دعا الزعيم الجديد للحزب الإسلامي الصومالي الشيخ حسن طاهر عويس المجتع الدولي إلى وقف تدخلاته في الشؤون الداخلية في بلاده، قائلاً إن العالم «يحيك مؤامرة» ضد الشعب الصومالي تستهدف «تقسيم البلد إلى أقاليم وتوزيعها على دول الجوار». ولم يقدم عويس (أويس، كما يُلفظ اسمه بالصومالية) أي دليل يدعم إدعاءاته هذه، غير أنه قال في مقابلة مع «الحياة» عبر الهاتف من العاصمة الصومالية، مقديشو، إن «أعداء الصومال» كانوا يحاربون الشعب الصومالي قرابة عقدين بشتى السبل «بهدف تركيعه واحتلال أرضه، إلا أنهم فشلوا في كسر إرادة هذا الشعب الأبي الذي لقّن كل من حاولوا احتلال أرضه دروساً لن ينسوها». وقال عويس في هذه المقابلة وهي الأولى من نوعها للصحافة العالمية بعد تعيينه رئيساً للحزب الإسلامي المعارض الأسبوع الماضي: «نحن نحارب من أجل تحرير بلدنا. والحقيقة هي أن العالم لا يريد للصومال خيراً. إنهم يريدون إبادة شعبنا، واحتلال أراضيه وتقسيمها ثم توزيعها على دول الجوار، بخاصة كينيا واثيوبيا». وأضاف: «سنحارب من أجل الدفاع عن وطننا، ولن نسمح لأعداء الشعب الصومالي بتقسيم بلدنا وتوزيعه على الغير. مبدأنا: إما الشهادة أو الاستقلال». وتسلم عويس قيادة ثاني أكبر حزب إسلامي في الصومال قبل أيام بعدما استقال رئيسه الشيخ عمر إيمان أبو بكر طوعاً قائلاً إن هناك «حاجة إلى وضع كل شيء في موضعه»، في إشارة إلى خبرة عويس العسكرية، والمواجهات المتقطعة التي اندلعت منذ التاسع من أيار (مايو) الماضي بين قوات المعارضة الإسلامية من جهة والجيش الحكومي من جهة أخرى. وقال عويس الذي لم يتخل بعد عن قيادته «التحالف من أجل إعادة تحرير الصومال»: «هناك رغبتان للشعب الصومالي: أن يعيش بسلام، وأن يمارس دينه بحرية»، مضيفاً أن الحكومة الحالية بقيادة الشيخ شريف شيخ أحمد «جاءت، هي وحراسها الأجانب، لمنع الشعب من ممارسة دينه والعيش بحرية، والفصل بين الدين والشعب، وبين الإسلاميين والسلطة». وكانت حكومة أحمد صادقت على تطبيع الشريعة الإسلامية في البلاد، إلا أن المعارضة الإسلامية اعتبرت هذه الخطوة ل «الاستهلاك الداخلي وذر الرماد في العيون» وأن تطبيق الشريعة لن يجد طريقه إلى التنفيذ. ويعتبر ترؤس عويس لقيادة الحزب الإسلامي وعودته من منفاه الشهر قبل الماضي إشارة إلى عزمه على جعل حياة إدارة زميله السابق الرئيس الحالي شيخ شريف أحمد «معقدة»، وهو ما بدا واضحاً في الهجمات الأخيرة في مقديشو التي كادت تطيح حكومة أحمد لولا دعم قوات السلام التابعة للاتحاد الأفريقي المنتشرة في العاصمة. وشهدت مقديشو الشهر الماضي قتالاً عنيفاً بين القوات الإسلامية المعارضة والحكومة الهشة. وكشف عويس للمرة الأولى أن هدف عودته من منفاه الاختياري في العاصمة الاريترية، أسمرا، هو «توحيد صفوف المجاهدين، وإنهاء الاحتلال الأجنبي للبلاد». وقال إن «جهود التوحيد بين حركة الشباب والحزب الإسلامي في مرحلة متقدمة»،من دون ذكر وقت محدد لإعلان التوحيد بين الحزبين. وكان عويس قضى السنتين الماضيتين في العاصمة الاريترية التي التجأ إليها بعد طرده من الصومال في أواخر عام 2006، وهزيمة «المحاكم الإسلامية» على يد الجيش