أقامت الفنانة وفاء بالطيب ورشات رسم لفاقدي البصر انطلاقاً من إيمانها بدور اجتماعي يضطلع به الفنان لمساعدة من يحتاج إلى عون. هي فنانة متعدّدة المواهب تعمل في شكل متواصل، وتبذل جهداً يومياً ولا تعرف الراحة مع ابتسامة الأطفال على وجهها. عن هذا العمل تقول الفنانة التونسية: «إنها المرّة الأولى التي يحدث فيها هذا النشاط في تونس، وأنا متحمّسة جداً لأننّي سأعمل مع فاقدي البصر منذ الولادة، ما يعني أنه ليست لديهم مرجعية لونية يمكن أن يستندوا إليها، وسيكون التركيز على حاسّتَي الشمّ واللمس حتى تتكون لديهم فكرة خاصة بهم عن الألوان، لذلك فكّرت في أن أبتكر لهم لغة لونيّة». وتضيف: «هو عمل دقيق جداً، بدأت الإعداد له السنة الماضية على كل المستويات». وتتحدث عن تجربة الألوان من خلال الحواس الأخرى غير البصر قائلة: «الأزرق مثلاً هو شعورك وأنت تلامس الماء البارد في عز الحرّ، الأخضر هو رائحة العشب وهكذا...». وتضيف: «أحاول أن أقرن كلّ لون بحالة يمكن أن تقرّب مواصفات اللون إلى محسوسات فاقد البصر منذ الولادة، ومن هنا نُعِيرُ الحالات أسماءَ الألوان». وتؤكد أنه يمكن فاقد البصر أن يرسم بالألوان وفقاً للحالة التي يريدها، «فالأزرق هو شعورك وأنت تركّب أرجوحة وتستمتع بنسيم فجر صيفي، أما الأحمر فهو لدغة الشمس الحارقة وبمثابة اِحتداد الدفء ليصبح مزعجاً، وهو الرغبة الشديدة في الشيء، فيما يُمثّل البرتقالي حالة الدفء والاِستكانة لغطاء ناعم في الشتاء، والبنفسجي هو إحساسك وأنت تستمع إلى أغنية حزينة، والأخضر رائحة الشجر والعشب، أما الأسود فيعطيك الإحساس بالخوف والحزن، فيما يشير الأبيض إلى الفرح الكبير، أمّا الأصفر فهو شعورك بأنك على حافة الموت وفي اللحظة الأخيرة تنجو». واختتمت: «هذه ليست مجرد تجربة، بل خطوة أولى في مشروع كبير. ونحن مطالبون بإرساء ثقافة الاعتراف بالآخر المختلف عنا، مع أنني مؤمنة بأنّ الإعاقة ليست جسدية، ففي أثناء التحضير للعمل قابلت الكثير من معوّقي القلوب والأفكار وهم سليمو الأجساد.