عزا بعض فناني المسرح العراقي قلة العروض المسرحية التي كانت تعج بها مسارح بغداد سابقاً، إلى إهمال الحكومة العراقية للثقافة عموماً وللفن المسرحي على وجه الخصوص. وحمل الفنان المسرحي حيدر منعثر الحكومة العراقية مسؤولية غياب النشاطات الفنية بما فيها العروض المسرحية الجماهيرية الهادفة. وقال ل «الحياة» ان «الحكومة لم تنعش قطاع الثقافة على اعتبار انها وزارة غير سيادية وبالتالي لاتحتاج الى دعم واهتمام حكومي كبير الامر، الذي انعكس سلباً على كافة فعاليات المشهد الثقافي في البلاد بما فيها المسرح الذي باتت عروضه «نخبوية»، اي تقتصر على المهرجانات والفعاليات الثقافية». وأضاف «على رغم التحسن الامني النسبي، الا ان العروض المسرحية شحيحة بل تكاد تكون منعدمة بسبب قلة الدعم المادي الذي يحفز مبدعي الفن المسرحي، فضلاً عن غياب النصوص التي يمكن توظيفها في عمل مسرحي هادف». وأضاف: «على رغم مطالباتنا الكثيرة لمسؤولي الحكومة بالاهتمام بالجانب الثقافي والفنون المنضوية ضمن ذلك المشهد، الا ان تلك المطالبات لم تلق اذاناً صاغية». وتابع: «كان حري بالحكومات التي تعاقبت بعد تغيير النظام السابق الاهتمام بالجانب الابداعي الثقافي وتشجيع الفنانين على اختلاف نتاجاتهم الابداعية ، على تفعيل المشهد الثقافي، المسرحي، والدرامي وغيرها من الفنون، حيث إن جميع تلك الفنون اذا ما تم انعاشها ستنعكس إيجاباً على واقع الفرد وسلوكه، بل سيسهم في حل كثير من المشكلات، ولاسيما الأمنية، كون الاعمال المسرحية الجماهيرية عادة ما تعالج حالة او ظاهرة مجتمعية ولكن بأسلوب لافت ومؤثر». ويؤكد الفنان المسرحي عزيز خيون ل»الحياة»، انه «لعل ضعف الامكانات الداعمة احد اسباب عدم تواصل النشاط المسرحي المعتاد، فضلاً عن غياب الجهات الانتاجية المتعددة السابقة في دعم هذا المسرح، مع انحسار وغياب العديد من مسارح بغداد، أمثال مسرح الرشيد المهدم ومسرحي المنصور والاحتفالات الكبرى الخاضعة للمنطقة الخضراء.. ولهذا عزف الجمهور المسرحي عن متابعة الاعمال المسرحية الجادة التي تعرض في المسرح الوطني فقط، او ما تسمى ب «عروض النخبة». وأضاف أن «من الاسباب الاخرى التي ادت الى انحسار العروض المسرحية المخاوف الامنية»، مؤكداً ان» المسرح لا ينتعش الا في اجواء آمنة، وكل المعوقات الأخرى قابلة للحل والزوال». وأوضح ان «المنتجين يريدون تحسن الوضع الأمني للتقدم خطوة نحو إنتاج مسرحيات شعبية او جادة والفرق الأهلية كذلك تسعى لاستعادة نشاطها مع عودة الأمان. وعلى ما يبدو، فإن هناك تحركاً جاداً لدائرة السينما والمسرح لدعم الأنشطة المسرحية، وعسى ان تثمر تلك الجهود في طرح نتاجات إبداعية تتناسب وتلك الجهود». من جهة أخرى، أكد الناقد المسرحي عباس لطيف في اتصال مع «الحياة»، ان «عزوف غالبية المنتجين المحليين عن انتاج عروض مسرحية جماهيرية، انعكس سلباً على نتاج ذلك الفن المهم، والذي كان حتى وقت قريب من اهم مرتكزات الحركة الثقافية في البلاد». وأضاف: «ضبابية المشهد الأمني تمنع المستثمرين في القطاع الفني من المغامرة بأموالهم في مشاريع فنية قد تنقلب وبالاً عليهم، او تكون سبباً في تصفيتهم من قبل جهات مختلفة التوجهات والانتماء».