أكد الرئيس اللبناني ميشال عون أن اللقاء الحواري الذي دعا إليه (بعد غد) الإثنين في قصر بعبدا، هدفه إيجاد حل للخلاف الذي نشأ حول قانون سلسلة الرتب والرواتب وقانون استحداث ضرائب لتمويلها، «يراعي مصالح جميع اللبنانيين من دون أن يفقر فئة أو يغني فئة أخرى، ذلك أنه في ظل أوضاع اقتصادية صعبة كالتي يعيشها لبنان ليس في مقدور أحد الحصول على ما يتمناه ويريده أو يحقق له مصالحه دون مصالح الآخرين». وأمل بأن «يعالج المشاركون في اللقاء الحواري المسائل المطروحة بروح من المسؤولية لإيجاد حل عادل لجميع الأطراف». موقف عون جاء خلال استقباله في قصر بعبدا، وفداً من آل الخازن في كسروان. وأكد أن «الليرة لا تدعم بالدين الذي يخفض قيمتها». وأورد وفق بيان المكتب الإعلامي في بعبدا «عرضاً لما تعانيه الدولة نتيجة 27 سنة من سوء الإدارة والأزمات المتلاحقة والتي لا يمكن إصلاحها في غضون بضعة أشهر»، مشدداً على أن «مسيرة الإصلاح مستمرة وقد بدأ التغيير في الأجهزة الأمنية والمؤسسات الرقابية والقضائية»، داعياً اللبنانيين إلى «الالتفاف حول الدولة ومؤسساتها». وفي إطار التحضير للقاء الحواري، ترأس عون جلسة عمل مع وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة في حضور مدير عام الوزارة فادي يرق، ومديرة وحدة إدارة ومتابعة تنفيذ برنامج التعليم الشامل صونيا خوري. وبعد الاجتماع، قال حمادة: «تناولنا كل وجوه السياسة التربوية، وعرضنا على رئيس الجمهورية التحضيرات الجارية لإطلاق السنة الدراسية بأعداد إضافية مرتقبة من التلامذة اللبنانيين وبتجهيزات أكثر تطوراً. وأشرنا إلى احتمال زيادة عدد الأولاد السوريين النازحين إلى ما يقارب 25 ألفاً وسبل مواجهة هذه الزيادة عبر العمل على إبقاء مستوى المساعدات الدولية بما يتلاءم مع الحاجات اللبنانية». وأضاف: «بحثنا أيضاً في السلسلة وانعكاساتها على القطاع التربوي العام والخاص وذلك تمهيداً للقاء الحواري، وسلمنا الرئيس، لوائح بأرقام وإحصاءات وتوقعات بالنسبة إلى هذه الانعكاسات ليكون على بينة منها». وأوضح أن البحث تطرق أيضاً إلى «الاجتماعات المرتقبة في نيويورك الشهر المقبل على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة والتي ستتناول الموضوع التربوي من خلال اللقاءات مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ووزراء الدول المانحة والبنك الدولي». «الجيش على أهبة الاستعداد» والتقى عون وفداً تونسياً يضم نواباً من الأحزاب الموالية والمعارضة. وتحدث حسن عز الدين من دائرة العلاقات العربية في «حزب الله» مثمناً مواقف رئيس الجمهورية «الوطنية والعربية والقومية، خصوصاً على المستوى الوطني في بناء دولة القانون، الدولة القوية والقادرة على مواجهة العدو الصهيوني والعدو التكفيري». ثم تحدثت رئيسة الوفد النائب مباركة ابراهيمي، فعبّرت عن سعادتها بلقاء الرئيس عون «القامة الوطنية اللبنانية، القومية والإنسانية»، مشيرة إلى «أن تونس تساند محور المقاومة والحق العربي في فلسطين، كما تساند الشعب اللبناني وجيشه الباسل في مواجهة العدوان الداعشي». ورد عون، مؤكداً «أن الجيش على أهبة الاستعداد والجاهزية لمواجهة خطر التكفيريين، وهو سيحرز الانتصار في معركته في مواجهة الإرهاب». وأشار إلى «أننا تخطينا مرحلة الانقسام