التقى العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني أمس وفداً يمثل جماعة «الاخوان المسلمين» وذراعها السياسية حزب «جبهة العمل الاسلامي»، وذلك في أول لقاء على مستوى عال منذ سنوات. بموازاة ذلك، أنهى رئيس الوزراء المكلف معروف البخيت مشارواته أمس مع الكتل في مجلس النواب، متعهداً «تشكيل حكومة تحقق العدالة من اصحاب الخبرة والقدرة على التواصل مع المواطنين». كما اكد اولوية مكافحة الفساد في برنامجه، مشدداً: «لن يكون هناك فساد محصن، وسنفتح كل القضايا التي اثيرت حولها التساؤلات، خصوصا قضية ترخيص الكازينو». وكان البخيت التقى في وقت متقدم من ليل الاربعاء - الخميس وفداً من «جبهة العمل الاسلامي» برئاسة الامين العام حمزة منصور الذي وصف اللقاء بالصريح، مؤكداً ان البخيت التزم اشراك الاطياف كافة في تشكيلة الحكومة، فيما ابلغ الوفد رفض حزب «جبهة العمل الاسلامي» المشاركة في الحكومة او ترشيح اشخاص مقربين منه لدخولها. من جانبه، دعا الملك عبدالله الثاني الى «تكاتف جهود الجميع، حكومة وبرلماناً وأحزاباًَ ومؤسسات المجتمع المدني كافة، من أجل المضي قدماً في مسيرة الإصلاح الشامل». وشدد امام وفد الحركة الاسلامية على «أن يعمل الجميع معاً من أجل اتخاذ خطوات عملية وفاعلة وملموسة لتحقيق التقدم اللازم في عملية الإصلاح السياسي الذي يزيد من مشاركة المواطنين في صناعة القرار». وأكد أن «مسيرة الإصلاح الشامل تعثرت وتباطأت، ما كلّف الوطن فرصاً كثيرة نتيجة تقديم البعض المصالح الشخصية على المصلحة العامة والمناكفات ضيقة الأفق، والخوف من التغيير والتردد في اتخاذ القرار من العديد ممن تولوا المسؤولية العامة». وأشار الملك إلى أن رؤيته الإصلاحية التحديثية التطويرية الشاملة يجب أن تترجم عبر خطوات عملية إلى واقع ملموس يعيشه جميع الأردنيين، عبر سياسات إصلاحية جادة تهدف الى مصلحة الوطن، ولا تتراجع أمام ضغوط القوى التي لا تريد الإصلاح حماية لمصالحها الشخصية وتقاومه انطلاقاً من أجندات خاصة وحسابات ضيقة. وتوقع من الحكومة الجديدة أن تباشر في تنفيذ التوجيهات التي احتواها كتاب التكليف، خصوصاً «وضع آلية مؤسسية لإطلاق حوار وطني شامل ممنهج تتمثل فيه جميع مكونات المجتمع للتوافق على قانون انتخاب يعزز الهوية الوطنية الجامعة، ويشجع العمل الحزبي البرامجي، وبحيث يكون التنافس في الانتخابات على أساس البرامج والأفكار». وشدد الملك على ضرورة أن يتم خلال الحوار التوافق على كل الإجراءات اللازمة للمضي قدماً في مسيرة التنمية السياسية، وإدخال التعديلات اللازمة على كل القوانين الناظمة للعمل السياسي والمدني لضمان البيئة الكفيلة بتطور العمل الحزبي القادر على محاكاة واقع المواطنين، واستقطاب المؤيدين على أساس الرؤى والبرامج. وقال: «لا بد من مناقشة جميع قضايا الوطن بانفتاح وشفافية ووضوح كامل من خلال الحوار المتواصل والمرتكز إلى المعلومات والحقائق مع أبناء الوطن في جميع مناطقهم»، لافتاً إلى توجيهاته للحكومة «التواصل مع المواطنين وتقديم الإجابات لهم على كل ما يطرح من قضايا في المجتمع». وطلب ان تكون «كل آليات العمل وأهدافه واضحة ومعلنة للجميع، وأن يكون الحوار حولها علمياً وموضوعياً». وأكد أن الفساد آفة تجب محاربتها عبر تعزيز البنية المؤسسية وضمان تطبيق القانون على جميع من يثبت تورطه فيه، مشيراً إلى أن «لا غطاء لأحد ويجب اتخاذ أقصى الخطوات القانونية بحق من يثبت ارتكابه لأي نوع من أنواع الفساد». وأشار الملك إلى أن رؤيته واضحة عن حتمية الإصلاح والتحديث في كل جوانبه، وإلى أن الإصلاح إرادة أردنية لأن مصلحة الوطن والمواطن يتطلبان أن تتوافر لجميع أبناء الوطن فرصة المساهمة في البناء على إنجازاته الكبيرة والمشاركة في مسيرة الوطن التنموية الشاملة، وتوفير كل الإمكانات والتأهيل والتدريب التي تمكنهم من الانجاز والتقدم. وشدد على أن الأمن والاستقرار نعمة يحميها الأردنيون جميعاً من خلال صون التماسك المجتمعي والوحدة الوطنية وضمان سيادة القانون بعدالة ومساواة على الجميع، من أجل بناء المستقبل الأفضل الذي يفتح أمام جميع الأردنيين آفاقاً واسعة للتقدم والانجاز. وأكد ممثلو جماعة «الإخوان المسلمين» و«جبهة العمل الإسلامي» أنهم جزء من الوطن وحريصون عليه، وعرضوا آراءهم ازاء القضايا المختلفة وكيفية التعامل معها، وفي مقدمها «انجاز قانون انتخاب يفضي الى انتخابات مبكرة وحكومة منتخبة واصلاحات سياسية واقتصادية». وحضر اللقاء الى جانب الملك رئيس الديوان الملكي ناصر اللوزي، ومن الحركة الاسلامية كل من المراقب العام ل «الإخوان المسلمين» همام سعيد، ورئيس مجلس شورى الجماعة عبداللطيف عربيات، والناطق الإعلامي للجماعة، أمين سر «جبهة العمل الإسلامي» جميل أبو بكر، ورئيس القسم السياسي في الجماعة ارحيل الغرايبة، والأمين العام لحزب الجبهة حمزة منصور، ونائب الأمين العام للحزب نمر العساف، ومسؤول الملف السياسي في الحزب، عضو المكتب التنفيذي زكي بن أرشيد. الى ذلك، اعلن حزبا «جبهة العمل الاسلامي» والوحدة الشعبية عزمهما الاعتصام اليوم امام رئاسة الحكومة، فيما توقفت الاحزاب الاخرى عن المشاركة في الاحتجاجات. وأصدر المركز الوطني لحقوق الانسان أمس بياناً اعتبر فيه ان «تراخي الحكومات الأردنية المتعاقبة في تنفيذ الاصلاح السياسي والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية ... ادى الى التهديد الاكبر لأمن وسلامة المجتمع والوحدة الوطنية». وأجرى الرئيس المكلف مساء أمس مشاروات مع الاحزاب السياسية سيستكملها اليوم، ما يمهد امام اعلان تشكيلة الحكومة الجديدة بداية الاسبوع.