عملت إسرائيل في شكل ممنهج على تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى منذ احتلال مدينة القدس في العام 1967، واستمر ذلك بعد اندلاع انتفاضة العام 2000 إثر زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك ارئيل شارون إلى الحرم القدسي. وبعد انتفاضة العام 2000، بدأت الشرطة الإسرائيلية الإشراف على السياحة الأجنبية، ومرافقة السياح، خصوصاً اليهود منهم، الذين أخذوا يمارسون طقوساً دينية ويعلنون نيتهم تقسيم الحرم زمانياً ومكانياً بين اليهود والمسلمين. وأوضحت مصادر أردنية، انه قبل العام 2000، لم تكن الشرطة الإسرائيلية ترافق الوفود السياحية، واقتصر دورها على حراسة أبواب المسجد من الخارج فقط، من دون التدخل في حركة الداخلين والخارجين من المصلين المسلمين، ومن دون تحديد أعمار المصلين. ويدخل الاقصى السياح العرب والأجانب، من المسيحيين واليهود وأصحاب الديانات الاخرى، برسوم رمزية. وفي سبيل أيجاد حل للوضع الحالي، رحب الأردن أول من أمس (الأحد) بتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو التي تعهد من خلالها الإبقاء على الوضع القائم في المسجد الأقصى، معتبراً إنها «خطوة في الاتجاه الصحيح». وقال نائب رئيس الوزراء الأردني وزير الخارجية ناصر جودة، إن «تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي وتأكيده على التزامه بالحفاظ على الوضع القائم في المسجد الأقصى مرحب بها»، موضحاً ان «الوصاية الهاشمية التاريخية ودور الأردن التاريخي ومسؤولياته في الحرم القدسي الشريف في قمة الأولويات الأردنية». وتعهد نتانياهو بالإبقاء على الوضع القائم في المسجد الأقصى، الذي اندلعت منه دوامة العنف المستمرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ بداية الشهر الجاري، مضيفاً ان «أسرائيل تجدد التأكيد على التزامها، قولاً وفعلاً، بالإبقاء على الوضع القائم في جبل الهيكل من دون تغيير»، مستخدماً التسمية اليهودية للمسجد الأقصى. واعتبر أن وضع كاميرات مراقبة في الأقصى يصب في «مصلحة» إسرائيل، وقال في تصريحات عند بدء الاجتماع الأسبوعي لحكومته أن «الكاميرات ستستخدم أولاً لدحض الإدعاءات بأن إسرائيل تقوم بخرق الوضع الراهن، وثانياً لإظهار من أين تأتي الاستفزازات بالفعل ومنعها مسبقاً». من جهته، صرح وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية الأردني هايل داوود لموقع «سي ان ان العربية» إنه لا توجد أية تفاهمات أردنية - إسرائيلية للاتفاق على التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، وأن الاتصالات المتواصلة بين حكومتي الأردن واسرائيل هي لمنع ذلك، فيما أشار إلى أن استدعاء السفير الأردني من اسرائيل «قد يكون من ضمن الخيارات الأردنية المقبلة، وقد يكون أكثر من ذلك». وتزامنت تصريحات داوود مع تصريحات نقلت على لسان نتانياهو، بأن الأردن واسرائيل «في خندق واحد»، فيما أكد العاهل الأردني أخيراً أن «بيد الأردن أوراقاً ديبلوماسية وقانونية في حال واصلت إسرائيل تعدياتها على المسجد الأقصى». وبين داوود أن حرّاس المسجد الاقصى البالغ عددهم 250 حارساً، الذين عينتهم وزارة الاوقاف الاردنية بموجب الوصاية على المقدسات في القدس، «ليس من مهمتهم التصدي للقوات الاسرائيلية في حال اقتحام الاقصى»، مشدداً على أن حماية الاقصى في هذه الحالة هي «مسؤولية الدول العربية والمسلمين كافة». وحذر من استمرار تصاعد الأوضاع الأمنية في القدس، معتبراً أن إقدام شبان فلسطينيين على عمليات طعن للجنود الاسرائيليين ما هي «إلا نتيجة العنف الاسرائيلي»، محملاً سلطات الاحتلال المسؤولية عن حوادث الطعن، قائلاً إنه: «لا يجوز أن تتدخل اسرائيل في الأماكن المقدسة للاراضي المحتلة». وبموجب القانون الدولي، فإن دائرة أوقاف القدس التابعة لوزارة الأوقاف والمقدسات والشؤون الإسلامية في الأردن، هي المشرف الرسمي على المسجد الأقصى وأوقاف القدس (الشرقية). واحتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس بموجب اتفاق «وادي عربة» (اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية الموقعة في العام 1994).