السياسي في لبنان، منذ أجريت الانتخابات الرئاسية وأرسينا الاستقرار السياسي والأمني الذي نحمد الله على أننا ننعم به اليوم»، ولفت إلى العبء الكبير الذي يتحمّله لبنان نتيجة استقباله أكثر من مليون و850 ألف نازح سوري بسبب الحرب في سورية، «وهذا عبء كبير إضافة إلى اللجوء الفلسطيني المزمن». وأمل بأن «يتحقق السلام سريعاً في سورية ما يساعد في حل مشكلة النزوح وعواقبه». لقاء بعبدا الحواري: تعديلات على السلسلة تأخذ بوجهة نظر عون لتلافي مزيد من العجز قالت مصادر نيابية لبنانية بارزة إن لا اعتراض على دعوة الرئيس ميشال عون إلى لقاء حواري في قصر بعبدا بعد غد الإثنين «للبحث في أوجه الخلاف والتناقض واختلاف الآراء حول قانوني سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام واستحداث ضرائب لتمويل السلسلة». وأكدت ل «الحياة» أن من حقه الدعوة إلى مثل هذا اللقاء الذي سيشارك فيه جميع الأطراف المعنيين بالسلسلة، سواء في القطاع العام أم في الخاص، في محاولة للتوصل إلى قواسم مشتركة تدفع في اتجاه الوصول إلى تسوية تؤمن الانتظام المالي العام وتحفظ الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والمالي في البلاد، في ظل الظروف الصعبة التي يمر فيها وتتطلب توفير الشراكة من أجل التغلب على نقاط الخلاف. ولفتت المصادر ذاتها إلى أن الرئيس عون معني كسواه من أركان الدولة في تلبية طلب العاملين في القطاع العام لتسوية أوضاعهم من خلال إقرار سلسلة الرتب والرواتب، إنما على قاعدة تأمين حد أدنى من التوازن بين الواردات المالية لتمويلها وبين النفقات المترتبة على صرفها، شرط أن لا تحلق الضرر بالاستقرار النقدي وأن لا تزيد من العجز الناتج من الدين العام. وقالت المصادر النيابية إن لا موقف سلبياً لرئيس المجلس النيابي نبيه بري نتيجة اعتذاره عن عدم حضوره اللقاء الحواري، لأن لا داعي لمشاركته فيه وهو ينتظر موقف رئيس الجمهورية والمداولات التي ستجرى في هذا اللقاء لينبي على الشيء مقتضاه. ورأت أن من غير الجائز التعامل مع دعوة الرئيس بري إلى عقد جلسة عامة صباح الأربعاء المقبل لمتابعة درس وإقرار جدول الأعمال الذي كان مدرجاً في الجلسة التشريعية السابقة، وكأنه يضع نفسه في موقع المنافس لرئيس الجمهورية في دعوته إلى اللقاء الحواري. وأوضحت أن بري كان أعلن في نهاية الجلسة التشريعية السابقة أنه سيدعو قريباً إلى جلسة لاستكمال درس ما تبقى من بنود في جدول أعمال الجلسة السابقة. وقالت إن هذه البنود لا تمت بصلة إلى النقاط المدرجة على جدول أعمال اللقاء الحواري، إضافة إلى أن الأخير يحمل طابعاً تشاورياً وليس إلزامياً لأن تعديل القوانين أو إعادة النظر فيها من صلاحيات السلطة التشريعية، أو التنفيذية في طلب استرداد بعض القوانين من البرلمان... واعتبرت أن اللقاء الحواري يمكن أن يساهم في إزالة العوائق أمام «الإفراج» عن سلسلة الرتب والرواتاب التي لم يوقع الرئيس عون حتى الساعة على القانون الخاص بها، ولديه مهلة حتى تاريخ 24 الجاري، فإما أن يوقع على المرسوم أو يرده ويطلب إعادة النظر فيه، قبل نفاذها أو يمتنع عن التوقيع عليه ويعتبر نافذاً. واستبعدت المصادر أن تكون لدى عون نية بالدخول في اشتباك سياسي مع البرلمان على خلفية ملاحظاته على سلسلة الرتب والرواتب، خصوصاً أن «تكتل