تتحمّل الدول الصناعيّة الكبرى المسؤوليّة عن قرابة 70 في المئة من النشاطات البشرية الجائرة المؤدية للتراكم المستمر في الغلاف الجوي، لغازات الدفيئة المرتبطة بظاهرة تفاقم الاحتباس الحراري. وأكّد عدد كبير من المؤتمرات العلمية الدوليّة أنّ الدول الكبرى هي المسؤولة الأولى عن ظاهرة تصاعد الاحترار العالمي. وأقرّت الدول الكبرى نفسها بتلك المسؤوليّة عبر مبادرتها بصوغ «اتّفاق الأممالمتحدة المبدئي في شأن التغيّر المناخي» في العام 1992، التي صادقت عليها لحد الآن 196 دولة. ويلزم الاتفاق الدول الموقّعة عليه بوضع استراتيجيات لمواجهة ظاهرة تفاقم الاحتباس الحراري. وصادقت تلك الدول عينها على «بروتوكول كيوتو» (1992) الذي كان أول اتّفاق دولي ملزم في شأن التغيّر المناخي. وفي السياق عينه، وجدت دراسة حديثة أعدّها «مشروع الكشف عن الكربون»، بالتعاون مع معهد دولي مختص بشؤون المناخ، أنّ 100 مؤسّسة صناعيّة كبرى تنتج قرابة 71 في المئة من الانبعاثات العالميّة لغازات الدفيئة. وحذّرت الدراسة من أنّ الاستمرار في الاعتماد على الوقود الأحفوري خلال العقود الثلاثة المقبلة، سيؤدي إلى ارتفاع حرارة الأرض بقرابة ال4 درجات مئوية مع حلول نهاية القرن ال21. واستناداً إلى تقرير «مؤشر الأثر البيئي» Environmental Impact Index الذي صدر عن «الهيئة الحكومية الدوليّة المعنية بالتغيّرات المناخيّة» في العام 2014، سيؤدي استمرار الارتفاع في حرارة الأرض إلى انقراض كبير في أنواع الكائنات الحيّة، وتصاعد الندرة في الأغذية عالميّاً. رأي خبير عربي في كانون الأول (ديسمبر) 2015، استضافت باريس مؤتمر «أطراف اتّفاق الأممالمتحدة الإطاري في شأن تغيّر المناخ»، وخرج باتفاق دولي في شأن مكافحة التغيّرات المناخيّة، بل حقّق إجماعاً عالمياً بأن وافقت عليه 195 دولة من أصل 197، بغياب سورية ونيكاراغوا. واستند «اتّفاق باريس» والإجماع العالمي المنقطع النظير الذي حظي به، الى أدلة علميّة رصينة في شأن العلاقة بين نشاطات بشريّة جائرة من جهة، وتصاعد الاضطراب الكوارثي في المناخ من الجهة الثانية. وحقّق مؤتمر باريس للمناخ نجاحاً كبيراً، أوجزه الخبير البيئي الدولي د.محمد العشري، مشيراً إلى اعتراف العالم بخطورة تغيّر المناخ. وأوضح أنّ الحكومات كلها أقرّت بالطابع الاستثنائي للمشكلة، وترافق ذلك مع دخول «اتفاق باريس» حيز التنفيذ خلال سنة من إقراره. وبيّن العشري أن الدول باتت تتعاون مع قطاع الأعمال والمجتمع المدني، في تنفيذ تعهداتها، خصوصاً في الطاقة النظيفة. ويذكر أنّ الصين وضعت للمرّة الأولى حداً أقصى لانبعاثاتها من غازات الدفيئة عند حلول العام 2030، متعهّدة أيضاً بزيادة حصة الطاقة النظيفة إلى ما يزيد على 20 في المائة من إجمالي استهلاكها في الطاقة، بحلول العام 2020. وفي باريس، وعدت الولاياتالمتحدة (وهي تنفث قرابة 15 في المئة من غازات الدفيئة) بخفض انبعاثاتها من تلك الغازات بقرابة 28 في المئة بحلول العام 2025.