ترسخت عقدة كوارث حوادث القطارات المتكررة في مصر، باصطدام قطارين للركاب في منطقة خورشيد شرق الإسكندرية أمس، ما أسفر عن سقوط 36 قتيلاً و123 جريحاً، وفق إحصاء رسمي أعلنته وزارة الصحة. وتتكرر كوارث القطارات في مصر كل بضعة أعوام لأسباب فنية أو بشرية، وتسقط فيها أعداد كبيرة من الضحايا، ويظل أسوأها حادث العياط في العام 2002، حيث قُتل مئات حرقاً داخل القطار (للمزيد). ومع كل خسارة لعشرات القتلى في حوادث القطارات تُسارع الحكومات المتعاقبة إلى تطويق أسبابها، لكن سرعان ما تباغتها كارثة أخرى لسبب جديد يعود في الغالب إلى الاعتماد على العنصر البشري في تشغيل منظومة السكك الحديد، سواء في قيادة القطارات أو توجيهها، بإجراء التحويلات على خطوط السكة أو فتح وإغلاق بوابات عبور خط السكة الحديد للسيارات أو المارة، وأي خطأ أو اختلال في تلك المنظومة يُسبب في الغالب كارثة بشرية، لكثافة اعتماد ملايين المصريين على التنقل بين المحافظات بالقطارات. وصدم أمس قطار سريع قادم من القاهرة إلى الإسكندرية قطاراً آخر من الخلف كان قادماً من بورسعيد، قبل محطة وصولهما بمسافة قصيرة. وسقطت قاطرة الأول وإحدى عرباته بعدما خرجت عن القضبان، وانقلبت سيارات عدة منه في مشهد مروّع، كما سقطت عربتان تُقلان ركاباً من القطار الذي صُدم من الخلف، وقُتل سائق قطار القاهرة في الحادث. وأعربت رئاسة الجمهورية عن خالص الأسف للحادث الأليم. وأعرب الرئيس عبد الفتاح السيسي عن تعازيه لأهالي الضحايا، مؤكداً أن الدولة ستسخر كل إمكاناتها لتوفير الرعاية الكاملة لهم وللمصابين، ووجّه أجهزةَ الدولة والمسؤولين المعنيين بمتابعة تطورات الحادث وتشكيل فرق عمل للتحقيق في ملابساته والتعرف إلى أسبابه ومحاسبة المسؤولين عنه. وشكّلت هيئة السكك الحديد لجنة فنية للتحقيق في الأسباب، وكيفية سير قطارين على القضبان في الاتجاه نفسه إلى حد التصادم. ووجهت الهيئة رافعات وجرافات ضخمة لرفع عربات القطارين المنقلبة وفتح مسار السكة الحديد التي تعطل السير عليها بين الإسكندرية والصعيد. ودُمرت عربات ركاب في القطارين جراء شدة الاصطدام، فيما شوهدت جثث لضحايا مُلقاة على جانبي قضبان السكة الحديد ومغطاة بأقمشة. واتصل رئيس الوزراء شريف إسماعيل بوزير النقل هشام عرفات لمتابعة تفاصيل الحادث وطلب تقريراً فنياً مفصلاً عن أسبابه وعن مواعيد الرحلتين ومسارهما، والإجراءات التي اتبعت من أبراج المراقبة مع القطارين خلال رحلتيهما. ووجه رئيس الوزراء بتفعيل غرفة الطوارئ في مجلس الوزراء لمتابعة تداعيات الحادث. وطلب النائب العام المستشار نبيل صادق تشكيل فريق من النيابة لمتابعة التحقيقات في الحادث وتحديد المسؤولية الجنائية بعد استعراض التقارير الفنية عن أسبابه. وكما في كل حوادث القطارات السابقة، أطلقت وعود حكومية بدراسة أسباب الحادث واتخاذ إجراءات صارمة من شأنها عدم تكرار مثل هذه الحوادث. وقبل أيام، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لمجموعة من الأشخاص يدخنون سجائر الحشيش في مقصورة قيادة قطار مُسرع، وسط رقص على موسيقى شعبية، فيما يطلب أحدهم من سائق القطار الانتباه للطريق وسط ضحكات الآخرين. وتعهدت وزارة النقل بالتحقيق في الفيديو ولم تنكره، ووعدت بمحاسبة المقصرين.