أفاقت إحدى القرى الفرنسية، والتي تسمى ب(مونتريزور) والبالغ عدد سكانها حوالى 380 نسمة، لتجد نفسها خالية تقريباً من مجموعة لا بأس بها من النساء المؤثرات والأمهات وبائعات الحليب والطبيبات والخابزات والطاهيات. وظلت البيوت التي كانت عامرة بوجودهن خالية الوفاض، تولى الأب الرجل الزوج مسؤولية حياته ومسؤولية أولاده ومسؤولية تسيير أمور بيته، وظل اختفاء النساء من القرية لغزاً يحير الجميع حتى ظهرت الحقيقة، وهي انضمام النساء لبرنامج زيارة سياحية للمغرب في رحلة استجمامية في إطار تجربة للقناة الفرنسية «فرانس 2»، بإيحاء من برنامج تملكه أصلاً شبكة «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) البريطانية. لها اهداف اجتماعية منها ما سأذكره في نهايه مقالي بحول الله. عانى الرجال والأزواج خلال هذه الأيام القلائل من الكثير، وشعروا بمدى أهمية وجود المرأة في المنزل، فهي العمود الفقري وهي شبكة العلاقات، وهي وزير المالية والداخلية والشؤون الاجتماعية والخارجية والاقتصادية والموارد والترفيه ايضاً، حتى لو كان الزوج هو من يعمل وهو الذي يوفر المال لأسرته. فرح الرجال والأبناء بعودة زوجاتهن وامهاتهن الى البيوت، والكثير منهم عبر عن تقديره العميق للدور المهم الذي تقوم به المرأة في المنزل دون أن يشعر بها أحد، ودون أن يقدر مجهودها أحد. أحدهم أفاد بأنه كان على وشك أن يطلق زوجته بسبب عصبيتها الزائدة وعدم تمكنه من التأقلم مع شعورها بالضيق وجرحها الكبير بسبب عدم تقديره لعملها الدائم في المنزل ولرعاية الأولاد، وصرح بأنه الآن وبعد خوض التجربة يشعر بها جداً ويقدر كل ما كانت تقوم به في المنزل ويتفهم عصبيتها جراء إهماله وإهمال اطفاله في المحافظة على نظافة منزل ظلت السيدة طوال النهار تعمل على نظافته وترتيبه. الفكرة جميلة بحد ذاتها، ولو جئنا وطبقناها في مجتمعنا الذي يحتاج بشدة للشعور بما تفعله النساء في المنازل حتى ولو اختلفت الأمور قليلاً، فالمرأة الفرنسية لا تلازمها خادمة طوال النهار والليل ولا توكل مهمة تغذية الأطفال ولا نظافتهم ولا الذهاب بهم الى الطبيب ولا تنويمهم في سرائرهم مع حكاية صغيرة هادفة كل ليلة (الى الخادمة) لأنها تفعل كل ذلك بنفسها وإذا احتاجت الى خدمات تقوم بالاستعانة بجليسة اطفال أو خادمة بالساعة. لا أعلم حقيقة أين تكمن مشكلتنا بالتحديد؟ لماذا فعلاً لا نعمل في بيوتنا بأنفسنا؟ أعلم ان الكثيرات يقمن بكل ذلك، وأعلم أن اضاعفهن يوكلن بمهماتهن الى الخادمات لا تودع اطفالها الى المدرسة ولا تستقبلهم عندما يعودون لا تطبخ الطعام لزوجها وليس هناك جدول محدد للأسرة. عودة لموضوع الإجازة الزوجية المهمة جداً في الحياة الزوجية أحياناً عندما نعتاد على وجود أفراد معينين يتقهقر شعورنا بأهميتهم في حياتنا على رغم انهم قد يكونوا صمام الأمان بالنسبة لنا. ماذا لو جاء بالبرنامج وتم اختيار مجموعة من النساء «المفحوتات» في العمل واللاتي فقدن كل متعة في الحياة بسبب الجدول الروتيني اليومي والخالي من التقدير ماذا سيكون رد فعل الأزواج أسمعهم يقولون بعيداً عن عائق السفر والتصريح (إجازة لمدة اسبوع وللمغرب... بعد)؟! [email protected]