هاجم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أمس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على طريقة تعامله مع أحداث السفارة الإسرائيلية في عمان، حيث قتل أردنيان برصاص حارس أمني الإثنين الماضي. وقال إن نتانياهو «مطالب بالتزام مسؤولياته واتخاذ الإجراءات القانونية التي تضمن محاكمة القاتل وتحقيق العدالة بدلاً من التعامل مع هذه الجريمة بأسلوب الاستعراض السياسي بغية تحقيق مكاسب سياسية شخصية»، مشدداً على أن «مثل هذا التصرف المرفوض والمستفز على كل الصعد يفجر غضبنا جميعاً، ويؤدي الى زعزعة الأمن ويغذي التطرف في المنطقة، وهو غير مقبول أبداً». وأضاف في تعليق هو الأول على الحادث، أن بلاده ستكرس جهودها وأدواتها ل «تحصيل حقوق الضحايا الأردنيين وتحقيق العدالة». وترأس الملك عبدالله الثاني فور عودته الى البلاد اجتماعاً لمجلس السياسات الوطني بحضور رئيس الحكومة ومديري الأجهزة الأمنية، شدد فيه على أنه «سيكون لتعامل إسرائيل مع قضية السفارة ومقتل القاضي زعيتر وغيرها من القضايا أثر مباشر على طبيعة علاقاتنا»، موجهاً تعازيه الى عائلات الضحايا، قبل أن يغادر قصر الحسينية في عمان للمشاركة في بيت عزاء الفتى الأردني محمد الجوادة والدكتور بشار الحمارنة. وأوضح الملك حرص بلاده على «احترام القانون الدولي والأعراف الديبلوماسية من منطلق كونها دولة قانون تحترم التزاماتها والمواثيق التي تدخل بها، وهذا الالتزام بالقانون الدولي هو الذي يضمن حقوقنا وحقوق مواطنينا». وقال: «أما وقد تعاملنا مع الأزمة الأخيرة التي شهدها المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف، وبعد جهود أدت لاحتواء تداعياتها وفتح المسجد الأقصى بشكل كامل من خلال مواقفنا الواحدة مع أشقائنا الفلسطينيين خلال الفترة التي تلت الأزمة التي بدأت في 14 تموز (يوليو) الجاري، فإنني أؤكد ضرورة احترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في الحرم القدسي الشريف لمنع تكرار هذه الأزمات». الأردن وأحداث الأقصى اعتبرت الحكومة الأردنية تراجع السلطات الإسرائيلية عن إجراءاتها الأمنية المرفوضة حول الأقصى، خطوة أساسية كان لا بد منها لتهدئة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خصوصاً في الأراضي المقدسة، فيما تحدثت مصادر عن اتصالات مكثفة قادها العاهل الأردني خلال الساعات الاخيرة مع الإدارة الأميركية، أسهمت في إجبار إسرائيل على اتخاذ قرار إزالة كافة المظاهر الأمنية حول المسجد. وشرعت إسرائيل فجر أمس بإزالة البوابات الالكترونية وممرات التفتيش وكاميرات المراقبة حول المسجد الأقصى، وسط فرحة عارمة عمت القدس تفاعل معها الأردنيون. ولاحقاً، قال الناطق باسم الحكومة محمد المومني في بيان إن تفكيك البوابات الالكترونية وإزالة ممرات التفتيش وإلغاء كاميرات المراقبة وإزالة قواعدها، هي خطوات لا بد منها للحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس، مشدداً على أن إسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال، لا يحق لها فرض إجراءات من شأنها تغيير هذا الوضع. وأكد أن إعادة الوضع في المسجد الأقصى الى ما كان عليه قبل الأحداث الأخيرة هو تأكيد لضرورة عدم المس بالأوضاع التاريخية والقانونية للأماكن المقدسة، وضرورة التزام ذلك من أجل التأسيس لأفق سياسي لحل النزاع على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. خيارات أردنية تزامن النصر الديبلوماسي الذي حققه الأردن، الوصي على المقدسات الإسلامية في القدس، مع تصعيد عمان لهجتها إزاء ملف حادث السفارة الإسرائيلية. وقالت مصادر مطلعة تحدثت إليها «الحياة» أن الأردن يدرس خيارات عدة للرد على الصلف والغرور الإسرائيلي في التعامل مع حارس السفارة الإسرائيلية كبطل على رغم قتله مواطنين أردنيين، بخلاف المعاهدات الدولية التي تلزم إسرائيل محاكمته جنائياً. وأشارت الى أن من بين الخيارات التي يجرى درسها عدم السماح بعودة السفيرة الإسرائيلية وطاقم السفارة الى عمان الى أن يحال الحارس على القضاء. يأتي ذلك، في ظل مطالبات نيابية عدة بأن توضح الحكومة الأردنية خطتها في ملاحقة المجرم الإسرائيلي، وأن تقوم اللجنة الوزارية المشكلة بهذا الخصوص بإطلاع مجلس النواب على الخطوات أولاً بأول وفقاً لرئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة الموجود حالياً في الرباط، للمشاركة في القمة الطارئة للاتحاد البرلماني الدولي التي دعا إليها الأردن تحت عنوان «حماية الأقصى».