لست ممن يحب أن يغدق المديح المبالغ فيه على اللاعبين الشباب الذين يفرضون أنفسهم في بعض المباريات عندما يحتاج إليهم المدرب، لأني أرى أن ذلك قد يكون مدعاة للسقوط في فخ الغرور وهوته السحيقة التي أخفت العديد من المواهب الشابة لأنهم يقرأون سطور المديح فيعتقدون بأنهم لامسوا قمة النجومية وهم لما يصعدوا بعد درجة السلم الأولى فيها. لكني مضطرة وأنا أرى نجماً لامعاً في أخطر وأهم مركز في خريطة فريق كرة القدم (الحراسة) يشق طريقه نحو النجومية بثقة وحماسة منقطعة النظير وهو المركز الذي تعاني منه معظم الأندية السعودية ويهرب منه اللاعبون إلى حيث الشهرة والنجومية المطلقة في أي مركز إلا أن يكون حراسة المرمى. عبدالله السديري حارس الهلال الشاب من الظلم أن يعود للاحتياط في الفريق فقد تكون تلك نهايته وجزى الله الشدائد خيراً أن سمحت بدخوله أساسياً يذود بثقة وبسالة ربما أذهلت من سمح له بالمشاركة في حين كان الكل متخوفاً من قلة خبرته خصوصاً في مباراة «الكلاسيكو» الكبرى بين الاتحاد والهلال بل كان هناك من الاتحاديين من رأه نقطة ضعف الهلال الوحيدة التي يمكن استغلالها وكانت النتيجة أن حاز نجومية المباراة وحده، وقدم فيها نفسه للجمهور نجماً قادماً بقوة أو بالأحرى هو مشروع دعيع آخر بروح شبابية والنجوم الكبار لا تصنعهم ولا تظهر مكنون مواهبهم إلا المباريات الكبيرة. بعد أن تفجع الجميع على رحيل محمد الدعيع والفراغ الذي تركه وكيف أصبح باب الهلال مشرعاً وبدت سوءات دفاع تتكشف والأهداف تزور المرمى الهلالي في كل لقاء جاء من «ينسيهم» الدعيع. والفرق الكبيرة هي من لا يتوقف مدادها من النجوم عقب اعتزالهم، لأنها إن فعلت ظلت أسيرة البكاء على أطلالهم والعتب على الزمن الذي لم ينجب من يشابههم وما قولهم فلان خليفة فلان إلا أنهم يدورون في فلكه ويعجزون عن إنجاب مثله. ويحسب لمدرب الفريق كالديرون مغامرته في إشراك السديري ومجموعة اللاعبين الشباب (شافي الدوسري ومحمد القرني وعبدالله الدوسري) ومنحهم الثقة والدعم فإن لم يشركوا في سن فورة الشباب وحماسته وقدرته على التعلم من أخطائه فمتى يشركون؟، وكم من موهبة وُئِدت لأن مدرباً جباناً لم يمنحها الفرصة حرصاً على نتيجة وقتية يقبض ما تيسر على إثرها ثم يدير ظهره مودعاً. ليس يعنيه أن يبني ولو تحققت له بطولة فاعلم أن ثمنها دفن الكثير من المواهب الشابة لأن إدارة الفريق رصدت مكافأة لبطولة فقط ولا تريد غيرها. عبدالله السديري ليس شبيه الدعيع أو خليفته، بل هو حارس يسير على خطاه ولا بد من أن يتفوق على أستاذه إن أراد التميز. [email protected]