في احتفال، هو الأول بعد غياب ثلاث سنوات نتيجة الشغور الرئاسي، ولمناسبة العيد الثاني والسبعين للجيش اللبناني في الأول من آب (أغسطس) أطلق رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، خلال تقليده السيوف للضباط المتخرجين في الكلية الحربية في الفياضية، سلسلة لاءات أبرزها أن «لا تراجع أمام الإرهاب، ولا للسماح لحملات التشكيك بالنيل من معنويات المؤسسة العسكرية»، اتبعها بنعم «لتحرير ما تبقى من أراض استباحها الإرهاب لسنوات»، متطلعين إلى «قواتنا المسلحة المتأهبة لتحقيق نصر جديد»، آملاً ب «تسريع الكشف عن مصير العسكريين المخطوفين». الاحتفال الذي ترأسه عون في ثكنة شكري غانم في الفياضية، حضره رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس الحكومة سعد الحريري، نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، نائب رئيس الحكومة وزير الصحة غسان حاصباني، رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، وعدد من الوزراء والنواب وعميد السلك الديبلوماسي وأركانه والملحقون العسكريون العرب والأجانب المعتمدون في لبنان، وعميد السلك القنصلي وأركان السلطة القضائية، وكبار الموظفين المدنيين والعسكريين ونقباء المهن الحرة، وممثلو المرجعيات الدينية والروحية، ورؤساء الجامعات والبلديات، إضافة إلى عائلات الضباط المتخرجين. وكان الاحتفال، بدأ مع وصول علم الجيش، ومرور تشكيلات جوية من الطوافات والطائرات وطائرة من نوع Cessna-Caravan حلقت في سماء العرض، وحملت تسمية «دورة المقدم الشهيد صبحي العاقوري». قراءة المراسيم وتسليم السيوف بعد ذلك، تلا وزير الدفاع مرسوم ترقية تلامذة ضباط قوى الجيش وعددهم 156 ضابطاً، فيما تلا وزير الداخلية نهاد المشنوق مرسوم ترقية تلامذة ضباط المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وعددهم 49، والمديرية العامة للأمن العام وعددهم 11، والمديرية العامة لأمن الدولة وعددهم خمسة ضباط. ثم تلا وزير المال علي حسن خليل مرسوم ترقية ضباط مديرية الجمارك العامة وعددهم أربعة ضباط. وقبل أن يباشر عون تسليم السيوف إلى الضباط المتخرجين، حرص على تسليم طلائع دورات 2014 و2015 و2016 سيوفهم في خطوة رمزية نظراً إلى تعذر تسليم ضباط تلك الدورات سيوفهم نتيجة الشغور الرئاسي. ثم خاطب عون الضباط المتخرجين، قائلاً: «ختمتم اليوم بنجاح مرحلة من حياتكم الدراسية لتبدأ حياتكم العملية، وقد شئتموها أن تكون في قلب المؤسسات العسكرية، وبذلك اخترتم أن تكونوا حماة سيادة الوطن واستقلاله، والعين الساهرة على أمنه وحرية شعبه وطمأنينته. يكفيكم فخراً، أنكم وسط التجاذبات السياسية، وخلافات الرأي، تشكلون صخرة الأمان لوطنكم وشعبكم، وقلوب اللبنانيين من كل الأطراف، والأحزاب، والفئات تظللكم. فليس هناك إجماع لبناني أوسع وأكثر صلابة من الإجماع حول المؤسسات العسكرية والأمنية. ولكم وللبنانيين أجمعين في مثال المقدم الشهيد الذي سميتم دورتكم على اسمه، خير دليل على تضحياتكم الجسام، وذودكم عن الوطن الذي ائتمنتم على أمانه وسلامه حتى الشهادة». ولفت إلى أن «الجندية، من عقيدتكم العسكرية، ليست وظيفة إنما هي رسالة، فعندما يستبسل الجندي على الجبهة ويواجه الخطر بصدره، فهو لا يفعل ذلك طمعاً براتب أو برتبة، بل إيماناً منه برسالته وبدوره، وإدراكاً منه أن مسؤولية حماية أرضه وأهله تقع على عاتقه، حتى ولو كلفه ذلك حياته». وزاد: «إذا كان الاستشهاد حاضراً في وعينا دائماً فهو ليس غايتنا، فنحن لا نقاتل لنستشهد، إنما لنحيا بكرامة وبأمان نحن وأولادنا وكل شعبنا. وإذا سقط منا شهداء في ساحات الشرف، فوعدنا لهم يكون دائماً أن نكمل المسيرة، من دون أن ننسى من هم على عاتقهم، فنؤمن لهم العيش بكرامة في