توصلت مصر والجزائر أمس، إلى مجموعة من التفاهمات السياسية والأمنية بهدف دعم الحل السياسي للأزمات العربية الراهنة، خصوصاً في لييبا وسورية واليمن والعراق والأزمة مع قطر، وكذلك التعاون في شأن مكافحة الإرهاب في المنطقة. وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي استقبل وزير الشؤون الخارجية الجزائري عبدالقادر مساهل، الذي زار القاهرة في إطار جولة موسعة غير مسبوقة وصفها مساهل ب «المكوكية» وتشمل 9 دول عربية، وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري سامح شكري إنه لا يحمل «مبادرة في شأن أزمة قطر» مع الدول العربية الأربع، أو في شأن الأزمة في ليبيا. واعتبر مساهل جولته العربية تنطلق من ثقة بلاده في الأطراف التي تشملها هذه الجولة، ووجود آليات لتسوية المشكلات القائمة، سواء بين الليبيين، أو في إطار مجلس التعاون الخليجي وعبر وساطة الكويت بالنسبة إلى قطر. وقال شكري إنه «تم تناول الأوضاع الإقليمية، بخاصة الوضع في ليبيا، مؤكداً أنه يوجد تطابق في وجهات النظر بين البلدين، خصوصاً في تحقيق الهدف الرئيسي في وحدة ليبيا»، وشدد على أن «مصر والجزائر ليست لهما أطماع في ليبيا سوى استقرارها». وأضاف أنه تم الاتفاق على ضرورة التنسيق في نتائج المحادثات التي ترعاها البلدان المتعلقة في الشأن الليبي لتعزيز المصالح المشتركة. وصرح الناطق باسم الرئاسة المصرية السفير علاء يوسف، بأن «الوزير مساهل نقل رسالة من الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة إلى الرئيس السيسي تؤكد اعتزاز الجزائر بما يربطها بمصر من علاقات متميزة ووثيقة، وشرح مساهل نهج بلاده في الحرص على الاستمرار في التشاور والتنسيق مع مصر حول القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمها الوضع في ليبيا الشقيقة وسبل دعم جهود استعادة الأمن والاستقرار هناك، إضافة إلى كيفية إصلاح منظومة العمل العربي المشترك إذ تصبح متسقة مع التطورات المتسارعة على المستويين الإقليمي والدولي». وأكد السيسي «قوة ومتانة العلاقات التي تجمع بين البلدين، وتطلع مصر للعمل على تطويرها على الأصعدة كافة، خصوصاً من خلال عقد الدورة الثامنة للجنة العليا المشتركة في الجزائر برئاسة رئيسي وزراء البلدين من أجل تعزيز مختلف جوانب العلاقات الثنائية». ولفت السيسي إلى «التحديات المشتركة التي تواجهها الدولتان، وعلى رأسها خطر الإرهاب»، مشيراً إلى «ضرورة تطوير آليات التعاون بين البلدين وتكثيف التنسيق بينهما من أجل التغلب على التحديات القائمة». وأعلن مساهل في المؤتمر الصحافي المشترك مع شكري أنه سيتم عقد اجتماع تنسيقي نهاية العام في الجزائر لتعزيز التعاون والشراكة بين البلدين، وكشف عن تنسيق بين وزراء داخلية البلدين لتنسيق وتسهيل المرور بين البلدين. كما تم الاتفاق على إعداد منتدى اقتصادي مشترك، مشيراً إلى أن البلدين يعيشان في منطقة حساسة ومستهدفة، ما يقتضي التنسيق بينهما في مواجهة الإرهاب. وأضاف أنه تم الاتفاق على «التعاون الأمني والمخابراتي»، وهو ما أكده شكري أيضاً ب «مواجهة الإرهاب والمقاتلين الأجانب». وقال شكري إن «مصر على علاقة وثيقة مع أطياف الشعب الليبي كافة، وتعمل على إزالة أي عوائق قائمة بين الليبيين»، ولفت إلى أن «مصر تعمل في إطار التنسيق الثلاثي المشترك مع الجزائر وتونس لتحقيق هذا الهدف». وحذر وزير الخارجية الجزائري من «أخطار كثيرة من عودة المقاتلين» إلى بلاده، مشيراً إلى أن «الجزائر عاشت تجربة عودتهم، وانتصرت على الإرهاب من خلال سياسة الوئام والتفاهم بين طوائف الشعب والتنسيق مع الأممالمتحدة». وأعلن أن الجزائر ستعقد ندوة قريباً في شأن تمويل الإرهاب، الذي يتم بواسطة تجارة المخدرات وفي بعض الأحيان من خلال منظمات غير حكومية. وكان الوزيران عقدا جلسة محادثات في مقر الخارجية المصرية تم خلالها تقييم تطورات الأزمة الليبية، كما استعرضا نتائج اتصالات بلديهما مع مختلف الأطراف، وأكدا أن الحل السياسي القائم على اتفاق الصخيرات هو الحل الوحيد للأزمة، وشددا على ضرورة تنسيق المواقف بين مصر والجزائر باعتبارهما دول جوار مباشر لليبيا والأكثر تأثراً بتدهور الأوضاع فيها. وصرح أبو زيد بأن الوزير الجزائري استمع إلى تقييم الوزير شكري لمستجدات أزمة قطر على ضوء الاجتماع الرباعي الأخير الذي عقد في المنامة، والذي أكد خلاله ما تلمسه الدول الأربع من عدم جدية الجانب القطري في التعامل مع هواجسها، مشدداً على التمسك بتنفيذ المطالب التي قدمت لقطر. وأضاف الناطق أن اللقاء تناول ملف إصلاح جامعة الدول العربية، حيث اتفق الجانبان على تشكيل لجنة مصرية جزائرية لتناول موضوع إصلاح الجامعة، والتي يمكن أن تتسع عضويتها لتشمل دولاً عربية أخرى راغبة في التباحث في هذا الشأن.