استمرت حالة التوتر في القدسالمحتلة أمس، غداة إزالة السلطات الإسرائيلية البوابات الإلكترونية عند مداخل المسجد الأقصى، خصوصاً مع اقتحام عشرات المستوطنين باحات الأقصى، على رغم استمرار ردود الفعل العربية المنددة بالإجراءات الإسرائيلية الأخيرة. وحذرت المملكة العربية السعودية مجلس الأمن من «خطورة التصعيد الإسرائيلي على أمن المنطقة والعالم»، وأكدت «إدانتها بلا تحفظ الأعمال الإرهابية أياً كان مرتكبوها أو ضحاياها». واقتحم عشرات المستوطنين المسجد الأقصى صباح أمس من جهة باب المغاربة تحت حماية قوات الاحتلال، وقاموا بجولات غير معلومة الأهداف لعدم وجود مصلين أو مسؤولين في المسجد، فيما واصل المقدسيون أمس الاعتصام في محيط البوابات الرئيسية للمسجد احتجاجاً على إجراءات قوات الاحتلال وفرض حصار عسكري على المسجد. إلى ذلك، دعت فصائل العمل الوطني والإسلامي إلى «إقامة صلاة الجمعة (غداً) في الميادين العامة، وإلى النفير العام، وتظاهرات تصعيدية ضد الاحتلال في كل فلسطين نصرة للمسجد الأقصى المبارك». جاء ذلك في اختتام لقاء فصائل العمل الوطني والإسلامي أمس في مكتب نائب رئيس حركة «فتح» محمود العالول، بحضور أعضاء مركزية «فتح» جمال المحيسن وتوفيق الطيراوي، واجتماع أمناء سر حركة «فتح» في الضفة. وكان عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عباس زكي دعا إلى «تفتيش اليهود أمام بوابات المسجد الأقصى المبارك وليس العكس، لأن العالم حسم أن هناك دولة فلسطينية قائمة على حدود عام 67». ويبدو أن تصريحات زكي هذه جاءت بعد إعطاء القيادة الفلسطينية الضوء الأخضر للتصعيد والمواجهة ضد الاحتلال الإسرائيلي وممارساته في المسجد الأقصى، إذ دعت اللجنة المركزية لحركة «فتح» في اختتام اجتماع عقدته بقيادة الرئيس محمود عباس مساء أول من أمس «أبناء الشعب الفلسطيني إلى التصعيد الشعبي وإقامة صلاة الجمعة (غداً) في جميع الميادين». جاءت هذه الدعوة في بيان تلاه نائب أمين سر اللجنة المركزية صبري صيدم عقب انتهاء الاجتماع مساء اليوم، أكد فيه «أن اللجنة المركزية تؤكد الالتزام بموقف المرجعيات الدينية بعدم التراجع». وكان رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية وجه أمس رسالة إلى قادة الدول العربية والإسلامية يدعوهم فيها إلى «تفعيل أوراق الضغط على الاحتلال الإسرائيلي، ودعم كل جهود مقاطعته وعزله ومحاسبته نصرة للمسجد الأقصى المبارك». وقال هنية إن «المسجد الأقصى المبارك يستصرخ ضمائركم ونخوتكم، فلا يمكن السكوت عن محاولات الاحتلال الإسرائيليّ لفرض واقع جديد على الأقصى، يتحوّل فيه الاحتلال إلى المتحكِّم بمصير المسجد». ولفت هنية إلى أن جامعة الدولة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي قد أصدرت العديد من القرارات الداعمة للقدس والأقصى، «وآن الأوان للعمل على تفعيلها لتعزيز صمود أهلنا في القدس الذين يدافعون عن مقدسات الأمة» بحسب قوله. وأضاف هنية أن «الحكومات العربية والإسلامية تمتلك الكثير من أوراق القوة الديبلوماسية والقانونية والجماهيرية والإعلامية، وما أحوج المسجد الأقصى اليوم إلى تفعيل هذه الأوراق للضغط على الاحتلال في كلّ المحافل والمناسبات، ولا أقلّ من دعم كل الجهود لمقاطعته وعزله وملاحقته ومحاسبته على جرائمه بحقّ شعبنا الفلسطيني ومقدساتنا» وفق قوله. ودعا هنية إلى «تكامل الجهود الرسمية والشعبية الضاغطة على الاحتلال الإسرائيليّ». إلى ذلك، رحب القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي» داوود شهاب بتصريحات الرئيس عباس التي أطلقها الثلثاء، والتي تعطي الضوء الأخضر لحركة «فتح» بتصعيد الاحتجاجات في الضفة الغربيةوالقدسالمحتلة رداً على إجراءات الاحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى. في غضون ذلك، لفتت المملكة العربية السعودية مجلس الأمن إلى خطورة استمرار تفاقم الأوضاع في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وانزلاقها إلى حال من التصعيد تشمل آثارها كل أنحاء المنطقة بل وتتجاوزها إلى ما سواها. ودعا مندوب المملكة الدائم لدى الأممالمتحدة السفير عبدالله بن يحيى المعلمي، في كلمة أمام مجلس الأمن مساء أول من أمس، المجلس إلى «الاضطلاع بمسؤولياته تجاه التصدي للاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني»، مجدداً تأكيد «موقف المملكة الثابت المتمثل في دعم الشعب الفلسطيني ورفض كل محاولات فرض السيطرة والإجراءات الأحادية التي ترمي إلى الإساءة إلى القدس والحرم الشريف». وشدد على أن «الطريق الوحيد للسلام هو العودة إلى مبادرة السلام العربية ووضع آلية دولية فعالة تضمن نيل الشعب الفلسطيني جميع حقوقه غير القابلة للتصرف وإنهاء الاحتلال وفق إطار زمني محدد، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967». وأشار المعلمي إلى أن «الأيام الماضية شهدت فصلاً جديداً من فصول العنف المستمر في القدس الشريف والأرض العربية المحتلة في فلسطين، وأن المملكة العربية السعودية تدين بأشد العبارات الإجراءات غير القانونية التي أقدمت عليها أخيراً سلطات الاحتلال في القدس والحرم الشريف». ولفت إلى أن «القدس الشريف عاش مئات السنين تحت الحكم العربي الإسلامي، حظيت خلاله المقدسات الدينية اليهودية والمسيحية والإسلامية بالاحترام والصون، وتعامل الحكم العربي الإسلامي مع المصلين في الأماكن المقدسة بالرعاية والحماية. أما في ظلال الاحتلال الإسرائيلي وفي خلال نصف قرن تعرض المسجد الأقصى للإحراق المتعمد عام 1969، وتعرض المصلون في الحرم الإبراهيمي الشريف في 1994 إلى مذبحة مروعة على يد المستوطن الإرهابي باروخ غولدشتاين الذي حظي بعد موته بالتمجيد الرسمي والشعبي الإسرائيلي، ولم يتوقف الإرهابيون المستوطنون عن التخطيط واتخاذ الممارسات الاستفزازية والدعوة علناً لهدم الحرم الشريف ومنع المسلمين وطردهم من القدس الشريف، بالتنسيق والتعاون مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي. واليوم نراقب بالألم والاستنكار سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمارس الحصار على القدس الشريف وتمنع المصلين من أداء مناسكهم الدينية، وتتصرف بوحشية ضد التظاهرات السلمية والمرابطين أمام الحرم الشريف، بل إن أحد هذه المشاهد تم توثيقه إذ شاهدنا جندياً إسرائيلياً على شاشات التلفاز وهو يركل مصلياً مسلماً أثناء صلاته». وتابع مندوب المملكة لدى الأممالمتحدة: «فهل رأيتم أبشع من هذا الاستخفاف بالأديان؟ وهل رأيتم تصرفاً أكثر ازدراء لممارسة المناسك الدينية؟ إن مثل هذا التصرف الوقح إنما يعبر عن عقيدة الاحتلال الإسرائيلي التي تمارس الاضطهاد ضد الشعب الفلسطيني الأعزل وتتعمد إهانة كرامته والإساءة إليه والتنكيل به وممارسة الإرهاب ضده». ولفت إلى أن «المملكة العربية السعودية تدين بلا تحفظ كل الأعمال الإرهابية أياً كان مرتكبوها أو ضحاياها، وتدين كل الدول والجماعات والأفراد التي تمارس الإرهاب أو تتغاضى عنه أو تساعد على تمويله أو تحرض عليه، وإننا نؤمن بأنه ليس هناك أي مبرر للأعمال الإرهابية أو مسوغ». محكمة العدل الأوروبية تبقي «حماس»على قوائم الإرهاب لوكسمبورغ، القدسالمحتلة - رويترز، سما - قضت محكمة العدل الأوروبية التابعة للاتحاد الأوروبي أمس بإبقاء حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على قوائم الاتحاد للإرهاب. وألغى قضاة محكمة العدل رأياً للمحكمة العامة صدر عام 2014 بأن مجلس الاتحاد الأوروبي المؤلف من 28 دولة ليست لديه أدلة كافية للاستمرار في تجميد أصول «حماس» وفرض حظر سفر على أعضائها. وكانت المحكمة العامة، وهي محكمة أدنى، رأت أن إدراج «حماس» على قوائم الإرهاب اعتمد على تقارير إعلامية وتقارير على «الإنترنت» وليس بناء على قرارات «جهة مختصة». ولكن محكمة العدل الأوروبية أعلنت أمس إن الإدراج على قوائم الإرهاب يتطلب قراراً من جهة مختصة حينما يتعلق بإدراج كيان ما لأول مرة، ولا يحتاج الأمر هذا لدى إبقاء هذا الكيان على تلك القوائم. وتابعت أن «المجلس قد يبقي على شخص أو كيان ما على القوائم إذا توصل إلى أن هناك خطراً مستمراً من هذا الشخص أو الكيان في ما يتعلق بالأنشطة الإرهابية التي بررت إدراجهم أساساً». وأضافت أنه على المحكمة العامة فحص الحقائق والحجج التي لم تفحصها في حكمها عام 2014. في الوقت ذاته، قضت المحكمة بضرورة رفع اسم «جبهة نمور تحرير تاميل إيلام» السريلانكية الانفصالية من قائمة الاتحاد الأوروبي للإرهاب. وانتقد القيادي في حركة «فتح» سمير المشهراوي قرار المحكمة الأوروبية العليا والذي يقضي ببقاء حركة «حماس» على لائحة الاتحاد للإرهاب، معتبراً «حماس حركة مقاومة وطنية فلسطينية، تناضل ضد الاحتلال الاسرائيلي». وقال المشهراوي ان «محاولة ربط حركة مقاومة ضد الاحتلال بالإرهاب هو تشجيع لاسرائيل على مواصلة ارتكاب جرائمها ضد الشعب الفلسطيني، ومواصلة احتلال ارض شعب وتضرب كل قوانين الشرعية الدولية». واعتبر المشهراوي قرار المحكمة الأوروبية ابقاء «حماس» على «قائمة الإرهاب» بأنه «قرار مرفوض ومثير للريبة توقيتاً ومضموناً».