ما هي مسؤولية الملحِّن والمُغني زياد برجي في المراوحة الفنّية في مساحة واحدة، لا يتعدّاها ولا يغادرها، بعدما كاد اسمه ينضمّ إلى لائحة النجوم بفضل مجموعة قليلة من الأغاني أوصلته إلى جمهور واسع، وحققت له انتشاراً يتمنّاه، وبعد تلك الأغاني برز اسمه أيضاً كملحِّن فخطب بعض النجوم ودّه طالبين ألحاناً منه تردّد أنها ستوضع في التداول ثم لم توضع كأنها لم تكن.. حتى خبراً إعلامياً!!؟ ما هي مسؤوليته في ضياع الفرص الجيدة، وهل هو لم يُحسن التعامل مع تلك الفرص أم أنها هي بانت ثم اختفت على طريقة الكثير من أخبار المشاريع الفنية التي تتداولها وسائل الإعلام، وخلال وقت قليل تُسدل عليها ستائر التجاهل والنسيان؟ المعروف، بل المؤكّد أن موهبة زياد برجي الصوتيّة فريدة إلى حد كبير بين مجايليه. خَامَة رقيقة، حساسة، دافئة، لطيفة الوقع، وقد أحسن برجي التصرّف تجاهها سواء في أسلوب فهمها، وإعطائها ما يُناسبها من الألحان، أو في جعلها متميّزة عن الآخرين. والمعروف والمُؤكّد أن ألحان برجي ذات خصوصية تبتعد عن النفس الاستهلاكي المسيطر وتنحو في اتجاه أكثر رقياً. ومع أن كلمة الرقي تكاد تكون منقرضة في التعبيرات النقدية عن غناء وألحان هذه الأيام عموماً، فإنها في مكانها في الكلام على المستوى الجمالي الذي اختزنه زياد برجي لنفسه. لكن، مع مرور الوقت، والسنوات أحياناً، تبيَّن ان حركة برجي محدودة إن في إنتاج خاص، أو في تقديم الألحان للآخرين. وبعدما كان اسم جورج وسوف وأصالة بين الأسماء التي قيل إنها طلبت أغاني من برجي، غابت أي إشارة الى تحقيق ذلك في ما بعد. حتى أن تسجيلات برجي الخاصة تكاد تختفي. وهذا يدفع الى السؤال عن الأسباب الكامنة: هل هي إنتاجية تشبه أغلب حالات المُغنين غير «المدعومين» من شركات ناشطة، أم هي كسل «خاص» ناجم عن ظروف شخصية أوغير ذلك؟ وفي كل الحالات، فإن زياد برجي الذي يكتفي حالياً، بإطلالات قليلة جداً على الشاشة الصغيرة، وببعض الحفلات الخاصة، وببعض الرحلات الغنائية الى الخارج، لا يؤمن تغطية حقيقية يستحقها صوته وألحانه وأغانيه. وإذا كان الخبر الذي شاعَ عن أنه يحاول أن يتعاون مع بعض نجوم مصر فيقدم ألحانه إليهم على سبيل توسيع بيكار حضوره كمغنّ أو كملحّن، صحيحاً، فإنها خطوة جيدة، تفيده في تعميم موهبته في التلحين على أكثر من بلده، ولو أن المنطق يقول إن برجي مدعو إلى أن يحضر بقوة في لبنان، ومع نجوم لبنان قبل ان يحاول الطيران خارج الحدود. وثمة من يرى أن حضور برجي كمُغنّ أولاً قبل التلحين، قد يكون عاملاً سلبياً في حياته الفنية، لأنّ نجوم الغناء يعيشون حساسيات معينة تجاه نجوم مثلهم، أو مغنين إذا كانوا ملحنين فيبتعدون عنهم مفضلين ملحنين غير مغنين، لاعتقادهم بأن المغني الملحن لا بد من أنه يحتفظ لنفسه بالألحان الجيدة، مع أن ذلك ليس صحيحاً، والدليل في إيلي شويري وملحم بركات وحالياً في مروان خوري... والثلاثة مُغنون ملحّنون نالت ألحانهم بأصوات الآخرين نجاحاً جدّياً.. وهناك من يقول إن زياد برجي يرفض الطريقة المتبعة اليوم بين الملحنين ونجوم الغناء.. والتي يسجل فيها الملحن ألحانه تسجيلاً أوّلياً على آلة موسيقية واحدة هي الأورغ غالباً، ثم يدور بها على النجوم.. على طريقة بائعي «الكشَّة». زياد برجي يرى في هذه الطريقة كثيراً من إهراق ماء وجه الملحن، وشخصيته، على أبواب نجوم الغناء، في وقت تقتضي الأصول أن يكون هناك احترام أكبر للملحن، وتقدير له في أسلوب التعامل، وما دامت هذه القواعد غائبة، فالغياب عن التلحين أفضل.. هل يجد زياد برجي طريقاً ثابتة الى الملحن والغناء.. بلا تنازلات؟