واجهت الحكومة الفنزويلية أمس (الثلثاء) عزلة دولية متزايدة بعد تنديد الأممالمتحدة باستخدامها القوة المفرطة وإدانة دول أميركية جنوبية لانتهاكها «النظام الديموقراطي». ودعا الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو قادة الدول الحليفة لبلاده بما فيها كوبا وبوليفيا الى كراكاس حيث رددوا ما كان أكده بنفسه بأن مؤامرة «امبريالية» أميركية تستهدف فنزويلا. وحضر الاجتماع وزراء خارجية كوبا وبوليفيا والاكوادور ونيكاراغوا وعدد من دول الكاريبي. وقال مادورو أمام حلفائه إن «فنزويلا هي الجائزة الكبرى، الجوهرة التي تزين التاج، هذا ما يقولونه في الأروقة في واشنطن»، معتبراً أن للولايات المتحدة مخططات لفنزويلا بسبب نفطها ومواردها المعدنية. في الأثناء، صعدت كراكاس حملتها للتصدي للمعارضة التي بدأت تحركاتها الاحتجاجية تفقد زخمها على ما يبدو مع اشتداد القمع ضدها، إذ بلغت حصيلة أربعة أشهر من أعمال العنف في شوارع فنزويلا حوالى 130 قتيلاً. وأصدرت المحكمة العليا في البلاد حكماً بالسجن 15 شهراً بحق رئيس بلدية معارض وحرمته من حقه في الترشح للمناصب السياسية. ودانت المحكمة رامون موتشاتشو، رئيس بلدية شاكاو لعدم منعه التظاهر ضمن اطار بلديته في العاصمة الفنزويلية كراكاس. بدورها أقرّت الجمعية التأسيسية، وهي هيئة موضع جدل تتمتع بسلطات عليا تم تشكيلها الاسبوع الماضي بعد انتخابات شابتها أعمال العنف وادعاءات بحصول تزوير، قانوناً جديداً لانشاء «لجنة تقصي حقائق» لمحاكمة قادة المعارضة. وكانت الجمعية التأسيسية أمرت السبت بإقالة النائبة العامة لويزا اورتيغا التي أصبحت منتقدة شرسة لمادورو بعد انشقاقها عنه. وندد المفوض السامي لحقوق الانسان في الأممالمتحدة زيد رعد الحسين أمس ب«الاستخدام المفرط للقوة على نطاق واسع وممنهج وبحملة اعتقالات عشوائية ضد متظاهرين في فنزويلا»، مشدداً على أن «الاستخدام المفرط للقوة يهدف الى زرع الرعب وسحق المعارضة ومنع التجمعات والتظاهرات والوصول الى المؤسسات العامة لتقديم شكاوى». من جهته، أعرب الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش عن قلقه من أن «تؤدي التطورات الأخيرة إلى مزيد من التوتر». وتعاني فنزويلا حالياً من أزمة اقتصادية خانقة إذ يكافح غالبية السكان البالغ عددهم 30 مليوناً لتأمين احتياجاتهم وسط نقص حاد في المواد الغذائية والادوية. وتراجعت احتمالات إجراء مفاوضات والتوصل الى حل سلمي في فنزويلا بعد تشدد مادورو المتزايد تجاه المعارضة. وتصاعدت المخاوف من انزلاق الأزمة الى مزيد من العنف الأحد بعد محاولة مجموعة من 20 مسلحاً بقيادة ضابطين متمردين السيطرة على قاعدة للجيش في فالنسيا، حيث قاموا بالاستيلاء على أسلحة من مخازنها. واعلن الجيش أن النقيب السابق في الحرس الوطني خوان كارلوس كاغواريبانو، والملازم جيفرسون غبريال غارسيا كانا وراء الهجوم. ولا تزال السلطات تشن حملة مكثفة للعثور عليهما وتوقيفهما بعد مقتل اثنين من المجموعة وتوقيف ثمانية. وشدد وزير الدفاع وقائد القوات المسلحة الجنرال فلاديمير بادرينو في كلمة ألقاها بزيه العسكري أمام الجمعية التأسيسية إن المهاجمين «ارهابيون، وتحركوا بدعم أميركي وتحركهم لا يشكل اطلاقاً انشقاقاً داخل الجيش». وألقى الجنرال بادرينو كلمته في الجمعية بعدما حظي الجيش بدعمها، مشدداً على الطابع «المعادي للامبريالية» و«الثوري» للقوات المسلحة. وخارج القاعة، فرقت الشرطة قلة من المتظاهرين المعارضين للحكومة، فيما منع مسلحون موالون للحكومة أعضاء في الكونغرس الذي تسيطر عليه الحكومة من دخول القصر التشريعي في كراكاس حيث يجتمع أيضاً. وفي البيرو اجتمع وزراء خارجية 16 دولة من أميركا اللاتينية والكاريبي إضافة إلى كندا أمس وأصدروا بياناً مشتركاً يدين «انتهاك النظام الديموقراطي في فنزويلا». وأعلن المجتمعون انهم لن يعترفوا بالجمعية التأسيسية. الى ذلك، علّقت السوق المشتركة لأميركا الجنوبية «ميركوسور» الأسبوع الماضي عضوية فنزويلا. ودعا مادورو أمس خصومه الاقليميين الى الحوار. وقال مادورو خلال اجتماع حلفائه في كراكاس إن «الجناح اليميني في أميركا اللاتينية كسر قواعد اللعبة وقواعدنا بالعيش جنباً الى جنب». وأضاف: «أعتقد أننا في حاجة الى حوار اقليمي... تلقى فيه فنزويلا الاحترام». من جهتها، اتخذت الولاياتالمتحدة خطوة غير اعتيادية بفرض عقوبات على رئيس دولة بتجميدها أي أصول قد يملكها مادورو على الأراضي الأميركية. ومن الممكن أن تفرض الادارة الاميركية التي وصفت الرئيس الفنزويلي بأنه «ديكتاتور» مزيداً من العقوبات. ومن المقرر أن يجري نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الاسبوع المقبل زيارة الى دول أميركية جنوبية جرى تنظيمها على عجل. وقد تكون زيارة بنس مرتبطة بتنسيق التحرك ضد فنزويلا، إلا أن بياناً أصدره البيت الابيض أورد نقلا عن بنس قوله إنه يريد البناء على «الاهداف الاقتصادية والأمنية المشتركة».