أفضت تفاهمات بين الأردن وإسرائيل في شأن حادث السفارة الإسرائيلية في عمان الأحد، الى «تجميد» أزمة المسجد الأقصى بإزالة البوابات الإلكترونية فجر أمس، رغم نفي عمّان التوصل الى «صفقة» أو مفاوضات في هذا الصدد، فيما تكتمت اسرائيل عن التفاصيل التي كُشف لاحقاً أنها تتضمن إزالة البوابات ونشر كاميرات ذكية على الطرق المؤدية الى المسجد الأقصى خلال ستة أشهر. وحذر مجلس الأمن الذي عقد جلسة علنية مساء أمس من تبعات التصعيد بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأجمع أعضاؤه على ضرورة الحفاظ على الوضع القائم في القدس، محذرين من خطر التحول الى نزاع ديني، ووجهوا انتقادات للاستيطان. وتطرقت السفيرة الأميركية نيكي هايلي سريعاً الى الوضع في القدس، معتبرة أن على كل الأطراف «خفض التوتر، والمهم هو استمرار الوصول الى الأماكن المقدسة في المدينة، ولكن مع حفظ الأمن». كما حذّرت من حرب مع إسرائيل يعد لها «حزب الله». فلسطينياً، لم يكن الموقف الرسمي واضحاً من «الصفقة» الأردنية - الإسرائيلية، في حين رفضت المرجعيات الدينية في القدس أي تغيير في وضع المسجد الأقصى، ودعت الى استمرار مقاطعة الدخول اليه والصلاة خارجه. وجاء الإعلان عن تشكيل لجنة فنية من الأوقاف الإسلامية في القدس لفحص التغييرات التي لحقت بالمسجد خلال الأيام الماضية، ليعكس محاولة لكسب الوقت ريثما يتم الاستماع الى الجانب الأردني. واعتبر وزير شؤون القدس عدنان الحسيني عقب لقائه الرئيس محمود عباس في رام الله الى جانب مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، أن «الكاميرات الذكية التي يتحدث عنها الاسرائيليون اكثر سوءاً من بوابات الفحص المعدنية». وقررت الحكومة في رام الله تقديم دعم عاجل للقدس لتعزيز صمود اهلها. في عمّان، نفى وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي وجود صفقات أو مفاوضات في حادث السفارة الإسرائيلية، وقال: «تعاملنا وفق مصالحنا والقانون الدولي»، وملف القضية الآن لدى المدعي العام. وأكد عدم السماح بمغادرة الحارس الإسرائيلي الا بعد أخذ إفادته ضمن اتفاق مع إسرائيل رغم ادعاء الحصانة. وأوضح أن ما حدث في عمان مختلف تماماً عن الجهود التي يبذلها الملك عبدالله الثاني لحماية المقدسات، مشيراً الى استمرار هذه الجهود حتى التوصل الى حل مقبول لدى الفلسطينيين، وبما لا يُحدث أي تغيير في الوضع القائم فيها أو اتخاذ أي إجراءات أحادية، ومؤكداً أن «لا مساومة على القدس». وتكتمت إسرائيل عن التفاهمات التي أنجزها رئيس جهاز الأمن العام (شاباك) نداف أرغمان في عمان أول من أمس، وأنهت أزمة بين الجانبين بعد قتل حارس أمن في السفارة الإسرائيلية في عمان أردنييْن. وسارع مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو إلى نفي معلومات مفادها أن إعادة ضابط الأمن القاتل كانت مشروطة بإزالة البوابات الالكترونية، كما حرصت أوساط رئيس الحكومة على تأكيد أن حارس الأمن القاتل لم يخضع الى التحقيق في عمان «إنما تم استجوابه من أفراد شرطة أردنيين وصلوا إلى السفارة، وسجلوا إفادته بحضور مستشار قضائي من السفارة». عملياً، انتهت الأزمة بسماح الأردن لأعضاء السفارة، بمن فيهم القاتل، بمغادرة عمان إلى تل أبيب ليلاً، أعقبَ ذلك بعد ثلاث ساعات قرار الحكومة الأمنية المصغرة إزالة البوابات الإلكترونية والكاميرات الذكية من مداخل المسجد الأقصى، على أن تنصب، في غضون ستة أشهر، كاميرات مراقبة متطورة في البلدة القديمة في الطريق المؤدية الى المسجد، ليس في مداخله، وتكثيف نشر قوات الشرطة و»حرس الحدود» في البلدة القديمة. وجاء في بيان صادر عن مكتب نتانياهو بعد الاجتماع أن الحكومة المصغرة «تبنّت توصيات جميع الأجهزة الأمنية باستبدال البوابات الإلكترونية بوسائل فحص ذكية ووسائل أخرى، على أن ترصد الموازنة اللازمة (نحو 28 مليون دولار) خلال ستة أشهر». وكُشف الدور الأميركي في التوصل الى تفاهمات عمان، عندما شكر نتانياهو العاهل الأردني، كما شكر الرئيس دونالد ترامب «الذي أرشد مستشاره جاريد كوشنير وأوفد مبعوثه الخاص جيسون غرينبلات إلى المنطقة ليساعدا في جهودنا لإعادة طاقم السفارة إلى البيت بسرعة»، وهو ما أكده السفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان الذي تحدث عن «عمل شاق وراء الكواليس ومناقشات» بين مسؤولين أميركيين ونتانياهو والملك عبدالله «تمكنا خلالها من نزع فتيل الوضع سريعاً». غير أن المعلقين الإعلاميين حملوا بشدة على نتانياهو، وقال مراسل الإذاعة العامة إن «الأردن لوى يد إسرائيل وأرغمها على إزالة البوابات والكاميرات»، فيما كتب صحافي أن «إزالة البوابات أثبتت للعالم كله بأن إسرائيل ليست رب البيت» في الحرم.