سمح استفتاء تقرير مصير جنوب السودان الذي جرى بهدوء واعترفت الخرطوم بنتيجته التي حقق فيها خيار الانفصال انتصارا ساحقا، بحصول الرئيس السوداني عمر البشير على اشادة دولية الا ان الاخير لا يزال يواجه تحديا رئيسيا في دارفور حيث تلاحقه مذكرة توقيف دولية بتهم ارتكاب جرائم حرب في هذا الاقليم. وبعد نجاح الاستفتاء باتت واشنطن تفكر في شطب السودان عن قائمة الدول الداعمة للارهاب ورفع العقوبات الاقتصادية عنه. الا ان مصادر من المنظمات الانسانية اشارت الى ان الوضع في دارفور الذي يشهد حربا اهلية منذ العام 2003 لن يتحسن قريبا واعربت عن تخوفها من ان يطغى التحضير لاعلان دولة جنوب السودان في مطلع تموز/يوليو على عدم الاستقرار في المنطقة. وتشير تقديرات الاممالمتحدة الى ان اكثر من 43 الف شخص نزحوا من منازلهم في دارفور منذ كانون الاول/ديسمبر. واعلن المتحدث باسم اوكسفام آلون ماكدونالد "هناك تحديات كبرى علينا مواجهتها في دارفور حيث لا يزال النزاع قائما. وفي الاسابيع الماضية وحدها، حصلت عمليات قصف ومعارك جديدة واضطر الاف الاشخاص الى الهرب من قراهم خصوصا في شمال السودان". واسفرت الحرب الاهلية الدائرة في اقليم دارفور منذ العام 2003 عن مقتل 300 الف شخص بحسب تقديرات الاممالمتحدة وعشرة الاف بحسب الخرطوم بالاضافة الى 2,7 ملايين نازح. وحذر زعماء من المعارضة في الشمال من ان تستوحي حركات انفصالية في دارفور وفي مناطق اخرى غير مستقرة في الشمال من استقلال جنوب السودان. واعتبر المراقبون ان السودان بموافقته على الاستقلال كسب اشادة الغرب واعادة لتقييم علاقاته مع الخرطوم. الا ان الوضع في دارفور يمكن ان يعرقل هذه العملية خصوصا وان الرئيس عمر البشير لا يزال مطلوبا بموجب مذكرة دولية لاتهامه بارتكاب جرائم حرب في المنطقة. وافاد دبلوماسي غربي "لا اعتقد ان لديه النية في التسامح حول دارفور لمجرد ان الاستفتاء تم سلميا. فدارفور لا يزال موضوعا شائكا للغاية". وجدد الرئيس الاميركي باراك اوباما في معرض اشادته الاثنين بالاستفتاء "التاريخي" حول مصير جنوب السودان، دعوته لاحلال السلام في دارفور، بينما اقر المبعوث الاميركي الخاص الى دارفور سكوت غرايشون بتدهور الوضع الامني ميدانيا. وصرح غرايشون الاثنين للصحافيين "هناك مناطق اخرى ازداد فيها حجم العمليات وحصل فيها نزوح واملنا هو طبعا بتوقف المعارك بين المتمردين والحكومة والتفاوض حول وقف لاطلاق النار". ولا تزال المفاوضات عالقة منذ انسحاب السودان من مفاوضات السلام حول دارفور في الدوحة في اواخر كانون الاول/ديسمبر الا ان حركة العدل والمساواة التي تعتبر الاكثر تسلحا من بين الحركات المتمردة في الاقليم، اعربت في اواخر كانون الثاني/يناير عن استعدادها لاستئناف المفاوضات. واعلن وزير الخارجية السوداني علي احمد كرتي صرح الثلاثاء "هناك اتفاق بين الخرطوم والولايات المتحدة لا يفترض بموجبه ان يعرقل دارفور العلاقات بين البلدين بل ان يكون مكانا للتعاون من اجل التوصل الى السلام". واضاف "لكننا نعتقد ان هذه العملية ستتأثر بالوضع الميداني (...)". ونددت المنظمات الانسانية وقوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة بالقيود المفروضة على تحركاتها في دارفور بسبب الوضع الامني او منعها من قبل القوات الحكومية.