المهمة أنجزت! كلمات مقتضبة، لكن بليغة كتبها وائل غنيم ليعلن انتهاء مهتمه. مهمته التي لم يكن ينوي الإعلان عنها، لكنه كان يمارسها مكتفياً بدوره على لوحة المفاتيح. «بطل الكيبورد»، هكذا سمي مدير تسويق «غوغل» في الشرق الأوسط الشاب وائل غنيم عقب خروجه من المعتقل الذي أدخل اليه يوم 27 كانون الثاني (يناير) الماضي. بطل؟ نعم! لكنه لم يقصد ذلك، أو على الأقل لم يكن يسعى إلى ذلك. هو من أنشأ صفحة «كلنا خالد سعيد» شهيد الشرطة أو «شهيد البانغو» السكندري الشهير. وهو من كتب على «تويتر» يوم 26 كانون الثاني «أنا متجه إلى ساحة التحرير الآن للنوم في شوارع القاهرة، سأحاول الشعور بألم الملايين من المصريين». ويرجح كثيرون أن تلك ال «تويت» أحد الأسباب المباشرة لاعتقاله في اليوم التالي، إضافة إلى الكثير من ال «تويتس» الاحتجاجية المنشورة عنده على مدى أسابيع. وقفز غنيم إلى صدر صفحات الصحف اليومية وعناوين البرامج الرئيسة ونشرات الأخبار حين تدخل رئيس الوزراء أحمد شفيق شخصياً للإفراج عنه. وعقب الإفراج عنه، وظهوره في برنامج «العاشرة مساء!» مع مقدمته منى الشاذلي جذب غنيم إليه الملايين من المصريين الذين رأى كثيرون منهم فيه القدوة المثلى والقائد المناسب. بل إن مقترحات عدة ظهرت ليكون غنيم هو قائد شباب التحرير، لكنه أكد مراراً وتكراراً أنه لا يرغب في ذلك، وأنه إذا تحدث على الملأ فسيكون ذلك بصفته الشخصية. ليس هذا فقط، بل كتب «تويت» قال فيه: «أتعهد لكل مصري بأن أعود إلى حياتي الطبيعية ولا أضلع في السياسة ما إن يحقق المصريون أحلامهم». وغنيم مهندس كومبيوتر حاصل على بكالوريوس الهندسة من جامعة القاهرة في عام 2004 وعلى درجة الماجستير في إدارة الأعمال من الجامعة الأميركية في القاهرة في عام 2007. وعلى رغم أنه لم يعرف عنه أي نشاط سياسي، أو انتماء حزبي، إلا أن تفاعله مع قضية الشاب خالد سعيد ومن ثم اعتقاله ضمن النشاط الأمني لإجهاض ثورة شباب التحرير وضعاه على فوهة مدفع الأحداث، حتى بات مطالباً باتخاذ قرارات نيابة عن المتظاهرين. لكن، بعد دقائق من خطاب الرئيس مبارك وتفويض صلاحياته لنائبه عمر سليمان كتب وائل على صفحة «كلنا خالد سعيد»: «الموقف معقد بجد: أنا مش عايز أفرط في دم الشهداء وفي الوقت نفسه عايز أحقن دماء المصريين... احنا حققنا مكاسب سياسية نوعية فعلاً في فترة قليلة ولكن مطلب الشباب المعتصم بالتنحي متحققش... أنا لأول مرة حاسس إني مش عارف آخد قرار».