قال وزير الداخلية نهاد المشنوق ل «الحياة» أمس إن وزارته تعمل على اتخاذ الاحتياطات اللازمة «إزاء إمكان حصول تهجير جديد للمدنيين من مخيمات النزوح السوري الموجودة في جرود عرسال البعيدة والقريبة من المعارك الدائرة هناك، بحيث لا ينتقل هؤلاء إلى بلدة عرسال بل إلى مناطق أخرى، وهناك خيارات عدة في هذا الصدد نعمل عليها». وأوضح المشنوق رداً على أسئلة «الحياة» أن مخيمات جرود عرسال تضم حوالى 12 ألف نازح، ويجب الأخذ في الاعتبار أن 82 في المئة من النازحين عموماً هم من النساء والأطفال وليسوا مقاتلين، وبالتالي نعمل من زاوية إنسانية على اتخاذ التدابير المناسبة». وأجرى المشنوق خلال ال48 ساعة الماضية تحركاً مكثفاً عبر اجتماعات عمل واتصالات تمحورت حول الإجراءات الواجب اتخاذها لتدارك التداعيات الإنسانية للاشتباكات في الجرود، استكمالاً للاجتماع الاستثنائي لمجلس الأمن المركزي أول من أمس. وأفاد المكتب الإعلامي للمشنوق بأنه شدد على ضرورة تخفيف الأعباء الإنسانية الباهظة الثمن التي يتحملها المجتمع المضيف في عرسال منذ بداية الحرب في سورية، نتيجة تضحياته لإيواء النازحين وتحمله تداعيات وجود المسلحين في الجرود. كما أكد أنه على تواصل دائم مع جميع المعنيين في الجيش ومختلف الأجهزة الأمنية والهيئة العليا للإغاثة والمنظمات الدولية والمحلية من أجل توفير السبل لحماية المدنيين وتأمين المساعدات الطبية والإنسانية لهم. والتقى أمس مجدداً وفداً من «المفوضية السامية لشؤون اللاجئين» ترأسه نائب مدير مكتب بيروت للعمليات إيمانويل جانياك يرافقه بول صوايا ودومينيك طعمة في حضور الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء الركن محمد خير ومستشاري الوزير العميد منير شعبان والدكتور خليل جبارة. وأبلغ الوفد المشنوق وضع المفوضية إمكاناتها في تصرف الوزارة والحكومة. كما التقى مسؤول بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر كريستوف مارتان الذي قدم عرضاً للخطط التي أعدتها البعثة من أجل تقديم المساعدات الطبية العاجلة للمدنيين في منطقة عرسال، ثم ممثل «اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية» محمد نور قرحاني وبحث معه جاهزية المنظمات الإهلية وخططها الطارئة لتقديم المساعدات الإنسانية وتسهيل استضافة المدنيين. وعلمت «الحياة» أن الاجتماعات الأمنية التي عقدت في وزارة الداخلية أدت الى اتخاذ تدابير أمنية احترازية إزاء إمكان حصول عمليات انتقامية من قبل مجموعات إرهابية خارج نطاق العمليات في الجرود، وأن المشنوق طلب في اجتماع مجلس الأمن المركزي حضور ضابط من قوى الأمن الداخلي وآخر من الأمن العام في غرفة العمليات التابعة للجيش للتنسيق الدائم. النازحون التركمان وقالت مصادر معنية ل «الحياة» إن السفارة التركية في بيروت اهتمت بأوضاع النازحين في الجرود لأن بينهم زهاء 650 تركمانيًا سوريًا، يجري البحث في إمكان إجلائهم إلى تركيا جوًا. وقال المشنوق ل «الحياة» إن الجيش اللبناني «فصل بإجراءاته بلدة عرسال عن الجرود وأخذ الاحتياطات اللوجستية، وهو يتعاطى بمنتهى الدقة والحكمة والوعي مع الأوضاع على الأرض». وذكر أن المنظمات الإغاثية تواصلت مع 3 مستشفيات احتياطًا. وعن المعلومات حول إمكان إعادة نازحين سوريين إلى منطقة القلمون السورية بعد انتهاء عملية «حزب الله» العسكرية في الجرود قال المشنوق ل «الحياة» إنه «يجب عدم الدخول في لعبة الحصان أم العربة أولاً. هناك اتفاق في الحكومة السابقة وثم في الورقة التي قدمتها الحكومة اللبنانية إلى مؤتمر بروكسيل حول النازحين بأنه لا إلزام لنازحين بالعودة إلا وفق القانون الدولي الذي يحدد بطبيعته المناطق المستقرة والآمنة لعودة من يرغب». وأضاف: «هناك قناة أمنية موجودة مع الحكومة السورية، فاعلة وجدية منذ سنوات، بموافقة الجميع عبر المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم. وحين تتحدد المناطق الآمنة المستقرة من قبل الأممالمتحدة يتم تفعيل هذه القناة وتؤخذ إجراءات عودتهم. أما استخدام الأمر سياسياً من أجل تواصل مباشر مع الحكومة السورية ولمحاولة الحصول على اعتراف فهذا غير وارد ومهزلة». ورأى أن سماع مسؤولين سوريين، سواء السفير هنا أو مفتي سورية يعترضون على معاملة غير لائقة وحادة من قبل بعض اللبنانيين متوترين وطنياً، لنازحين سوريين على خلفية الخلاف على العملية الأخيرة التي قام بها الجيش أخيرًا، فإن من يتكلمون يمثلون نظامًا تسبب بمئات آلاف القتلى وملايين النازحين إلى لبنانوالأردن والعالم». وأضاف: «هذا النظام نفسه يحاول الإفادة من حادث بسيط لا يختصر العلاقة بين الشعبين وموقف الشعب اللبناني». وأوضح المشنوق أن «الرئيس سعد الحريري نبه إلى نقطة لافتة في ما يتعلق بإعادة النازحين وهي أن هناك علاقة رسمية أردنية سورية قائمة (وكذلك تركية في فترة معينة) فهل الاتصال العلني بين الحكومتين أمّن عودة أي من النازحين في الأردنوتركيا؟ والجواب هو النفي لأن الهدف من طرح الأمر بالنسبة إلى لبنان ضرب الاستقرار منذ أكثر من 4 سنوات».