وطن حر آمن يطمئنون فيه». واستذكر عون، تخرجه قائلاً: «في عام 1958، وقفت وقفتكم هذه، تسلمت سيف البطولة وأقسمت يمين القيام بالواجب حفاظاً على علم بلادي وذوداً عن وطني لبنان. هذا القسم لم يكن مجرد كلمات رددتها عند التخرج وانتهى مفعولها بانتهاء الاحتفال، هذا القسم أصبح منذ ذاك اليوم جزءاً من ضميري ووجداني ورسم مسيرة حياتي. والوفاء به كلفني الكثير الكثير من التعب والتضحيات، ولكنه منحني أغلى ما في الحياة، راحة الضمير الحر. واليوم أنتم تقسمون اليمين إياه، فإن وفيتم به ستتعبون حتماً، ولكنكم تنامون مرتاحي الضمير، وإن تجاهلتموه قد ترتاحون جسداً ولكن حتماً ستتعبون ضميراً. وكلي ثقة بأنكم ستختارون نقاء الضمير وراحته». وأضاف: «ليست المرة الأولى التي أخاطبكم فيها، بل لطالما كنتم أسرتي ورفاقي حين كنت في مواقع القيادة والقرار. ولكن للمرة الأولى أتوجه إليكم قائداً أعلى للقوات المسلحة. وتشاء الظروف أن يتزامن تخرجكم اليوم مع تحديات كبيرة ملقاة على عاتق المؤسسات العسكرية والأمنية لمواجهة أخطار الإرهاب والاعتداءات على لبنان. وقد نجحتم في تفكيك الكثير من الشبكات والخلايا الإرهابية، وتحقيق ضربات استباقية للإرهابيين، واعتقال العشرات منهم. وآخر نصر للبنان، كان تحرير منطقة غالية من الحدود الشرقية من براثن التنظيمات الظلامية، وتثبيت الطمأنينة والأمان فيها. فيما نتطلع الآن إلى قواتنا المسلحة المتأهبة لتحقيق نصر جديد، وتحرير ما تبقى من أراض استباحها الإرهاب لسنوات، وكلنا أمل بأن تسهم هذه التطورات في تسريع الكشف عن مصير رفاقكم المخطوفين منذ ثلاث سنوات ولا يزال مصيرهم مجهولاً، وفي تبريد قلوب أهلهم ومؤسستهم واللبنانيين أجمعين». «لاستثمار الاستقرار» وتابع: «أؤكد أمامكم أن لا تراجع أمام الإرهاب بجميع وجوهه وتنظيماته. والجيش على جاهزية دائمة لمواجهته، وكذلك مؤسساتنا الأمنية. وقد كان لبنان سباقاً في حربه على الإرهاب، فالجيش واجه الإرهابيين في محطات متتالية ونجح في تعزيز الاستقرار السياسي والأمني في البلاد، وتثبيت السلام على حدودنا الجنوبية، بفضل التفاف الشعب حوله، وتمسك لبنان بتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة. وعلينا أن نستثمر هذا الاستقرار، كمسؤولين سياسيين، في تحقيق نهضة اقتصادية يتوق إليها اللبنانيون». وإذ رأى عون أن «الأخطار التي تتهدد الوطن كثيرة، على الحدود وفي الداخل»، أشار إلى أن «تجربة السبعينات علمتنا أن الوطن لا يبقى موحداً إذا شل جيشه، فشل الجيش هو شل للوطن، وللأمن والاستقرار، وللكرامة الوطنية... فلا تسمحوا لحملات التشكيك بالنيل من معنوياتكم، وكونوا على قدر المسؤولية، ومناقبيتكم العسكرية كفيلة بحمايتكم من الخطأ». وأضاف: «أنتم درع الوطن، والتحديات التي تواجه وطننا ومجتمعنا تفرض أكثر من أي وقت مضى أن تكونوا يداً واحدة، أنتم وكل إخوة السلاح في سائر القوى الأمنية، وأن تعملوا معاً للهدف نفسه: حماية لبنان، حماية حدوده، أمن داخله، وسيادة القانون فيه». وقال: «المهمات الصعبة قدركم جميعاً، والآمال المعقودة عليكم كبيرة، وثقة اللبنانيين بكم لا حدود لها، فتذكروا دوماً أنكم أصحاب قسم، وحملة رسالة شرف وتضحية ووفاء، والأمانة التي تتسلمونها اليوم هي أمانة شعب ووطن، فحافظوا عليها». لقاء مع قائد الجيش وأكد عون «منح الغطاء السياسي للجيش من قبل جميع المسؤولين لكي يقوم بواجبه كاملاً». وذلك خلال استقباله قائد الجيش على رأس وفد من كبار الضباط قدموا التهاني له للمناسبة. وقال قائد الجيش: «ندرك حجم الأعباء التي تحيط بمسؤولياتكم في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها لبنان، لكننا في المقابل، ندرك ما تمتلكون من عزم وإصرار على معالجة المشكلات