معدلات نمو جيدة في القطاعات الاقتصادية غير النفطية، ومنها قطاع البنوك والخدمات. وخلص التقرير إلى ان مرحلة التعافي التي تميز الاقتصادات الخليجية، والتي صنفت اخيراً ضمن الاقتصادات الناشئة التي تساهم بقوة في تعافي الاقتصاد العالمي، ستستمر، بفضل الطلب المتنامي على مختلف انواع السلع والخدمات في هذه الاقتصادات الناشئة، ما سيؤدي الى اعادة النشاط لاسواق المال الخليجية، ويعزز مكاسبها ويوفر فرصاً استثمارية جيدة فيها.