الإثيوبي. وحكمت «المحاكم الإسلامية» التي قادها عويس، العاصمة وأجزاء كبيرة من وسط البلاد وجنوبها فترة الشهور الستة الأخيرة من العام 2006، قبل أن تتدخل القوات الاثيوبية وتزيحها من السلطة، مما اضطر عويس، وزميله السابق الرئيس الحالي أحمد، إلى اللجوء إلى أسمرا، حيث أسسا مع آخرين «تحالف إعادة تحرير الصومال». وفي عام 2008 ترك أحمد زملاءه وانضم إلى محادثات سلام مع الحكومة السابقة بقيادة عبدالله يوسف. وأدت المحادثات التي رعتها الأممالمتحدة في النهاية إلى استقالة حكومة يوسف واختيار أحمد رئيساً للبلاد في 31 كانون الثاني (يناير)، الأمر الذي اعتبره رفاقه في «المقاومة» انفراد طرف بالنجاح و «إهانة لدماء الشهداء» الذين سقطوا من أجل إنهاء الاحتلال الاثيوبي وتطبيق الشريعة. وشدد عويس الذي ينتسب مثل أحمد إلى قبيلة هاوي التي يسكن غالبها في العاصمة والأقاليم الوسطى في الصومال، على عدم اعتقاده بوجود حكومة صومالية في الوقت الحاضر، قائلاً: «لا توجد في الصومال حكومة. إنهم عملاء لأعداء الشعب الصومالي». وأضاف: «أما نحن فنعمل من أجل إيصال الشعب إلى مرحلة يستطيع من خلالها تكوين حكومة متفق عليها، وذلك بعد إخراج العدو من البلاد». وقال إن «المجاهدين الذين يحاربون من أجل تحرير بلدهم» سيواصلون قتال حكومة أحمد التي قال «إنها لا تتمتع بشرعية الشعب». وكرر عويس أن اختلافه مع أحمد لا ينبع من عداوة شخصية بينهما، بل إنه إختلاف «مبني على المبادئ». وقال: «من الخطأ أن نسمّي هذا التجمع من العملاء حكومة. الحكومة المعترف بها دولياً هي التي تخدم شعبها وتدافع عن أرضها، ولكن هذا التجمع ليس حكومة. فوجودها كعدمه. إنها عديمة الفائدة. وعندما يقول العالم إننا نعترف بها فهذا يعني أنها عميلة له وهو من أتى بها، ولهذا فهي مشروعة. لكن الشعب الصومالي لم يخولها شرعية، ولم يعترف بها أبداً». واستدل عويس على التأييد الذي أبداه الاتحاد الافريقي لحكومة أحمد ليقول إنه دليل على تبعية هذه الحكومة للغرب والاتحاد الأفريقي. وقال: «لا يوجد في العالم حكومة يحميها الأعداء من شعبها. فهذه، والله، ليست حكومة». وسخر عويس الذي تصفه واشنطن بالإرهابي وتتهمه بأن له علاقة ب «القاعدة»، من التصريحات التي أدلى بها مبعوث الأممالمتحدة إلى الصومال أحمد ولد عبدالله والتي قال فيها إنه مستعد للعمل من أجل شطب إسم عويس وآخرين من قائمة الإرهاب إذا ما ساندوا جهود السلام في البلاد وتصالحوا مع الحكومة الحالية. وقال عويس: «لا أريد أن يشطب اسمي من قائمة الإرهاب. الأعداء يحاربوننا لكوننا مسلمين. وأغلى شيء لديّ هو الإسلام. وإذا خُيّرت بين أن أتخلى عن إسلامي وبين أن يُشطب إسمي من القائمة، فأختار أن يبقى إسمي مدرجاً على قائمتهم وأكون مسلماً». وقال: «آن للعالم أن يترك الصومال لأهله، ويعطيه فرصة اختيار الحكومة التي يشاء. اتركونا وشأننا. فنحن أدرى ببلدنا، وأعرف به». في غضون ذلك (رويترز) أعلنت منظمة محلية للدفاع عن حقوق الإنسان ومقيمون في العاصمة الصومالية أمس أن انفجار قنبلة واندلاع المزيد من الاشتباكات بين المسلحين الإسلاميين والقوات الحكومية أديا إلى سقوط ما لا يقل عن 38 شخصاً في المدينة.