اتهمت أحزاب مسيحية عراقية، الحزب «الديموقراطي الكردستاني»، بزعامة مسعود بارزاني، باتباع سياسية «فرض الإرادة» على الوحدات الإدارية، بعد القضاء على «داعش» في الموصل، وحذرت البطريركية الكلدانية من صراع «علني أو خفي» لفرض النفوذ في سهل نينوى، فيما أصدر بارزاني مرسوماً مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) موعداً لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في كردستان أي بعد الاستفتاء على الانفصال عن العراق، في محاولة لاسترضاء المعترضين على رئاسته في الإقليم. وكان مجلس محافظة نينوى أصدر قراراً وقعه نائب المحافظ يقضي بإقالة مدير ناحية القوش ذات الغالبية المسيحية فائز عبد جهوري «بناء على مقتضيات المصلحة العامة»، من دون توضيح الأسباب، وجاء القرار بعد أيام على «جلسة استجواب» في مجلس الناحية الذي يستحوذ على غالبية مقاعده حزب بازراني. وتظاهر أمس المئات من مواطني الناحية أمام مبنى المجلس البلدي رافعين أعلاماً عراقية ولافتات تندد بإقالة جهوري «من دون أي اعتبار لإرادة الأهالي»، وطالبوا ب «كشف الدوافع الحقيقية وراء قرار الإقالة». واعتبر حزب «أبناء النهرين» في بيان، القرار «حلقة أخرى من مسلسل استهداف شعبنا (المسيحي)، بعد أن حرم من حقه كشريك حقيقي في الوطن، وتعرض لإبادة جماعية واحتلال أرضه وتهجير أبنائه». وحذر من أن «تكون هذه الخطوة مقدمة لاستهداف قائمقام قضاءي تلكيف والحمدانية في ظل مؤشرات واضحة إلى تهيئة الأرضية الملائمة والخصبة لتمرير مشاريع عدة، كالاستفتاء على انفصال إقليم كردستان، أو مشاريع انتخابية بغية حشد وتعبئة أكبر عدد من الموالين لحزب السلطة (الديموقراطي) في الإقليم». وقال النائب جوزيف صليوا، من كتلة «الوركاء» المسيحية، في البرلمان الاتحادي ل «الحياة» إن «هذه الخطوة مرفوضة لأنها جاءت بالضد من إرادة أهالي القوش»، وشدد على أن «ذلك مؤشر خطير إلى تسويق مصالح الأحزاب المتنفذة وفرض واقع جديد لمرحلة ما بعد القضاء على داعش، من دون مراعاة مصلحة أبناء منطقة سهل نينوى الذين يحق لهم وحدهم تقرير مصير مناطقهم ومستقبلهم». وكان بارزاني أكد أن الاستفتاء المزمع تنظيمه منتصف أيلول (سبتمبر) المقبل على الانفصال عن العراق، يشمل المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد، وأهمها سهل نينوى ومحافظة كركوك. وحذر القيادي في «الحركة الديموقراطية الآشورية» ساهر كوله من «مؤامرات تحيكها أحزاب ونواب في برلمان الإقليم المحسوبين على أبناء شعبنا (المسيحي)، وفرض إرادات خارجية لإجراء تغييرات إدارية في سهل نينوى وفرض سياسية أمر الواقع». وأكد «عدم الرضوخ لهذه السياسات»، وأضاف أن «مجلس ناحية القوش لا يمثل أهالي الناحية لأنه يصادر إرادتهم، خارج السياقات الرسمية والقانونية، وقد استدعى للمرة الثالثة مدير الناحية تمهيداً لإقالته، وقد أحبط مسعاه بفعل الضغط الجماهيري والأحزاب والقيادات الكنسية». إلى ذلك، أكدت «حركة بابليون» التي لديها فصيل مسلح، في إطار قوات «الحشد الشعبي»، أن «قرار إعفاء مدير ناحية القوش ذات خلفية سياسية، لأن جل أعضاء المجلس البلدي ينتمون إلى حزب بارزاني، وكذلك نائب المحافظ الذي وقّع كتاب الإقالة، وكل ذلك في يوم واحد»، وطالبت «بإبعاد الناحية عن الصراعات السياسية لضمان استقرارها». أما البطريركية الكلدانية فأعلنت في بيان أن «ما نشاهده في بلدات سهل نينوى من صراع علني أو خفي لفرض النفوذ عليها مؤسف، وهو يسلب إرادة السكان ويخطف حقوقهم المشروعة ويستفزهم ويدفعهم إلى الهجرة أو إلى عدم العودة إلى بيوتهم»، وأضافت أن «الخطابات الرسمية التي يكررها المسؤولون الكبار عن احترام حق السكان في تقرير المصير مطمئنة، لكن الممارسات على أرض الواقع مقلقة، والقرارات تؤخذ بالنيابة». وناشدت «السياسيين والمسؤولين تحصين قراراتهم بفطنة وعقلانية والإصغاء إلى أهالي المنطقة وإشراك ممثليهم الحكماء، في اتخاذ قرارات حضارية راقية، إن كان في تغيير الإدارات أو رسم خريطة معينة مستقبلية للمنطقة، خصوصاً أن هذه الفترة ضبابية والظروف مربكة، ولئلا تسرق فرحة النصر على داعش». وأعربت عن «الأسف في أن نسمع تصريحات مريبة من مسيحيين ليسوا من المنطقة، يدعون دعوات متباينة ومتناقضة، وعليه نهيب بأبنائنا، أن يتمسكوا بقيم أصالتهم وتجذّرهم وبقيم الجيرة الحسنة، ناهلين من تاريخهم الحضاري المشرف والموغل في عراقته». من جهة أخرى (رويترز)، يحاول بارزاني استرضاء الأحزاب الكردية المعارضة، خصوصاً حركة «التغيير»، من خلال قرار يحدد تاريخاً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في كردستان، في محاولة لتخفيف حدة خلاف سياسي مستمر منذ فترة طويلة. وستأتي الانتخابات في أعقاب استفتاء على الانفصال. وكانت آخر انتخابات رئاسية في إقليم كردستان عام 2009 والانتخابات البرلمانية عام 2013. وفاز بارزاني، وقال إنه لن يترشح مرة أخرى. وبعد انتهاء ولايته عام 2013 مدد لنفسه مرتين، وشهد الإقليم فترات من الاضطرابات. ولم يجتمع البرلمان منذ تشرين الأول (أكتوبر) عام 2015. وقال مساعد لبارزاني إن موعد الانتخابات حدد في الأول من تشرين الثاني المقبل. وبثّ تلفزيون «رووداو» الكردي مرسوماً أصدره بارزاني الأربعاء جاء فيه: «تلتزم كل الأطراف المعنية باتخاذ ما يلزم والتعاون والتنسيق مع المفوضية العليا المستقلة للانتخاب والاستفتاء لتنفيذ هذا المرسوم». وبعد الانتخابات البرلمانية عام 2013 شكل بارزاني حكومة ذات قاعدة عريضة يقودها حزبه، وحصلت حركة «التغيير» على مناصب عدة منها منصب رئاسة البرلمان. ووسط أزمة سياسية متصاعدة أقيل أربعة من وزراء الحركة عام 2015 ومُنع رئيس البرلمان من دخول أربيل.