ماذا تفعل أربع ممثلات شابات فاتنات وموهوبات يعجزن عن العثور على أدوار تناسبهن في السينما والتلفزيون والمسرح بسبب إنخفاض عدد الأعمال التي تنتج حالياً كنتيجة للأزمة الإقتصادية، ولكن أيضاً لأنهن لا ينتمين إلى «عائلة» فنية ترعاهن وتفتح أمامهن أبواب الأدوار الحلوة واسعة؟ فقد أقدمت جوديت ريمي مع ثلاث صديقات لها على خطوة جريئة تتلخص في تكوين فرقة نسائية فكاهية إستعراضية تقدم الفقرات المرحة الممزوجة بالغناء والرقص فوق مسارح باريس ومدن أخرى في فرنسا وأوروبا. الفرقة إسمها «فتيات البحر» والعرض الجديد المقدم حالياً في قاعة «نوفيل إيف» عنوانه «فتيات البحر يحتفلن بنهاية العالم» إستناداُ إلى التوقعات التي كتبت هنا وهناك مدعية بأن نهاية العالم ستحل في العام 2012. والطريف في الفرقة وهو الشيء الذي يصنع رواجها بما أن المسرح صار يرفض الحجوزات من كثرة الطلبات عليه، هو كون ريمي وزميلاتها إتخذن اللون الفكاهي والإستعراضي العائد إلى زمن الستينات من القرن العشرين رمزاً لهن وذلك ليس فقط من خلال روح الفكاهة والمداعبة ولكن أيضاً في الفساتين والأحذية والمكملات المستخدمة فوق المسرح غير الديكور الوردي الذي يوحي بوضوح بأفلام هوليوود في تلك الفترة الزمنية والتي شهدت مارلين مونرو وجين مانسفيلد وساندرا دي ودوريس داي في أوج نجاحهن. وحتى الميكروفون الذي يتوسط المسرح والذي يقفن أمامه الفنانات ينتمي إلى أيام زمان. الأمر الذي لا يمنع عنصر الحداثة من التواجد في العرض بما أن مضمون الفقرات الفكاهية يخص الأوضاع السياسية والإجتماعية التي يعيشها العالم في الوقت الراهن. وتكمن موهبة «فتيات البحر» في تغليف هذه الأحداث المعاصرة بألحان وأسلوب في السرد ومكياج وتسريحة شعر كلها على الطريقة القديمة. وفي أوقات أخرى يرددن الفنانات أغنيات قديمة بأسلوب حديث وجريء معاكس تماماً لمضمون الكلمات المرددة. ويأتي هذا الخليط سواءً كان يدمج المعاصر بالقديم أو القديم بالمعاصر بحسب الحلة الفنية لكل فقرة مقدمة، بنتيجة فعالة تثير دهشة وإعجاب الجمهور من كافة الأعمار كل بحسب ثقافته وذوقه الفني والأشياء التي عاصرها في حياته. وتصطحب الفنانات فوق المسرح فرقة موسيقية صغيرة من ثلاثة عازفين ماهرين يتأقلمون بسرعة البرق مع الفقرات المختلفة. وإشترطت ريمي زعيمة الفرقة، على إدارة المسرح تغيير لون الجدران والسجاد وحتى المقاعد والطاولات بحيث يكون الديكور العام وردياً ولا شيء سواه. كما أن هناك وردة تهدى إلى كل متفرجة تعبر مدخل القاعة في كل سهرة. ووعدت الفرقة بمفاجأة جمهورها في ليلة الفالنتاين ، 14 شباط (فبراير) الحالي. وستكون المفاجأة على الأرجح عن طريق مداعبة المتفرجين وربما الطلب من فئة بينهم الصعود فوق الخشبة والمشاركة في الغناء والرقص. فعلى الخجول ألا يحجز مقعده في الصفوف الأولى في هذه السهرة. ويبلغ متوسط أعمار «فتيات البحر» ثلاثين سنة. وظهرت ريمي من قبل في العديد من الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية على مدار الأعوام العشرة الماضية إلا أن الأزمة بحسب ما صرح لها وكيل أعمالها، تسببت في تقليل الأدوار المطروحة عامة على الممثلات الشابات إذا ما كن من النجمات الكبيرات. والأرجح أن النجومية ستطرق باب ريمي وزميلاتها إذا إستمر عرضهن في جذب الحشود الجماهيرية مثلما يفعل حالياً بخاصة أن هناك مسارح في كل من كندا وبلجيكا وسويسرا قد أبدت إهتمامها ببرمجة «فتيات البحر» في مستقبل قريب. أما عن نهاية العالم بالنسبة الى الجميلات الأربع فهي ليست واردة الآن.