الوطنية التي تعانيها البلاد. وما حصل في الأشهر القليلة الماضية من إنجازات هو خير دليل على ذلك». وأضاف: «في المؤسسة العسكرية نضع نصب العيون، مواكبة مسيرة عهدكم بكل ما لدينا من إمكانات وقدرات، من خلال قيامنا بكل ما يمليه علينا الواجب في مجالي الدفاع والأمن، خصوصاً استعدادنا التام على الحدود الجنوبية لمواجهة أي عدوان إسرائيلي، وعلى الحدود الشرقية لدحر ما تبقى من التنظيمات الإرهابية والقضاء عليها في أسرع وقت ممكن، وتخليص لبنان من هذا العبء الثقيل الذي رزح تحته لسنوات طويلة، وذلك بالتزامن مع استمرارنا في تكثيف الإجراءات الأمنية لقمع الجرائم المنظمة على أنواعها، والسهر على إبقاء الجيش نموذجاً للعمل المؤسساتي في الدولة، القائم على اعتماد الكفاءة والشفافية والنزاهة». وأكد أن «الاستقرار الأمني، يشكل القاعدة الصلبة التي يبنى عليها أي نهوض اقتصادي وإنمائي وإصلاحي، وعهدنا لكم أن نحمي هذا الاستقرار وأن نضرب بيد من حديد كل متطاول عليه، مهما كلف ذلك من أثمان وتضحيات، وعهدنا لكم أيضاً أن نساهم الى جانبكم في بناء الدولة القوية القادرة، التي حملتم لواءها وناديتم بها». ورد عون بكلمة شدد فيها على أن «الاعتماد يبقى دائماً على الجيش، في المهمات الجسام»، مشيراً الى أن «لا بنيان يعلو، ولا عمران ولا استثمار يحصلان إذا لم يكن هناك من أمن، الى جانب العدالة». وإذ لفت الى أن «الجيش مثل السيف وعليه أن يكون قاطعاً»، ذكّر بالمراحل التي عانى منها الجيش من «شل دوره بسبب غياب القرار السياسي زمن الحرب»، وشدد على «أننا اليوم نعمل على صون الجيش، ونتحمل بمسؤولية العبء السياسي». وتوجه الى الحاضرين بالقول: «لا تترددوا في اتخاذ المبادرات على الأرض، خصوصاً في الضربات الاستباقية لحماية لبنان من الإرهاب، والتي أثبتت فاعليتها»، مشدداً على «أهمية الشجاعة الى جانب التسليح الجيد للجيش ليقوم بما هو ملقى على عاتقه». وعصراً، غرد الرئيس الحريري عبر «تويتر»: «الدولة وحدها الحل والجيش وحده الجهة المؤتمنة على سلامة الامن الوطني». «التغيير والإصلاح»: عودة النازحين تحتاج إلى قرار داخلي بإجماع لبناني اعتبر «تكتل التغيير والإصلاح» أن «عيد الجيش هو عيد لبنان والشهداء والكرامة الوطنية». ولفت النائب إبراهيم كنعان بعد انتهاء الاجتماع إلى أن «التكتل كرر كلام رئيس الجمهورية ميشال عون الذي أكد الحرص على السيادة ودور الجيش ومبادرته المستقلّة وغير الخاضعة لأي ضوابط، لا سيما عند الدفاع عن الأرض والشعب»، مشيراً إلى أن «القائد الأعلى للقوات المسلحة أعطى شهادة معنوية ورسمية للجيش المخول والقادر على متابعة عملياته ضد الإرهاب والخطر». واعتبر أن «عودة النازحين السوريين إلى بلادهم تحتاج إلى قرار داخلي بإجماع لبناني ويجب أن تكون في سلم الأولويات لما لذلك من عبء، وتسهيل المجتمع الدولي يجب أن يكون للعودة لا لأشياء أخرى كالتوطين». وفي موضوع سلسلة الرتب والرواتب والموازنة، أوضح كنعان أنه «تبين من نقاش لجنة المال أن هناك إمكانية كبيرة لضبط الهدر والتوفير وتقديم نموذج مختلف عما كان سائداً»، مؤكداً أن «لا استقرار مالياً ولا إصلاحات إلا من خلال إقرار الموازنة، وقد ساهمنا بشكل أساس بإصلاحات أساسية في دراسة الموازنة». وأكد أن «المطلوب احترام الدستور والأصول القانونية في معالجة قطع الحساب مع علمنا بالمشاكل المالية التي تحدثنا عنها وتبيّن أنها جدية»، مطالباً ب «حل يحمي الدستور والقانون للحسابات المالية وهو موقفنا وموقف رئيس الجمهورية». وأشار إلى «أننا نريد أن نكون مع شركائنا في الحكم على الموجة نفسها، فلا يمكن أن نكون مع الدستور والرقابة في مكان وضدهم في مكان»، داعياً إلى «متابعة خطوات التكتل على المستوين الحكومي والنيابي».