التغيير والإصلاح» الذي كان يرأسه قبل انتخابه رئيساً للجمهورية وافق على القانون من دون أي تحفظ، لا بل كان على رأس المتحمسين لإقراره، ولا يعتقد أنه ندم لاحقاً على التصويت لمصلحة سلسلة الرتب. ورجحت أن يكون الهدف من اللقاء الحواري الذي يتسم بطابع تشاوري جمع المعنييين بسلسلة الرتب والرواتب على طاولة واحدة ليكون في مقدورهم الدخول في نقاش موضوعي وواقعي بعيداً من المزايدات الشعبوية وصولاً إلى التفاهم على بعض التعديلات التي تقترحها الهيئات الاقتصادية وجمعية المصارف التي كانت التقت رئيس الجمهورية، وخرجت بانطباع بأنه يتفهم وجهة نظرها في خصوص إعادة النظر ببعض البنود الضريبية الواردة في السلسلة، إضافة إلى مطالبة أصحاب المدارس الخاصة بضرورة فصل القطاع العام عن الخاص. لكن مصادر أخرى سألت ما إذا كان رئيس الجمهورية أراد أن يوحي من خلال ما ورد في دعوته المشاركين في اللقاء الحواري بأنه يريد أن يرد سلسلة الرتب ويطلب إعادة النظر فيها، مع أن مجرد ردها سيشكل إحراجاً للنواب الذين صوتوا عليها ومن بينهم نواب «تكتل التغيير والإصلاح». ومع أنها تطرح هذا السؤال من زاوية افتراضية، فإنها في المقابل تعول على دور اللقاء الحواري في إيجاد مخرج يفتح الباب أمام التفاهم على بعض التعديلات المقترحة على سلسلة الرتب، خصوصاً أن الوزراء المشاركين في الحوار يمثلون كبريات الكتل النيابية في البرلمان. لذلك تستبعد المصادر أن يكون الهدف من اللقاء الحواري توفير ما يشبه الإجماع لتبرير امتناع رئيس الجمهورية عن التوقيع على المرسوم الخاص بالسلسلة، وتقول إن الأخير يريد أن يتوجه إلى المعنيين بها، لا سيما الهيئات الاقتصادية ليقول لكل هؤلاء إنه مارس حقه الدستوري وطلب إعادة النظر ببعض بنودها متسلحاً بالتوجه الذي سيسلكه أركان الحوار في دعمهم وجهة نظره. واعتبرت أن مجرد الوصول إلى تفاهم على ترشيق سلسلة الرتب بما يعيد الانتظام المالي العام ولا يثقل مالية الدولة بأعباء تزيد حجم المديونية العامة، سيدفع إلى الوصول إلى صيغة مركبة تسمح بفصل السلسلة عن الموازنة العامة للعام الحالي، التي أوشكت اللجنة النيابية على مناقشتها تمهيداً لإحالتها على الهيئة العامة لإقرارها، وبالتالي لم يعد إقرار السلسلة مقيداً بالموازنة ويمكن اعتبارها نافذة حكماً مع انتهاء المهلة التي حددتها الهيئة العامة في البرلمان في 24 الجاري. وبكلام آخر، فإن انقضاء هذه المهلة من دون إقرار الموازنة يعني فك الارتباط بين الأخيرة وسلسلة الرتب ويمكن رئيس الجمهورية أن لا يسجل اعتراضه في حال توصل إلى إدخال تعديلات على البنود الضريبية الواردة في السلسلة ليوجه من خلالها رسالة إلى الرأي العام بأن الحوار كان ضرورياً لعدم الإخلال بالنظام المالي العام وعندئذٍ لا مانع من إدخال السلسلة لاحقاً في الموازنة طالما أن ما يعيق اعتبارها نافذة قد سوي، وأنه سيكون للبرلمان دور في التعامل معها بإيجابية، لأن الحوار ليس الموقع المعني بالتشريع أو الحلول محل السلطات الدستورية. فهل سيتوصل عون إلى تسوية تشكّل مخرجاً للجميع، أم أن تعدد الأطراف وتباعد المواقف سيبقي الأمور على ما هي عليه، وبالتالي سيبادر عون إلى التمسك بتعديلاته ويطرحها على مجلس الوزراء لوضعها في صيغة نهائية تتولى الحكومة إحالتها على البرلمان للنظر فيها.